FINANCIAL TIMES

قطاع السياحة الأوروبي يتنفس الصعداء .. عاد المصطافون بالملايين

قطاع السياحة الأوروبي يتنفس الصعداء .. عاد المصطافون بالملايين

تنبئ السماء المزدحمة فوق جزر البليار الإسبانية بأخبار اقتصادية جيدة لجنوب أوروبا - بعد موسم 2020 الكارثي، أصبح قطاع السياحة في طريقه إلى التعافي.
كان عدد المسافرين جوا في تموز (يوليو) 2.4 مليون مسافر من وإلى مايوركا، وهو أكثر من ضعف العدد في الشهر نفسه في 2020، على الرغم من أنه لا يزال أقل أكثر من 40 في المائة مما كان عليه في 2019.
في بلدة سيوتاديلا القديمة في مينوركا المجاورة، اصطف السياح في طوابير للحصول على طاولات في عشرات المطاعم كل ليلة أثناء انتظارهم لتناول عشاء من الأطباق المحلية مثل الباذنجان المحشو وحساء الكركند.
تدفق الزوار انعكس ارتياحا كبيرا في الأرخبيل، الذي عانى انخفاضا 24 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، حين منعت قيود فيروس كورونا المصطافين من السفر.
قالت ماريا فرونتيرا، رئيسة اتحاد فنادق مايوركا، "سارت الأمور بشكل أفضل بكثير مما كنا نتوقعه قبل خمسة أشهر"، مضيفة أن نحو 90 في المائة من موظفيها كانوا متاحين للعمل في آب (أغسطس)، أي أكثر من ضعف النسبة في أيار (مايو).
قطاع السياحة في جنوب أوروبا خشي من أن يفوته الصيف الثاني على التوالي. لكنه بدلا من ذلك، تجنب تكرار كابوس 2020 حتى لو ظلت العودة إلى مستوى ما قبل الجائحة بعيدة بعض الشيء.
قال بيبي دياز، الذي يدير ثلاثة فنادق في مينوركا، "كان عام 2020 كارثيا، لكن هذا العام انتقلنا من فترة غير عادية في أيار (مايو) إلى فترة استثنائية من تموز (يوليو) إلى آب (أغسطس)، وبحلول 2022 نتوقع أن تحقق فنادقنا أداء أفضل مما كانت عليه في 2019".
هذا المزيج مختلف عن الأعوام السابقة. فاق عدد السائحين من كل من فرنسا وألمانيا عدد السائحين من المملكة المتحدة، حتى في إسبانيا التي هي وجهة مفضلة لدى البريطانيين تقليديا. لقد تفوقت الشواطئ في الأداء على مدن الوجهات السياحية، بينما تعافى الطرف العلوي من السوق بقوة أكبر من الوجهات الاقتصادية أو التي تقصدها العائلات.
بشكل عام، الملايين الذين بقوا في منازلهم العام الماضي سافروا هذا الصيف، وتم إطلاق العنان للمدخرات المكبوتة والتوق إلى السفر إلى الخارج بسبب انتشار تلقي اللقاح بشكل واسع النطاق والقيود المخففة.
قال ألان فرينش، الرئيس التنفيذي لشركة توماس كوك، التي أعيد ابتكارها شركة عبر الإنترنت، بعد انهيارها في 2019، "يرغب الناس إما في الهروب الآن وإما التخطيط للمستقبل للصيف المقبل (...) لا تزال اليونان الوجهة الأكثر رواجا لدينا، تليها جزر الكناري وجزر البليار ومايوركا على وجه الخصوص"، مضيفا أن 80 في المائة من الحجوزات كانت لفنادق أربع نجوم وما فوق.
في الواقع، السفر الفاخر مزدهر. ارتفع عدد ركاب الطائرات الخاصة من وإلى مايوركا في تموز (يوليو) أكثر من الثلثين عما كان عليه في الشهر نفسه عام 2019، بمتوسط 83 طائرة خاصة تصل أو تغادر يوميا.
من ناحيته، قال بيبي جارسيا أوبرت، الذي يدير إم بي 92، أكبر مجموعة لتجديد اليخوت الفاخرة في العالم، من المستحيل عمليا الآن استئجار يخت.
قالت ماريا جيسوس فرنانديز، الخبيرة الاقتصادية في مؤسسة بنوك الادخار الإسبانية، إن الموسم السياحي الأفضل من المتوقع من المرجح أن يضيف ما يصل إلى 0.2 في المائة إلى النمو الإجمالي للبلاد هذا العام، الذي تتوقعه الآن عند نحو 6.5 في المائة.
من المرجح أن تكون الفوائد الاقتصادية محسوسة أكثر في اليونان التي أبلغت عن نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.4 في المائة في الربع الثاني وتتوقع أن يكون الأداء أفضل في الربع الثالث، على الرغم من اضطرارها لمواجهة حرائق الغابات المدمرة وكذلك الوباء.
قال يانيس ريتسوس، رئيس اتحاد السياحة اليوناني، "في أيار (مايو) كنا نقول إننا إذا تمكنا من الوصول إلى 40 في المائة من حجوزات 2019، فسنكون محظوظين للغاية. اعتبارا من بيانات اليوم وبعد الحجوزات في أيلول (سبتمبر)، سنتجاوز 50 أو حتى 60 في المائة إذا لم يحدث تطور غير متوقع للوباء".
في الوجهات الرئيسة مثل كورفو، تعمل الفنادق بنسبة إشغال تراوح بين 80 و90 في المائة وتتقاضى أسعارا أعلى من أسعار عام 2019، وفقا لاتحاد الفنادق في الجزيرة. أظهرت بيانات من يوروكونترول أن الحركة الجوية اليونانية في آب (أغسطس) كانت نحو 90 في المائة من المستوى في الشهر نفسه عام 2019.
لكن في أماكن أخرى، كانت الفوائد الاقتصادية بعيدة كل البعد عن كونها ساحقة. أشار مسح أجراه الاتحاد الوطني الفرنسي لمنظمات السياحة إلى صورة محسنة في معظم أنحاء البر الرئيسي. وخلص إلى أن "هذا التفاؤل يجب أن يخفف من حقيقة أن الأرقام لا تزال منخفضة حتى خلال عام 2019. الأعداد الجيدة جدا من العملاء الفرنسيين (...) لم تعوض بشكل كامل عن انخفاض عدد الأجانب في معظم مناطق فرنسا".
هناك أيضا مخاوف دائمة بشأن الوباء. أثارت عدوى المتحور دلتا، إلى جانب الطقس البارد والعودة إلى المدارس، مخاوف بشأن الشتاء المقبل.
قال فيليب ميسون، الرئيس التنفيذي لشركة الرحلات السياحية، جيت2، إن نظام إشارات المرور في المملكة المتحدة لتحديد ما إذا كان يتعين على المسافرين العزل عند العودة تسبب في "حالة عدم يقين مستمرة على المدى القصير". أضاف أن العملاء كانوا يحجزون "في وقت قريب جدا من موعد المغادرة"، ما يجعل من الصعب على شركات السفر قياس الطلب. من المقرر مراجعة النظام في مطلع تشرين الأول (أكتوبر).
في غضون ذلك، بدأت بالفعل الحجوزات لفصل الصيف المقبل، حيث يراهن المستهلكون على العودة إلى موسم العطلات المعتاد. تقول كل من "جيت2" و"توي" إن الحجوزات للعام المقبل تفوق ما كانت عليه في 2019.
لكن قطاع السياحة والعطلات يتوخى الحذر. قال فرونتيرا، من اتحاد الفنادق في مايوركا: "لقد تغيرت قواعد اللعبة. نحن بحاجة إلى إيجاد توازن - سياحة أكثر استدامة وقيمة وليس حجما. لأنه على المدى القصير أو المتوسط، لا يبدو أن هذا الوباء سيختفي".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES