FINANCIAL TIMES

تعافي أوروبا يصل إلى الذروة .. تجاوزت أمريكا والصين

تعافي أوروبا يصل إلى الذروة .. تجاوزت أمريكا والصين

كريستين لاجارد

لقد بدأ الاقتصاد الأوروبي في التعافي من أزمة فيروس كورونا. في الربع الأخير تجاوز النمو في منطقة اليورو كلا من الولايات المتحدة والصين. وتم تطعيم أكثر من 70 في المائة من البالغين في الاتحاد الأوروبي بالكامل ضد كوفيد -19، بينما يأخذ الاستثمار في الازدهار والبطالة في الانخفاض.
وعلى الرغم من كل هذا أصدرت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، ملاحظة تحذيرية الأسبوع الماضي، تقول فيها "نحن لم نتخط مرحلة الخطر" وسلطت الضوء على عدد من المخاطر المتوقعة خلال الأشهر المقبلة، على الرغم من رفع توقعاتها حول النمو للمرة الثالثة على التوالي هذا العام.
يقول اقتصاديون إن الاقتصاد الأوروبي وصل إلى "نقطة الذروة" في انتعاشه من حالة ركود قياسية عقب الحرب بسبب الجائحة العام الماضي. لكنهم يحذرون من أن المنطقة تبدو على استعداد لاتباع النمط الذي شوهد في الولايات المتحدة والصين، حيث تعافتا بشكل أسرع من أزمة كوفيد -19 لكن هذا النهوض فقد زخمه أخيرا.
قال إريك نيلسن، كبير الاقتصاديين في يوني كريدت، "سنحظى بمعدل نمو جيد لمنطقة اليورو في الربع الثالث، لكن الشتاء يجلب معه احتمال الركود. مؤشرنا الرئيسي سيستمر في التراجع حتى نهاية العام، لذلك هناك إشارات تحذيرية من أن هذا الانتعاش قد لا يكون سلسا كما يعتقد الناس."
تأتي أكبر الإشارات التحذيرية من الاختناقات في سلسلة التوريد العالمية التي جعلت الشركات المصنعة تتصارع مع النقص وارتفاع أسعار كل شيء، ابتداء من أشباه الموصلات والورق وصولا إلى الفولاذ والبلاستيك.
بينما اصطف المديرون التنفيذيون في شركات صناعة السيارات في مؤتمر "آي أيه أيه موبيليتي" الأسبوع الماضي في ميونيخ للتحذير من عدم رؤيتهم لنهاية وشيكة لمشكلة نقص الرقائق التي أجبرتهم على إغلاق خطوط الإنتاج وخفض إنتاجهم 30 في المائة من مستوياتها ما قبل الجائحة. قال أولا كالينيوس، الرئيس التنفيذي لشركة دايملر، "أعتقد أن الربع الثالث سيصل إلى أدنى مستوياته، وبعد ذلك سنبدأ في الصعود مرة أخرى في الربع الأخير".
جيل مويك، كبير الاقتصاديين في أكسا، عد، "القضايا المتعلقة بجانب العرض هي مشكلة بالتأكيد. فقط انظر إلى الفجوة الحاصلة بين الطلبيات والإنتاج في شركات صناعة السيارات الألمانية، فهي هائلة، وجزء كبير من الطلب لا يتم تلبيته، لذا نحن نخسر بعضا من الإنتاج".
أضاف أن مشكلات سلسلة التوريد يمكن أن تضر بالإنفاق الاستهلاكي في حال أدى ذلك إلى ارتفاع التضخم في منطقة اليورو، الذي ارتفع بالفعل إلى أعلى مستوى له منذ عقد من الزمن عند نسبة 3 في المائة في آب (أغسطس)، ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع لعدة أشهر أخرى. "لقد بدأنا نرى تأثير ذلك في المستهلكين في الولايات المتحدة ويمكن لهذا الأمر أن يحدث هنا في أوروبا أيضا".
الخطر الثاني على تعافي أوروبا هو إذا تسبب المتحور دلتا أو أي سلالة أخرى في إحداث موجة ضارة أخرى من عدوى كوفيد -19، بغض النظر عن ارتفاع مستويات التطعيم.
قالت لاجارد، "لم يتطلب انتشار المتحور دلتا حتى الآن إعادة فرض إجراءات الإغلاق، لكنه قد يبطئ انتعاش التجارة العالمية وإعادة الانفتاح الكامل للاقتصاد".
لقد تضاعف عدد المرضى المصابين بفيروس كورونا في العناية المركزة في ألمانيا خلال الأسبوعين الماضيين، على الرغم من أنه لا يزال أقل كثيرا من مستويات الذروة السابقة. في فرنسا، حذر معهد باستير الأسبوع الماضي من أن رفع جميع القيود المتبقية من شأنه أن "يؤدي إلى ضغط كبير على النظام الصحي"، هذا بالتزامن مع تسجيل أكثر من خمسة آلاف حالة دخول إلى المستشفى يوميا - أكثر مما كانت عليه أثناء ذروة انتشار الفيروس في العام الماضي.
هناك خطر آخر على اقتصاد منطقة اليورو الذي مرتبط بالتصدير، وهو أن التباطؤ الأخير في الولايات المتحدة والصين يمكن أن يؤثر في النمو في هذه الكتلة.
على الرغم من هذه المثبطات في الأفق، إلا أن هناك تفاؤلا على نطاق واسع بأن الأسوأ في أزمة كوفيد -19في أوروبا قد انتهى وأن المنطقة مهيأة لبضعة أعوام من النمو القوي، قال البنك المركزي الأوروبي إنه سيصل إلى 5 في المائة هذا العام و4.6 في المائة في عام 2022.
قالت دانييلا أوردونيز، الخبيرة الاقتصادية في أكسفورد إيكونوميكس، إن أوروبا وصلت إلى "نقطة تحول" في انتعاشها من أزمة فيروس كورونا، مضيفة، "لقد بدأت المناقشات حول حقبة ما بعد الوباء حيث يسير الانتعاش الاقتصادي الآن على قدم وساق".
رفعت وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي رقمها لنمو منطقة اليورو في الربع الثاني إلى 2.2 في المائة الأسبوع الماضي، قائلة إن أغلبية هذا الارتفاع جاء من قفزة 3.7 في المائة في الإنفاق الأسري. كما أن الإنفاق الحكومي والاستثمار من قبل الشركات كانا أعلى أيضا، في حين كان انخفاض المخزونات هو العائق الطفيف الوحيد.
قالت سيلفيا أرداغنا، كبيرة الاقتصاديين الأوروبيين في باركليز، "فيما يتعلق بالزخم نحن في نقطة الذروة، لأن النمو سيظل قويا وفقا للمعايير الأوروبية حتى العام المقبل. بعض القطاعات لم تلحق بمستوياتها قبل الجائحة حتى الآن، وهناك كثير من المدخرات الفائضة التي يتعين علينا إنفاقها وسوق العمل تتحسن بشكل أسرع من المتوقع".
انخفضت معدلات البطالة في منطقة اليورو من 8.5 في المائة بعد الجائحة العام الماضي إلى 7.6 في المائة في تموز (يوليو)، رغم وجود نحو 900 ألف شخص عاطلين عن العمل وهذا أكثر مما كان عليه قبل الأزمة، بينما يعتمد كثيرون على برامج الإجازة لكسب العيش. في الوقت نفسه، استفادت دول جنوب أوروبا من انتعاش قوي في السياحة أكثر من المتوقع خلال موسم الصيف.
ويتوقع معظم الاقتصاديين أن تحافظ الحكومات الأوروبية على سياستها المالية الداعمة في العام المقبل - خاصة أن كلا من ألمانيا وفرنسا تستعدان لانتخابات. ستأتي دفعة أخرى من صندوق نيكست جينيرايشن للتعافي، التابع للاتحاد الأوروبي، الذي تبلغ قيمته 800 مليار يورو، حيث بدأ المال في التدفق إلى الخزائن الوطنية.
قالت لاجارد إن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو يسير على الطريق الصحيح لاستعادة مستوى ما قبل الجائحة بحلول نهاية العام - وهي غاية حققتها بالفعل الولايات المتحدة والصين أيضا، ومن غير المرجح أن تصل إليها المملكة المتحدة قبل العام المقبل.
مع ذلك قال نيلسن، من يوني كريدت، إن الاختبار الحقيقي لمنطقة اليورو هو مدى السرعة التي ستغلق بها الفجوة الحاصلة في الإنتاج من خلال العودة إلى المستوى الذي كان من المتوقع أن تحققه قبل اندلاع الأزمة، الذي قال إنه أمر غير مرجح حتى عام 2023. وحذر من أن "الأمور يمكن أن تستقر عند هذا المستوى لوقت طويل قبل العودة إلى مسار ما قبل الجائحة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES