default Author

أنت وذاتك

|
تقف أمام المرآة لتصلح من هندامك وترتب شعرك، وعندما تحدق جيدا ترى ذلك الشخص الماثل أمامك إما سعيدا، وإما حزينا، أو قلقا من أمر ما فتبدأ بحوار معه، مع ذاتك، ورغم ذلك تحصل على الإجابات من صوت آخر خارج من أعماقك، ويستمر الحوار بينك وبينه لا يقطعه إلا حدوث أمر خارجي.
حياتك ليست سوى أفكار، وصور، ومشاعر تجول بخاطرك، في صالات الانتظار، وأنت على مكتبك تنهي بعض الأعمال، وأحيانا في بعض الاجتماعات، وفي قاعة الدرس تشعر أنك تنتقل لا إراديا إلى مكان وعالم آخر، فتنفصل عمن حولك لتجري مع نفسك حوارا ذاتيا تناقشها، تراجع الأحداث معها، توجهك أحيانا أو تعرض أمامك عدة خيارات لتختار ما يصلح لك.
وهذا ما يعرف علميا بـ"الحديث الداخلي" للتعبير عن هذه الظاهرة، التي يتحدث الناس فيها إلى أنفسهم في صمت وداخل عقولهم فقط، أما "الحديث الخاص" فيختلف قليلا، ففيه يتحدث الناس إلى أنفسهم بصوت مسموع.
وجد علماء النفس أن التحدث إلى النفس يساعد الشخص على التخطيط، وتنظيم مشاعره، والإبداع، لذا أولوه جل اهتمامهم في الأعوام الأخيرة، وساعدهم على ذلك تقنيات التصوير الطبي بالرنين المغناطيسي، حيث أثبت أن هذا الحوار العقلي يستخدم أجزاء مختلفة من الدماغ تلك التي لها علاقة باللغة والأخرى التي لها علاقة بالإدراك، كما نشط أجزاء من الدماغ لها علاقة بنظام الإدراك الاجتماعي، يقول عالم النفس الروسي فيجوتسكي "إن الناس عندما يتحدثون إلى أنفسهم، فهم يجرون حديثا فعليا أي كأنك تحاور شخصا آخر".
يلعب هذا الحديث الداخلي، الذي يجري بين تلافيف دماغك، دورا مهما وبارزا في حياتك، فهذه الأفكار، التي تدور في عقلك، هي مصدر العواطف والمزاج، وجل تصرفاتك واردات فعلك، فهي تؤثر في مشاعرك تجاه ذاتك وكيفية استجابتك للأحداث في حياتك التي قد تكون مدمرة أو مفيدة.
لذا فالحديث الذاتي الإيجابي هو أداة قوية لزيادة الثقة بالنفس والحد من المشاعر السلبية، ويعتقد أن الناس، الذين يستطيعون إتقان الحديث الذاتي الإيجابي يكونون أكثر ثقة، وإبداعا وأغزر إنتاجا، على الرغم من أن الحديث الذاتي الإيجابي يأتي بشكل طبيعي للبعض، فإن معظم الناس بحاجة إلى تعلم كيفية زراعة الأفكار الإيجابية وتبديد تلك السلبية. أما الأحاديث السلبية فقد تنمو داخل البعض مثل كرة الثلج تبدأ صغيرة وتتضخم مع الوقت، فتسبب لك الهم والحزن والقلق الذي قد يقضي عليك، لذا درب نفسك على إجراء الأحاديث الذاتية الإيجابية، اجعله سلاحك الذي تحارب به مشاعرك وأفكارك السلبية وهزائمك النفسية.
إنشرها