Author

دايم السيف .. عنوان الإبداع

|

إلى جانب التميز في القيادة والإدارة في كثير من المواقع التي تبوأها الأمير خالد الفيصل، ومنها إمارة منطقة عسير، وإمارة منطقة مكة المكرمة، ووزارة التعليم، عرف بمبادرات نوعية في مجال الفكر والثقافة.

فقد شارك في تأسيس مؤسسة الملك فيصل الخيرية، وهو المؤسس لمؤسسة الفكر العربي، وكذلك لجريدة الوطن، وهو رئيس مجلس إدارة جائزة الملك فيصل العالمية، وهو المبادر لإحياء سوق عكاظ، وقبل ذلك له مبادرات في تشجيع إنشاء القرى السياحية التراثية في منطقة عسير، وهو عضو مجلس أمناء معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية التابع لجامعة فرانكفورت في ألمانیا.. ليس ذلك فقط، فهو فنان تشكيلي مبدع، وخطيب مفوه، ببيانه يمتلك الألباب، وهو القائل "أجمل الكلمات أقلها حروفا وأبلغ الجمل أقلها كلمات". له دواوين كثيرة وكسب شهرة واسعة.

ولخالد الفيصل إسهام كبير في تطوير وتجديد الشعر الشعبي، لم يسبق إليه، وعلى الرغم من أنني لست متخصصا في النقد الأدبي، فإنني متذوق للشعر عموما والشعر الشعبي خصوصا، ومن المعجبين الكثر بشعر دايم السيف. ومن هذا المنطلق، سأبدي وجهة نظري تجاه إسهامات خالد الفيصل في تطوير الشعر الشعبي، ومنها:

- خالد الفيصل شاعر بارع، لديه مهارة فائقة في توظيف المفردات، ومداعبة المشاعر والأحاسيس. وقد اتسم شعره بدقة التصوير، وسمو المفردات، ورقي الأسلوب، ما يعكس ثقافة واسعة في الموروث الشعبي، وهو يبتعد عن الوصف المباشر، ويحلق في الخيال ليرسم صورا إبداعية مبهرة لا تخطر على البال، تهز الوجدان وتلامس النفس البشرية.

- أسس القصيدة الجزلة المختصرة التي لا تزيد على عشرة أبيات، وكان لهذا النمط من الشعر تأثير كبير في الشعراء الآخرين، فقلما نقرأ اليوم قصائد طويلة تحتوي على الكثير من الحشو وتكرار الأفكار والصور.

- ابتعد في شعره عن الأنماط التقليدية في القصيدة الشعبية النبطية في مطلعها وختامها.

بناء عليه، فإنه مجدد في الشعر الشعبي في الخليج، ترك بصمة واضحة وحروفا جميلة، وتجد في شعره ما يمتعك ويلبي ميولك الشعرية سواء في الحكمة أو الوطن أو المدح أو الغزل أو الرثاء، وقد أجاد كثيرا في هذه المجالات المتنوعة. ففي الحكمة يقول:

الـناس تفنى والمبانــــــي والأمــــــلاك .. والقـــــــول يبقى والخبر للتـــــــــوالي

الشعر معنى حكمته بعــــــــد الإدراك .. وما كل ما يلمــع على النــــور غــــــالي

ولا تزال قصيدته المؤثرة في رثاء والده الملك فيصل - يرحمه الله - تتردد في أفواه الناس التي مطلعها :

لا هنت يا راس الرجاجيل لا هنت .. لا هان راس في ثرى العود مدفون

وفي الغزل يتطلب الأمر مقالات وصفحات لإبراز الدرر التي صاغها خالد الفيصل، وتغنى بها رواد الفن بأنواعه كافة. وعندما لا يتبقى في مساحة المقال سوى سطور قليلة، فإن من الصعوبة بمكان اختيار الجميل (وهو الأغلب) من شعر الأمير خالد الفيصل :

يوم روّح لـــي نظـــــر عينه بهــــــــون .. فزّ له قلبـــــي وصــفـــــــق وارتعـــــد

لفني مثل السحايــــب والمـــــــــــزون .. فـي عيــــــوني بـــرق وبقلبــــي رعـــد

وفي قصيدة أخرى يتجلى الإبداع :

مرتاح أحبك ولا علمــت .. حتى أنت عييــت أبيــن لك

عساك في ناظري ما شفت .. كيف المعاليق يومن لك

من خوفتي لا احترق جنبت .. هربت من شمسك لظلك

أخشى عليك الهوى لو طحــت .. ما تلني يمــك يتــلك

أبي قليــلك ولا حصــلت .. بعضــك تركنــي مع كــلك

في الختام، لا يكفي أن يقال عن خالد الفيصل إنه إنسان استثنائي وقمة شامخة في سماء الوطن، فهو يجمع بين الأدب والشعر والفن التشكيلي والخطابة والإبداع الفكري والحكمة والقيادة.

إنشرها