Author

الصكوك الإسلامية ودورها في الحد من التضخم

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
الصكوك الإسلامية تعد من الأدوات المتوافقة مع الشريعة، التي تعتمد في التمويل غالبا على الأصول، حيث يكون التمويل قائما على الأصول من خلال عقود، مثل: المرابحة والمضاربة والإجارة، وقد تأخذ شكل العقد الواحد، أو تكون هجينا من مجموعة عقود، لتوفير خيارات تناسب الجهات الممولة، التي تحتاج إلى تمويل، وقد شهدت هذه الأداة نموا كبيرا في السعودية بريادة من وزارة المالية، التي أصدرت مجموعة من الإصدارات، التي أتاحت لكثير من المستثمرين في الاستثمار أدوات منخفضة المخاطر، وتعد الصكوك الإسلامية من الأدوات التي تجذب المستثمرين في قطاع التمويل الإسلامي، حيث إن إصداراتها في العالم محدودة نسبيا، في ظل وجود طلب هائل عليها، كما أن قوة مركز المملكة المالي والاقتصادي وتصنيفها الجيد لدى مؤسسات التصنيف الائتماني، جعل الإقبال على الصكوك التي تصدرها أو تضمنها وزارة المالية جاذبة للمستثمرين من دول العالم، حيث أصبحت الصكوك الإسلامية، التي تصدرها وزارة المالية وغيرها من الإصدارات التي تصدرها الشركات الكبرى في المملكة، مثل أرامكو، مصدر جذب للاستثمارات واستقطاب رؤوس الأموال وتدفق المستثمرين للسوق المالية في السعودية.
أعلن المركز الوطني لإدارة الدين في موقعه الإلكتروني، الانتهاء من استقبال طلبات المستثمرين على إصداره المحلي آب (أغسطس) 2021 تحت برنامج "صكوك حكومة السعودية" بالريال السعودي، حيث تم تحديد حجم الإصدار بمبلغ إجمالي قدره 11.358 مليار ريال. قسمت الإصدارات إلى ثلاث شرائح، الأولى: تبلغ 2.508 مليار ريال لصكوك تستحق عام 2029. وبلغت الشريحة الثانية: 4.485 مليار ريال لصكوك تستحق عام 2033. فيما بلغت الشريحة الثالثة: 4.365 مليار ريال لصكوك تستحق عام 2036.
طرح الصكوك الإسلامية في هذه المرحلة، له أهمية كبيرة لمجموعة من الاعتبارات، يمكن التركيز على واحدة من أهم التحديات التي يواجهها الاقتصاد محليا وعالميا، وهي مسألة التضخم، إضافة إلى وجود فرصة كبيرة للجهات التي تبحث عن فرص التمويل بتكلفة منخفضة لتحويله إلى قيمة مضافة للاقتصاد، فإن مثل هذا الإجراء يمكن أن يحد من التضخم، فتكلفة التمويل المنخفضة تشجع البنوك وجهات التمويل على التوسع في التمويل وقبول طلبات الأفراد والشركات التي تحتاج إلى تمويل بتكلفة منخفضة، وبالتالي تتحول هذه السيولة الضخمة إلى السوق، ما يؤدي إلى التضخم الذي يعد تحديا في هذه الفترة، حيث إن الأسواق في العالم اليوم تعاني التضخم بسبب برامج التحفيز، حيث بلغ التضخم ذروته في الولايات المتحدة ودول أخرى بدأت تعانيه بسبب برنامج التيسير الكمي والتحفيز لتستمر حركة الأسواق بعد أزمة كوفيد - 19، التي ما زال بعض الدول في قلق من إمكانية التعافي، خصوصا أن بعض الأنشطة الاقتصادية حاليا تحتاج إلى وقت لتتعافى، خصوصا قطاع السياحة الذي يعاني انخفاضا في الإقبال عليه، إضافة إلى وجود مجموعة من الإجراءات الصارمة لدى بعض دول العالم، ما حد من احتمالية تعافي هذا القطاع في القريب العاجل، لكن برامج التحفيز ولدت تضخما للأسعار، لا يعلم متى يمكن أن يخف أثرها، ومن هنا يمكن للصكوك الإسلامية، أن تلعب دورا بسحب جزء من السيولة في السوق بما يحد من استمرار ضخها من خلال تمويل الأفراد والشركات، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار، حيث ستجد السيولة في البنوك ولدى المستثمرين طريقها إلى أدوات منخفضة المخاطر بعوائد جيدة، قياسا على ما تقدمه الأدوات الأخرى، كما أن الصكوك الإسلامية تراعي مسألة احتمال الارتفاع في السايبور، وبالتالي يمكن أن تحقق عوائد مستقبلية أفضل بحسب ما يمكن أن يحدث مستقبلا.
الخلاصة: إن الصكوك الإسلامية تؤدي وظائف متعددة، كأداة دين يمكن أن تستفيد منها المؤسسات الحكومية والشركات والبنوك، كالحصول على التمويل واستقطاب الاستثمارات محليا، إضافة إلى فوائد غير مباشرة، من أهمها: كبح جماح التضخم باعتبار أن هذه الأداة يمكن أن تسحب جزءا كبيرا من السيولة، التي أصبحت عبئا على الأسواق، وسببا في تضخم الأسعار، وذلك لتحويلها إلى قيمة مضافة، يستفاد منها في برامج ومشاريع تنموية.
إنشرها