تنطلق اليوم أعمال الاجتماع الـ20 لوزراء الطاقة في مجموعة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها المستقلين المعروفة باسم "أوبك+" عبر الفيديو برئاسة الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة والرئيس المشارك ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي.
ويبحث الاجتماع أحدث بيانات العرض والطلب والمخزونات في ضوء انتشار الإصابات الجديدة بمتحور دلتا، إضافة إلى تداعيات أزمة الإنتاج الأمريكي الراهنة بسبب إعصار إيدا وذلك وسط توقعات في السوق النفطية بمضي مجموعة "أوبك+" قدما في ضخ الزيادات الإنتاجية المتفق عليها في تموز (يوليو) الماضي والبالغة 400 ألف برميل يوميا.
يأتي ذلك في وقت سجلت فيه أسعار النفط الخام تراجعا أمس، في ظل مخاوف من أن يؤدي انقطاع الكهرباء والفيضانات في ولاية لويزيانا الأمريكية جراء الإعصار إيدا إلى تراجع الطلب على الخام من مصافي التكرير.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن العقود الآجلة للنفط الخام تراجعت بعدما اقتنص المستثمرون فرص بيع وسط تأثير إعصار إيدا الواسع على تقليص الإنتاج الأمريكي، لافتين إلى أن التراجعات السعرية للنفط تعود أيضا إلى جني الأرباح والمخاوف المستمرة من متغير دلتا الفيروسي في جميع أنحاء العالم.
وذكر المختصون أن الزخم الهبوطي المتزايد لأكبر مستورد ومنتج نفط في العالم كان له تأثير واسع في زيادة التوترات في السوق وتنامي المخاوف من الحجم الفعلي والنهائي للخسائر والأضرار الواقعة على المنشآت النفطية جراء الإعصار.
وقال سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، إن الضغوط الهبوطية على الأسعار قد تتسع إذا قامت مجموعة "أوبك+" بإقرار الزيادة الإنتاجية الشهرية في اجتماع اليوم بالتزامن مع استمرار معاناة طلب المصافي الأمريكية المتأثرة بشدة من إعصار إيدا.
وأشار إلى قيام شركات الطاقة الأمريكية بإغلاق ما يصل إلى 1.7 مليون برميل يوميا أو 95.7 في المائة من إنتاج النفط الخام - بحسب بيانات أمريكية – كما أنه بسبب الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة والفيضانات والرياح الإعصارية تم إغلاق ما يقرب من 12 في المائة من إجمالي طاقة التكرير الأمريكية، لافتا إلى تقديرات لوكالة بلاتس تشير إلى أن نحو 2.2 مليون برميل يوميا من طاقة التكرير معطلة بسبب العاصفة.
من ناحيته، أكد روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات أن الأنظار تتجه بقوة إلى اجتماع تحالف "أوبك+" اليوم الذي من المقرر أن يحدد مستوى الإنتاج في أيلول (سبتمبر) الجاري وذلك وسط دعوات متكررة من الولايات المتحدة لزيادة إمدادات النفط الخام لخفض أسعار البنزين.
وأشار إلى أن سوق النفط تعاني تذبذبات سعرية متلاحقة بسبب غياب اليقين والتوترات في السوق في ضوء الارتفاع المستمر في عدد حالات الإصابات بمتغير دلتا من فيروس كورونا على مستوى العالم واستمرار معاناة الطلب العالمي التي أضيف إليها انتهاء موسم القيادة الصيفي والعطلات.
من جانبه، أوضح ماركوس كروج كبير محللي شركة أيه كنترول لأبحاث النفط والغاز أن المستثمرين يراقبون من كثب اجتماع "أوبك+" اليوم بحثا عن إشارات حول خطة إنتاج النفط الخام في الشهور المقبلة من قبل المجموعة وذلك في ظل رصد حالة من تباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي جراء ضغوط انتشار موجة جديدة وأكثر شراسة من الجائحة.
وذكر أن احتمال التزام مجموعة "أوبك+" بمستوى الإنتاج الحالي آخذ في الارتفاع وهو ما يعني إرجاء الزيادة الشهرية المقررة مسبقا وقدرها 400 ألف برميل يوميا لحين تحسن مؤشرات السوق وتجاوز ذروة الوباء واستقرار طلب المصافي الأمريكية بعد احتواء إعصار إيدا وهو من الإعصارات الأكثر خطورة في الأعوام الأخيرة.
بدورها، قالت نينا أنيجبوجو المحللة الروسية ومختص التحكيم الاقتصادي الدولي، إن كل من النفط الخام والبنزين واجها حالة من التقلبات المتلاحقة في آب (أغسطس) بسبب الضغوط والتحديات الواسعة التي تعرض لها الاستهلاك العالمي نتيجة عودة ظهور الوباء في أجزاء من آسيا والولايات المتحدة وأوروبا وأضيف إلى هذه التحديات أخيرا تداعيات إعصار إيدا.
وأشارت إلى وجود تكهنات قوية بمضي مجموعة "أوبك+" في اجتماعها اليوم في خطة زيادة الإنتاج وهو ما يدفع الأسعار للتراجع بسبب وفرة المعروض النفطي، موضحة أنه في المقابل يوجد وضع ما زال حرجا للإنتاج الأمريكي، ولكن المخاطر بدأت في الانحسار بعد وصول العاصفة إلى اليابسة حيث يبدو أن الأسوأ قد تم تجاوزه بالنسبة للمنصات البحرية، مبينة أن التركيز في أسواق الخام يتحول مرة أخرى إلى الفيروس واجتماع "أوبك+".
وفيما يخص الأسعار، انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي خمسة سنتات، أو ما يعادل 0.07 في المائة، إلى 69.16 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس، متخلية عن بعض المكاسب التي حققتها الإثنين.
أما العقود الآجلة لخام برنت تسليم تشرين الأول (أكتوبر)، الذي انتهى أمس، فتراجعت أيضا ثلاثة سنتات، أو ما يعادل 0.04 في المائة، إلى 73.38 دولار للبرميل، وذلك بعد أن زادت الإثنين نحو 1 في المائة. وتراجعت عقود تشرين الثاني (نوفمبر) الأكثر نشاطا ثلاثة سنتات، أو ما يوازي 0.4 في المائة، إلى 72.20 دولار. وقال رافيندرا راو نائب الرئيس المعني بالسلع الأولية لدى كوتاك سيكيوريتز "سوق النفط في وضع الانتظار والترقب إذ يجري تقييم أثر الإعصار أيدا على كل من الطلب والعرض. أيضا، المتعاملون في السوق يحجمون عن القيام برهانات كبيرة قبل اجتماع أوبك+ الخاص بالمراجعة".
وأوقف الإعصار إيدا ما لا يقل عن 95 في المائة من إنتاج النفط والغاز البحري في خليج المكسيك وتسبب في أضرار "كارثية" لشبكة الكهرباء في لويزيانا.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 71.88 دولار للبرميل الإثنين، مقابل 71.48 دولار للبرميل في اليوم السابق. وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق سابع ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 67.33 دولار للبرميل.
