FINANCIAL TIMES

نهج شركات التشفير المتهور لن يجدي نفعا

نهج شركات التشفير المتهور لن يجدي نفعا

تحاول شركة كوينبيز تجاوز الحواجز مرة أخرى. فبعد أن أصبحت أول بورصة رئيسة للعملات المشفرة تحصل على إدراج عام، تسعى الشركة الأمريكية إلى جمع 1.5 مليار دولار من الديون طويلة الأجل في لحظة فاصلة أخرى بالنسبة للقطاع الناشئ.
قد يكون من الحكمة اتباع نهج هادئ للغاية أثناء جمع الأموال من المستثمرين المؤسسين. بدلا من ذلك، اختار برايان أرمسترونج، الرئيس التنفيذي لشركة كوينبيز، الأسبوع الماضي عمدا خوض معركة مع لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.
متذمرا مما دعاه "بعض التصرفات الغامضة للغاية" من قبل هيئة الرقابة، غرد أرمسترونج 21 تغريدة شديدة اللهجة كاشفا فيها أن لجنة الأوراق المالية والبورصات هددت بمقاضاة شركة كوينبيز إذا مضت قدما بخططها التي تتيح للعملاء الحصول على فائدة من خلال السماح لهم بإقراض أصولهم الرقمية.
تدعي لجنة الأوراق المالية والبورصات أن المنتج الجديد يعد ورقة مالية، ما يعني أنه ينبغي تسجيله لدى هيئة الرقابة واتباع إجراءات معينة. لكن شركة كوينبيز تعارض ذلك: "كيف يمكن للإقراض أن يكون ورقة مالية؟". كما غرد أرمسترونج. "من الذين يقومون بحمياته هنا وأين الضرر؟".
شركة كوينبيز ليست أول مجموعة تشفير كبرى تعارض الرقابة: دخلت شركة بينانس في خلاف علني مع الهيئة الاتحادية للرقابة المالية الألمانية حول رموز الأسهم التي أدعت الهيئة الألمانية أنها أوراق مالية، فيما تقول هيئة المنظمين البريطانية أن فرعها البريطاني فشل في الرد على الاستفسارات الأساسية حول منتجات وهياكل المجموعة الأوسع.
وجهة نظر أرمسترونج المتشائمة تجاه الهيئات الرقابية مشتركة بشكل كبير بين المجموعات التكنولوجية التي تسعى لتعطيل الخدمات المالية. يقول أليكس ماشنسكي، الرئيس التنفيذي لشركة سيلسيوس نيتورك، التي تقدم قروضا مشفرة: "ما يريده كل هؤلاء المنظمين هو حماية نظامهم الحالي، الذي يتكون في أغلبيته من البنوك والمؤسسات المالية الضخمة".
خدمت هذه اللامبالاة تجاه القواعد صناعة التكنولوجيا وداعميها جيدا: بنت "أبل" و"جوجل" وأمثالهما شركات مربحة بشكل خيالي بهذه الطريقة. لكن المنظمين والمجتمع ككل أصبحا أقل تسامحا تجاه نهج "تحرك بسرعة وحطم الأشياء"، كما كانت شركة فيسبوك تصفه. الغطرسة تثير الغضب، خصوصا في القطاعات حيث يمكن أن يكون لتصميم منتج سيئ عواقب مميتة. تكتشف "تسلا" ذلك فيما يتعلق بالسيارات ذاتية القيادة مع تصاعد تحقيقات الهيئات التنظيمية. وينبغي لـ"أمازون" أن تضع ذلك في الحسبان وهي تحاول دخول قطاع الرعاية الصحية.
وبالفعل تقدم محكمة في كاليفورنيا الآن قصة تحذيرية عن المدى الذي يمكن أن تسوء فيه الأمور. يزعم مدعون أن الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة ثيرانوس، إليزابيث هولمز، كذبت مرارا وتكرارا واستخدمت مستندات مزورة عندما أصبحت تكنولوجيا شركتها لاختبار الدم ومبيعاتها أقل من التوقعات.
ويرد محاموها بالقول إنها "كانت تعتقد حقا وبصدق أن ذلك سيكون ناجحا" وإن "الفشل ليس جريمة". قل ذلك للمرضى الذين تلقوا نتائج مضللة من تكنولوجيا ثيرانوس المغلوطة. وسيستمع المحلفون والذين يفكرون في إصدار اتهامات بالاحتيال الإلكتروني إلى شهادات المرضى قريبا.
لطالما كانت الخدمات المالية حلا وسطا إلى حد ما، مع بعض الأنشطة المنظمة بشكل صارم، مثل تلقي الودائع وإصدار الأوراق المالية، والمزيد من الحرية في مجالات أخرى. ومن غير المفاجئ، أن معركة كوينبيز تدور حول مراقبة الحدود بين هذه الأنشطة. يجادل أرمسترونج بأنه من غير العدل أن تهدد لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية بقضية قبل أن تصدر توجيهات بشأن برامج إقراض الأصول الرقمية. واشتكى من "أن التنظيم عن طريق التقاضي ينبغي أن يكون الملاذ الأخير للجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، وليس الأول".
على مدى عقود، ظلت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية والهيئات الرقابية الأخرى تستخدم قضايا الإنفاذ لوضع معايير الصناعة، وقد تم التعامل مع التلاعب بسعر فائدة ليبور والسيولة الخفية الخادعة من خلال التقاضي كملاذ أول.
يوضح هنري هو، وهو أستاذ في جامعة تكساس ورئيس قسم لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية سابقا: "إن نهج ’حالة الرسالة‘ بسيط للغاية – يمكن للجنة الأوراق المالية والبورصات أن تتصرف بسرعة وتتجنب الاضطرار لمعرفة ما يجب أن تكون عليه الخطوط الدقيقة للتنظيم".
يتسبب هذا الأسلوب في إحداث قدر كبير من الألم للهدف، لكن الاضطرار لانتظار توضيح المنظمين للقواعد سيكون أسوأ بكثير. لجنة الأوراق المالية والبورصات بطيئة للغاية في رسم السياسات: لم تنته بعد من كتابة بعض القواعد التي طلبها الكونجرس بعد الأزمة المالية عام 2008. ويجب على صناعة التشفير معرفة هذا. فلا يزال المنظمون الأمريكيون يترددون بشأن السماح بصناديق تداول العملات المشفرة، على الرغم من وجود أكثر من نحو 20 طلبا قيد الانتظار وتضاعفت الأصول في الصناديق غير الأمريكية ثلاث مرات في الأشهر الستة حتى حزيران (يونيو) لتصل إلى تسعة مليارات دولار.
إن شركة كوينبيز وأمثالها مخطئة إذا اعتقدت أن بإمكانها هدم الحواجز الوقائية التي تبطئ الابتكار. المواجهة تقوي المقاومة فقط.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES