Author

التصالح مع النفس

|
من الطبيعي أن يعترض الإنسان في مسيرة حياته كثير من الصعوبات والتحديات سواء في نفسه أو أسرته أو مجتمعه، وهذا أمر لا مفر منه مع ما يلاحظ من تفاوت كبير بين الناس في كيفية مواجهة هذه الصعوبات والقدرة على تجاوزها بأقل الأضرار، ومن هنا تأتي أهمية التصالح مع النفس أو التصالح مع الذات، بحيث يكون الإنسان قادرا على رسم خطة عمل مع نفسه، ليحقق لها ما يطلق عليه علماء النفس مصطلح - السلام الداخلي - متجنبا الصراع مع نفسه.
تشير الدراسات العلمية إلى أن هناك مجموعة عناصر من المفترض أن يطبقها الإنسان، ليكون متصالحا مع نفسه، وليحيا حياة هانئة سوية، من أبرزها "الرضا"، بحيث يرضى بما قسم الله له سواء في رزقه أو صحته أو خلقه.
وهذا بالطبع لا يعني ألا يسعى الإنسان إلى إدراك عيوبه والعمل على تحسينها، وإنما المقصود أن يقنع بما لديه من مزايا قد لا تكون متوافرة في غيره، إذ لا يوجد شخص جيد مطلقا، كما لا يوجد شخص سيئ مطلقا. ومن تلك العناصر أن يكون الشخص متفائلا حتى في أحلك الظروف معرضا عن أي أفكار سلبية ويبث لنفسه رسائل داخلية؛ أن المقبل سيكون أفضل - بإذن الله -، كما أن عليه أن يطبق مبدأ التسامح في كل أمر يواجهه، متقبلا وجهات نظر الآخرين متغاض عن عيوبهم ونواقصهم، غير متعصب لرأيه، بعيدا عن الندم واجترار الماضي أو القلق من المستقبل، "ما مضى فات والمؤمل غيب - ولك الساعة التي أنت فيها".
إن أكبر خطأ يرتكبه الإنسان مع نفسه، أن يركز ويضخم عيوبه دون أن يلتفت إلى مزاياه، وكان الأولى أن يقدر عيوبه بقدرها، وأن يقطع الطريق على أي أفكار سلبية قد تراوده، لأنها من أبرز العوائق في تحقيق سلامه الداخلي. إنه لمن الواجب على أي إنسان سوي، أن يضع نفسه في مكانها الصحيح دون إفراط ولا تفريط، فلا يضع نفسه في مكان فوق ما تستحقه ولا في مكان تستحق أفضل منه. إن التصالح مع النفس حالة راقية سامية من الشعور الداخلي يسهل الوصول إليها إذا ما أدرك الإنسان من أين أتى وإلى أين هو سائر.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها