Author

التطورات المالية للمؤسسة العامة للتقاعد

|

سيؤدي تخصيص عديد من الخدمات الحكومية إلى رفع التوظيف في القطاع الخاص مقارنة بالقطاع الحكومي في العقود المقبلة. وكان هذا سيقود مع مرور الوقت إلى وضع أعباء على أنظمة التقاعد الحكومية التي كانت تدار بصورة منفصلة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. وتقتصر خدمات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سابقا على التأمين التقاعدي لموظفي القطاع الخاص.
وقد صدر أخيرا قرار بدمج المؤسسة العامة للتقاعد في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. وقد وحد هذا القرار أنظمة التقاعد العامة وخفف من مخاطر تعرض أخيرا آخر تقرير للمؤسسة العامة للتقاعد الذي يوضح فيها أوضاعها المالية التي كانت جيدة ولكنها تشير إلى المخاطر المستقبلية التي ستتحملها في حالة استمرار بقائها على وضعها السابق.
تضمن أحدث تقرير إحصائي سنوي منشور للمؤسسة العامة للتقاعد لعام 2020 عديدا من البيانات عن المتقاعدين واستحقاقاتهم واستثمارات المؤسسة. وفي مجال الاستثمار أوضح التقرير أن المؤسسة تتبع أساليب الاستثمار الآمن وطويل الأجل، وتحرص على تنويع أصولها لتوزيع المخاطر. وذكر التقرير أن استثمارات المؤسسة الخارجية والداخلية حققت معدل عائد إجمالي وصل إلى 9.5 في المائة في 2020، وأن متوسط العائد السنوي على الاستثمار للفترة الزمنية 2017 - 2020 كان في حدود 7.9 في المائة. وتتوزع استثمارات المؤسسة بين مصادر خارجية وداخلية مع ميل واضح للاستثمارات الخارجية.
وتشير بيانات التقرير إلى أن نحو 18.3 في المائة من استثمارات المؤسسة في سوق الأسهم السعودية. وتتوزع أسهمها بين قطاعات السوق المختلفة مع تركيز واضح على الشركات الكبيرة وأسهم المصارف. وتقترب قيمة محفظة المؤسسة في السوق المحلية حاليا من 100 مليار ريال. وحققت سوق الأسهم المحلية عوائد محدودة خلال عام 2020، ولكن من المتوقع ارتفاع العوائد بقوة هذا العام، التي سيظهر أثرها على عوائد المؤسسة العام الجاري.
وتعطي قيمة الاستثمارات في الأسهم المحلية صورة تقريبية لحجم إجمالي أصول المؤسسة، التي يبدو أنها في حدود 500 مليار ريال. وإذا كان هذا الافتراض صحيحا فسيزيد إجمالي عوائد المؤسسة المتحقق من الاستثمار خلال 2020 على 45 مليار ريال، وذلك حسب معدل العوائد الذي أورده التقرير. طبعا معظم هذه العوائد نمو في قيمة المحفظة وليست توزيعات نقدية.
ساهمت استثمارات المؤسسة في أسواق أسهم الدول المتقدمة بنحو 29.4 في المائة من إجمالي قيمة استثماراتها. وحققت الأسهم العالمية نموا جيدا العام الماضي حيث بلغ معدل العائد في الأسهم الأمريكية نحو 20.9 في المائة خلال 2020، كما كانت معدلات العوائد في عدد من الأسواق العالمية الأخرى مرتفعة أيضا. وتستحوذ أسواق الأسهم الأمريكية عادة على نسب كبيرة من الاستثمارات العالمية، لهذا من المتوقع مساهمة ارتفاع عوائد الأسهم الأمريكية بشكل ملحوظ في نمو العائد على استثمارات المؤسسة. وعموما فإن معدل العائد على استثمارات المؤسسة أقل من معدل العائد على الأسهم الأمريكية في الأمدين المتوسط والطويل حيث بلغ معدل العائد على مؤشر إس إن بي الأمريكي خلال العقد المنصرم نحو 13.9في المائة.
ويعود هذا إلى تركيز المؤسسة على مستويات الأمان في استثماراتها.
قادت السياسات النقدية التوسعية لمواجهة أزمة كورونا إلى تدني العائد على السندات الحكومية عبر العالم ما خفض عوائد الاستثمار لمؤسسات التقاعد في مختلف الدول. وقد يكون هذا سببا لانخفاض حصة مؤسسة التقاعد من السندات في إجمالي استثماراتها. ساهمت السندات بنحو ربع استثمارات المؤسسة العام الماضي، وتركزت معظم استثمارات المؤسسة في السندات الخليجية التي مثلت نحو 20 في المائة من إجمالي استثماراتها. ويلاحظ الانخفاض الكبير لحصة السندات الأمريكية في استثمارات المؤسسة التي لا تتجاوز 0.6 في المائة، أي أقل من 1 في المائة من إجمالي الاستثمارات، وهي أقل بكثير من حصة سندات الأسواق الناشئة البالغة 4.8 في المائة من إجمالي استثماراتها. ويبدو أن السندات الوطنية داخلة ضمن استثمارات المؤسسة في السندات الخليجية، وقد تشكل جزءا كبيرا من محفظة سنداتها. وبناء على البيانات الواردة في التقرير وتقديرات إجمالي أصول المؤسسة قد يصل إجمالي محفظة المؤسسة من السندات الخليجية إلى نحو 100 مليار ريال. وعموما فإن الاستثمارات في السندات المحلية والعالمية تسببت في خفض معدل العائد على استثمارات المؤسسة، ولكنها كانت مطلوبة من الناحية الاستثمارية لأمانها المرتفع مقارنة باستثمارات الأسهم وكونها مصدرا مؤكدا للسيولة.
تفيد بيانات مصروفات المؤسسة بارتفاع معدلات نمو إنفاقها على معاشات التقاعد، حيث بلغت حسب التقرير نحو 83.2 مليار ريال في 2020، وكانت في حدود 44.6 مليار ريال في 2012، محققة نموا مقداره 83.2 في المائة خلال الفترة 2012 - 2020. وبهذا بلغ معدل نموها السنوي خلال الفترة نحو 8 في المائة، وهو معدل مرتفع مقارنة بنمو إيرادات المؤسسة. في المقابل لا تتوافر بيانات عن إجمالي اشتراكات المعاشات المدفوعة للمؤسسة ولا معدلات نموها ولكن من شبه المؤكد أن معدلات نمو الاشتراكات تقل عن معدلات نمو النفقات. وتعتمد معدلات نمو إيرادات اشتراكات التقاعد على معدلات نمو تعويضات العاملين في الدولة. وشهدت تعويضات العاملين في الدولة خلال الفترة 2012 - 2020 نموا جيدا إلا أنها كانت أقل من معدلات نمو نفقات التقاعد.

إنشرها