Author

محمود العربي

|
قبل أيام رحل عن عالمنا رجل الأعمال المصري الملياردير محمود العربي؛ ولم يكن هذا الخبر في حد ذاته هو المدهش، بل كانت كل الدهشة تكمن في الحشود الهائلة التي توافدت في جنازته والأيادي الممتدة بكل لهفة، لتحظى بشرف حمل نعشه نحو مثواه الأخير، ورغم كل احترازات كورونا إلا أن الناس خاطرت بأرواحها لتشارك في وداعه الأخير. منظر مهيب لعشرات الآلاف من الأشخاص وهم يتزاحمون في المسير خلف جنازة شخص أجمع الناس على محبته وذكره بالخير، ثم كانت الدهشة الأخرى في وسائل التواصل الاجتماعي، ونحن نقرأ إجماع الناس على الثناء عليه وامتداح صفاته وذكر مواقفه الإنسانية مع كل من تعامل معه، خصوصا طريقته مع موظفيه التي كانت قائمة على الاحترام والإنسانية، لا على المركزية والتسلط والديكتاتورية رغم أنه صاحب العمل.
نشأ محمود العربي في أسرة ريفية بسيطة ولم يحصل على شهادة جامعية، حيث اقتصر تعليمه على الكتاتيب. في عمر تسعة أعوام اشتغل بائعا في أحد المحال في القاهرة، واشتهر بحسن خلقه مع الزبائن وبأمانته، ثم بدأ مجال التجارة الشخصية من خلال محل للألوان والأدوات المكتبية ونجح فيه بمهارة فائقة، واستمر في تحقيق النجاح حتى عام 1975، حيث سافر إلى اليابان واستطاع الحصول على وكالة استيراد الأجهزة الكهربائية من "توشيبا"، ليكون وكيل 22 دولة فيما بعد. إمبراطورية مالية عظيمة لرجل ريفي بسيط قاده الشغف إلى حيث أراد أن يكون بتوفيق الله تعالى، وبعد أن كان مجرد عامل في محل أصبح مديرا لأكثر من 22 ألف موظف وموظفة. في أحد اللقاءات لمناقشة كتابه "سر حياتي" تحدث عن تلك الفترة التي قضاها كعامل في أحد المحال لمدة 15عاما، وكان يتقاضى راتبا شهريا أربعة جنيهات فقط، يقول "كان أمام المحل الذي أعمل فيه محل كبير له خمسة أبواب اسمه محل البرنسيس، فكنت أدعو الله يوميا، وأقول: يا رب ارزقني 100 ألف جنيه ومحل البرنسيس، فسمعني يوما صاحب العمل، فقال لي من يطلب الله يطلب شيئا معقولا، فقلت له: طموحي ليس له حدود، وخزائن رزقه ليس لها حدود"، ودارت الأيام فأصبح محمود العربي؛ مليارديرا وامتلك عشرات الشركات والمحال.
سر نجاح هذا الرجل يكمن في حسن ظنه بالله، ثم في قوة إيمانه بطموحه، ومطاردته الشغف الداخلي، وعدم استعجاله النتائج.
وخزة:
السيرة الذاتية الحقيقية هي التي تتركها خلفك بعد رحيلك عن الدنيا!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها