أخبار اقتصادية- عالمية

إنتاج الغذاء العالمي بحاجة إلى توسع 70 % في 3 عقود .. والرهان على الذكاء الاصطناعي

إنتاج الغذاء العالمي بحاجة إلى توسع 70 % في 3 عقود .. والرهان على الذكاء الاصطناعي

يسير الطلب العالمي المتزايد على الغذاء جنبا إلى جنب مع الضغوط البيئية.

كانت المخاوف بشأن الكيفية التي قد يغير بها الذكاء الاصطناعي والروبوتات حياتنا عنصرا أساسيا في الأدب والنقاش والخيال العلمي لعقود.
تطور الذكاء الاصطناعي استدعى الحديث مجددا عن "فرانكشتاين" وصنيعه، غير أن الأمر المثير للاهتمام اليوم هو تفاعل الذكاء الاصطناعي الأوسع مع القضايا الحالية.
الذكاء الاصطناعي والاستدامة، الذكاء الاصطناعي والتغذية، الذكاء الاصطناعي والتمويل، الذكاء الاصطناعي وكشف الأخبار الكاذبة واستهداف المعلومات التي تجلب مخاطر وكشف الفساد.. هي بعض المجالات التي يزدهر فيها "التعلم الآلي" وتشجع المنظرين والأكاديميين على الوصول إلى القطاعات والجهات الفاعلة الأخرى.
الآن، بينما يسارع العالم للتغلب على جائحة كوفيد - 19، هناك تحد خطير آخر يهدد بظلاله التعافي بعد الجائحة، إذ يزداد انعدام الأمن الغذائي سوءا على مستوى العالم، حيث تؤدي الصراعات، وتغير المناخ، والجائحة، وارتفاع مستويات المعيشة، والصعوبات الاقتصادية إلى تعطيل الإنتاج والحد من الوصول إلى الغذاء. في الوقت ذاته، سيكون هناك أكثر من عشرة مليارات فم يجب إطعامها بحلول 2050.
تظهر الأبحاث أن إنتاج الغذاء العالمي سيحتاج أيضا إلى التوسع بنسبة 70 في المائة تقريبا في العقود الثلاثة المقبلة. لكن كيف؟ ندوة علمية تجيب: من "التعلم الآلي" وهو مصطلح حديث يسميه البعض أحيانا "التعلم دون علم"، بمعنى يمكننا تعلم أشياء مفيدة واستنتاج أخرى من معلومات موجودة بالفعل في آلة صماء.
لكن، يمكن أن تكون القرارات التي يتم اتخاذها بناء على البيانات ضارة، لأن الخوارزميات التي نستخدمها ليس لديها حس سليم ولا أي نوع من المعايير الأخلاقية التي يتم تضمينها فيها. لذلك، إذا كانت البيانات سيئة فستتخذ قرارات سيئة. "التعلم الآلي"، أو التدريب على تحليل البيانات وتغذيتها واسترداد الاستنتاجات واستخلاص التوقعات، هو المكان الصحيح الذي يمكن أن تلعب فيه التقنيات الجديدة دورها.
في هذا الإطار، اجتمع أكثر من 20 عالما وباحثا عبر الإنترنت لحضور ندوة نظمها معهد التقنية العالي الاتحادي في مدينة لوزان السويسرية "إي بي أف أل" EPFL بعنوان "أيام التعلم الآلي التطبيقي" لاستكشاف كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن الأمن الغذائي والتغذية وتعزيز الزراعة المستدامة. "لتحقيق هذه الأهداف، ستتطلب أنظمة الغذاء والزراعة العالمية تغييرات عميقة، حيث يمكن أن تلعب البيانات الضخمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي أدوارا مهمة". هذه هي الخلاصة الجوهرية لندوة معهد لوزان - ثالث أفضل معهد تقني في أوروبا والـ15 عالميا، حسب تصنيف جامعة شنغهاي للعام الماضي.
علاوة على الجانب العلمي للندوة، التي حضرتها "الاقتصادية"، كانت هناك زوايا فلسفية واجتماعية ونفسية في النقاش.

تحديات تلوح في الأفق

يسير الطلب العالمي المتزايد على الغذاء جنبا إلى جنب مع الضغوط البيئية. الزراعة مسؤولة عن ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية وتسريع فقدان التنوع الإحيائي. كما أن الزراعة عطشى أيضا، حيث تمثل 70 في المائة من عمليات سحب المياه العذبة، بينما ينمو ربع المحاصيل في مناطق تعاني بالفعل إجهادا مائيا. مع ذلك، فإن ثلث الطعام لا يصل أبدا إلى أطباقنا بعد أن أخذ طريقه إلى مكب التلف.
في الندوة، قال، كريستيان نيلز شواب، المدير التنفيذي لمركز الغذاء والتغذية في معهد لوزان التقني "إن مثل هذه الخسارة تسلط الضوء على أوجه القصور في النظم الغذائية في بيئة يعاني فيها 3.5 مليار شخص نقص التغذية، منهم 800 مليون يتضورون جوعا. مع ذلك، في الطرف الآخر من المقياس، في الدول المتقدمة، يعاني أكثر من 2.8 مليون شخص الإفراط في التغذية والسمنة. يموت مزيد من الناس من التغذية الزائدة أكثر من الجوع في جميع أنحاء العالم".
يؤكد شواب، أن مثل هذه القضايا الصحية والبيئية الملحة تتطلب اتخاذ إجراءات سريعة، وهو أمر لا يحدث في الوقت الحالي على الرغم من إلحاح الموقف. قال "إن قطاع الأغذية الزراعية بطيء للغاية في تبني إمكانات ووعود التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، لسبب أن المزارعين يميلون إلى اعتبار الذكاء الاصطناعي شيئا لا ينطبق إلا على العالم الرقمي، علاوة على ضعف التكوين المهني للمزارعين.

الذكاء الاصطناعي والزراعة

تتضمن الزراعة عددا من العمليات والمراحل، نصيب الأسد منها يدويا. من خلال استكمال التقنيات المعتمدة، يمكن للذكاء الاصطناعي تسهيل المهام الأكثر تعقيدا وروتينية. يمكنه جمع ومعالجة البيانات الضخمة على منصة رقمية، والتوصل إلى أفضل مسار للعمل في مجال تحليل طلب السوق والتنبؤ بالأسعار، وتبسيط اختيار المحاصيل ومساعدة المزارعين على تحديد المنتجات الأكثر ربحية.
ويمكن للمزارعين استخدام التنبؤ والتحليلات التنبؤية لتقليل الأخطاء في العمليات التجارية وتقليل مخاطر فشل المحاصيل. ومن خلال جمع البيانات حول نمو النبات، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي على إنتاج محاصيل أقل عرضة للأمراض وأكثر تكيفا مع الظروف المناخية.
وأيضا إجراء تحليلات كيميائية حول صحة التربة وتقديم تقديرات دقيقة للمغذيات المفقودة. ومراقبة حالة النباتات لاكتشاف الأمراض والتنبؤ بها، وتحديد وإزالة الأعشاب الضارة، والتوصية بمعالجة فعالة للآفات. وتحديد أنماط الري المثلى وأوقات استخدام المغذيات والتنبؤ بالمزيج الأمثل من المنتجات الزراعية، وأتمتة الحصاد والتنبؤ بأفضل وقت لذلك.

معالجة نقص العمالة

العمل الزراعي شاق، ونقص العمالة في هذه الصناعة ليس بالأمر الجديد. يمكن للمزارعين حل هذه المشكلة بمساعدة الأتمتة. الجرارات بدون سائق، وأنظمة الري والتسميد الذكية، والرش الذكي، وبرامج الزراعة العمودية، والروبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي للحصاد، هي بعض الأمثلة على كيف يمكن للمزارعين إنجاز العمل دون الحاجة إلى توظيف مزيد من الأشخاص. مقارنة بأي عامل مزرعة بشرية، فإن الأدوات التي يحركها الذكاء الاصطناعي هي أسرع وأصعب وأكثر دقة.

احتضان الفرص

في ملاحظة أكثر تفاؤلا، أضاف، شواب "التحديات تجلب الفرص". في الواقع، عرضت نقاشات الذكاء الاصطناعي والغذاء والتغذية مجموعة واسعة من الحلول الحديثة. من بينها: إمكانية وجود تطبيق للتعرف على الطعام قائم على الصور، ما يسمح للمستخدمين بتتبع مدخولهم الغذائي ببساطة عن طريق أخذ لقطة لوجبتهم وإدخالها في آلة الذكاء الاصطناعي.
وتم بالفعل جمع أكثر من 2.5 تيرا بايت من البيانات المتطورة عبر معيار مفتوح. تقول، شاردا موهانتي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "أي إي كراود" AIcrowd، "إذا بدأ ملايين المستخدمين في نشر صور طعامهم اليومي، فإن نماذجنا ستستمر في التحسن".
كشفت مناقشات الندوة أن الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي يوفران إمكانات واعدة، مثل معالجة النفايات، وتعزيز إنتاج الغذاء، والجودة والسلامة، والسعي إلى الاستدامة. على سبيل المثال، الزراعة الدقيقة - من خلال إزالة الأعشاب الضارة عن طريق الذكاء الاصطناعي - يمكن أن تقلل من استخدام مبيدات الأعشاب بنسبة 95 في المائة.
وبالنسبة إلى يامين بوزمبراك، الباحث في الذكاء الاصطناعي في أبحاث سلامة الغذاء في جامعة فيكينينكن الهولندية، يمكن للذكاء الاصطناعي أيضا المساعدة على التنبؤ بالاحتيال الغذائي عن طريق مسح المؤلفات العلمية ووسائل الإعلام، من أجل تحديد نوعية المكملات الغذائية غير المعروفة التي يحتمل أن تكون خطرة.

نظام غذائي صحي

في الجانب النفسي، تقود، باتريسيا كاتيلاني، حديثها بسؤال بسيط "هل يمكن للذكاء الاصطناعي وعلم النفس الاجتماعي الدفع نحو نظام غذائي أكثر صحة؟" تجيب الأستاذة المتفرغة في قسم علم النفس في جامعة ميلانو بـ"نعم"، لكنها تؤكد أهمية التفاعلات الشخصية.
وتقول "عند تبادل الرسائل والأبحاث بشأن التغذية، يمكن أن يكون تأطير الرسائل أكثر أهمية من محتوى الرسالة. على سبيل المثال، يمكنني أن أقول إذا تناولت حصتين أو أكثر من الخضار يوميا، فستحسن صحة معدتك، لكن يمكنني أيضا أن أقول إنك ستتجنب إتلاف معدتك. الأمر المثير للاهتمام هو أنه لا توجد "رسالة قاتلة" ولا أي خيار أمثل من الآخر. يعتمد إقناع كل رسالة على الأبعاد النفسية الفردية. من خلال التواصل المخصص، يمكننا دفع المستهلكين نحو فهم أعمق للمخاطر المحيطة بالتغذية غير الصحية".
على المنوال نفسه، يركز كريستوف تراتنر، الأستاذ المساعد في جامعة بيركن - النرويج - ومدير مركز أبحاث تقنية الابتكار، أبحاثه على تغيير عادات الأكل عبر الإنترنت، يقول "عن طريق الخوارزميات وعبر مواقع الوصفات عموما يمكن إنتاج توصيات صحية وفقا لإرشادات منظمة الصحة العالمية تقدم طعاما صحيا قد يحتاج إلى مساحة أصغر من الأراضي الزراعية وكميات أقل من المياه وجهد أدنى"، ويضيف "من خلال فهم ونمذجة عادات الأكل للمستهلكين على الشبكة العنكبوتية، يمكننا بعد ذلك تعديلها نحو خيارات طعام صحية".
تقترح، سولا شيراي، طالبة دكتوراه في معهد رينسيلير التقني العالي - الولايات المتحدة/نيويورك - تحسين عادات الأكل والمدخول الغذائي بهدف زيادة الوعي بالسياق والتطبيقات الصحية الشخصية.
وتقول، "لنتخيل أن الطبق المفضل لمريض السكري هو البطاطس المهروسة، لكنه ينصح بتجنب تناول كميات كبيرة من الكربوهيدرات مثل البطاطس لعدم رفع مستويات السكر في الدم.
في هذه الحالة، بدلا من منع المريض من تناول البطاطس المهروسة، يمكننا اللجوء إلى خوارزميات الذكاء الاصطناعي لاقتراح البدائل تلقائيا حسب المعطيات الداخلية لمئات الآلاف من الأغذية، بما يتلائم مع الوضع الصحي للمريض.
في هذه الحالة يمكن تقديم القرنبيط المهروس لمرضى السكري، وهو ما أخبرنا به الذكاء الاصطناعي طبقا لمعطيات علمية. هكذا يمكن الحفاظ على الوصفات المألوفة من خلال جعلها أكثر صحة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية