Author

فن الإقناع والتأثير

|
ما من شك أن القدرة على اقناع الآخرين والتأثير فيهم هو مطلب للجميع، فهو مطلب للأب حين يتحدث مع أبنائه وللبائع مع زبائنه وللأستاذ مع طلابه وللخطيب أمام مستمعيه، بل ولكل من تصدر الحديث. لو نظرنا إلى تعريف الإقناع اصطلاحا لاتضح لنا أنه فن مخاطبة الآخرين بالاعتماد على طلاقة اللسان والقدرة على التعبير والبيان وترتيب الأفكار وتدفق المعاني والكلمات، وهو فن يختلف من شخص إلى آخر تبعا للمواهب الفطرية والقدرات المكتسبة طوال الحياة.
أما التأثير فهو نشاط موجه يتضمن غرضا هو تغيير أفكار أو سلوك أو توجهات الآخرين نحو هدف معين أو سلوك عبر تحويل آرائهم أو كسب رضاهم. يهتم كثيرون بمهارات التأثير والإقناع، صحيح أنها في أصلها فطرية جبلية، ولكن ثبت أيضا أنها مهارة يمكن تعلمها والتدرب عليها فهي من أكثر الطرق وأنفعها في حل المشكلات وكسب ثقة الآخرين دون الحاجة إلى ترغيب أو ترهيب.
ويرصد الخبراء عددا من الأمور التي ينبغي التحلي بها لنجاح الإنسان في التأثير في الآخرين وإقناعهم بما يريد، ويأتي الإخلاص والاقتناع الداخلي بالموضوع على رأس القائمة، إذ لا مجال لإقناع الآخرين بأمر يكون الشخص أصلا غير مقتنع به في قرارة نفسه، فالناس يدركون لا محالة الكلام الذي يخرج من القلب والكلام الذي يخرج من اللسان، لأن الإخلاص وإن كان شيئا داخليا إلا أن له دلائل تدل عليه في لهجة المتحدث أو قسمات وجهه وغير ذلك، ثم إن على المتحدث أن يضبط إيقاعات صوته فلا يكون مرتفعا فينفر منه ولا منخفضا فلا يسمع، وعليه أن يلتزم بالوقت المحدد فلا يطيل فيمل ولا يختصر فيخل.
وعلى الخطيب والمدرس ونحوهما ألا يقرأوا من ورقة بل يقدمون حديثهم مشافهة، وإن لزم الأمر فوريقة فيها رؤوس العناوين التي سيتحدثون عنها. وعلى من يريد الإقناع والتأثير أن يكون حديثه بلغة واضحة خالية من الأخطاء اللغوية والنحوية، ولكن دون تكلف أو تقعر، وعلى المتحدث أن يعمل جاهدا أن يكون قريبا من المتلقين ويضع نفسه وكأنه واحد منهم لا يملي عليهم الأوامر وإنما يتبادل معهم الآراء، ويحيي ردود أفعالهم، فالشخصية المقنعة المؤثرة هي تلك الشخصية التي تستحوذ على عقول الناس وقلوبهم من خلال محبتها لهم ومحبتهم لها.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها