Author

كفاءة الطاقة ودورها في تعزيز جودة الحياة

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
أقر مجلس الوزراء تحديد مقابل مالي سنوي لإصدار وتجديد رخص سير المركبات، بحسب كفاءتها في استهلاك الوقود، وتضمن القرار تقسيم المركبات إلى قسمين: الأول، مركبات خفيفة مصنوعة في 2016 وما يليها، والثاني، مركبات خفيفة مصنوعة في 2015 وما قبلها والمركبات الثقيلة، حيث تراوح قيمة المقابل المالي ما بين 50 و190 ريالا حسب كفاءتها في استهلاك الوقود، وأشار القرار إلى أنه سيتم توريد المقابل المالي إلى الخزينة العامة للدولة، ويتم قيده كإيرادات لكفاءة الطاقة.
هذا القرار يأتي بعد مجموعة من الإجراءات والمبادرات الخاصة بكفاءة الطاقة التي مكنت من الحد من تزايد تكلفة استهلاك الطاقة محليا، ما يخفف الأعباء المالية الدورية على المستهلك، ويخفف الأعباء الخاصة بإنتاج الوقود والمبالغة في استهلاكه محليا، ما يمثل عبئا على الاقتصاد الوطني، كما أنه يعزز جودة الحياة بتخفيف الانبعاثات التي أضرت بالبيئة خصوصا في المدن الكبرى في المملكة، ويحد من التلوث. من الأمور التي أشار إليها القرار وهي تمثل تحولا في دور المركز السعودي لكفاءة الطاقة والجهات ذات العلاقة به، باعتبار أن هذا الإيراد قد تستفيد منه أي جهة لها علاقة ببرامج كفاءة الطاقة في المجتمع في المملكة، هو أن هذه الإيرادات ستقيد كإيرادات للمركز السعودي لكفاءة الطاقة، وهذا يمكن أن يعزز من قدرات المركز، ليكون أكثر فاعلية في تقديم مجموعة من البرامج التي يمكن من خلالها دعم كفاءة الطاقة، حيث كان للمركز مبادرات أسهمت في الحد من انتشار الأجهزة الأقل كفاءة في استهلاك الطاقة من خلال الإلزام بوضع معلومات تعرف المستفيد بحجم استهلاك الوقود للمركبات والأجهزة الكهربائية، ما ساعد المستفيد على اختيار الجهاز الذي يوفر عليه كثيرا في استهلاك الوقود أو الطاقة عموما، ويخفف من مصاريفه الشهرية من خلال الاختيار المناسب للمركبة أو لأجهزته الكهربائية، كما أن هذا البرنامج كان له دور في الحد من بيع الأجهزة الكهربائية خصوصا أجهزة التكييف، التي تأخذ الحصة الكبرى من فاتورة الكهرباء للمنازل والأماكن المغلقة، سواء المساجد أو المولات أو المقار الحكومية، وهذا يضاعف من حجم الاستهلاك للطاقة محليا، كما أن البرامج التوعوية التي يقدمها المركز كان لها دور في توعية كثير من أفراد المجتمع للحد من استهلاك الكهرباء والطاقة، حتى شمل ذلك كثيرا من التفاصيل التي تصل إلى الإطارات نفسها، حيث توضع علامات تدل على أن الإطارات من فئات محددة يمكن أن توفر في استهلاك الوقود، وهذا عمل كبير يعود بالمنفعة على المستهلك والمجتمع والأجيال المقبلة عامة، إذ إن الاستهلاك الكبير للطاقة والانبعاثات أصبحت اليوم خطرا يهدد العالم، وأصبحت المدن الكبرى ترتفع بها نسب التلوث بما يضر بالصحة العامة للمجتمع، هذا إضافة إلى تأثيره في الإنسان، فهو يتحول إلى تكلفة اقتصادية وضغط كبير على الخدمات الصحية، بما يحد من قدرة المنشآت الصحية من تقديم الخدمة التي يحتاج إليها كل مواطن.
وجود موارد للمركز السعودي لكفاءة الطاقة يمكن أن تعزز من قدرته على تقديم برامج عملية، على غرار ما يتم حاليا من تمكين المواطن من استبدال الأجهزة القديمة للتكييف بأخرى جديدة بكفاءة عالية، مع تحمل جزء من تكلفة الجهاز الجديد بمقدار 900 ريال للجهاز الواحد، ومن الممكن أن تكون هناك برامج تدعم التوسع في الاستفادة من الطاقة الشمسية على مستوى الأفراد والمؤسسات والمراكز التجارية وغيرها من خلال دعم تخفيض تكلفة تركيب الألواح الشمسية، سواء في البيوت أو المراكز التجارية، إضافة إلى تشجيع تركيبها في المساجد والأماكن العامة لتخفيف الاعتماد على الوقود، كما يمكن دعم الفئات الأقل دخلا من خلال التعاون مع حساب المواطن لاستبدال المركبات القديمة التي تستهلك كثيرا من الوقود بمركبات أقل في استهلاك الوقود، وذلك من خلال تحمل جزء من التكلفة أو تحمل تكلفة التمويل إلى حد معين من سعر المركبة على غرار ما تقدمه وزارة الإسكان حاليا للمستفيدين. كما يمكن أن يستفاد من هذه الرسوم في تعزيز قدرات المركز السعودي لكفاءة الطاقة البحثية من خلال بناء القدرات واستقطاب الكفاءات وابتعاثهم وتوظيفهم في مجالات اهتمام المركز، وتقديم الدورات للمستفيدين من الشركات والمنافذ التجارية وعموم الأفراد، ما ينتج عنه نشر ثقافة الإسهام في تخفيف الانبعاثات الضارة على البيئة والحياة في المملكة.
الخلاصة، إن الرسوم، التي ستفرض على المركبات الأقل كفاءة في استهلاك الوقود، يمكن أن يكون لها دور في توسيع برامج المركز السعودي لكفاءة الطاقة، كما تمثل دعما يمكن الاستفادة منه في تعزيز كفاءة المركز البحثية وقدرته على نشر ثقافة كفاءة الطاقة في المجتمع.
إنشرها