Author

استثمارات جريئة بمبادرات ابتكارية

|

تحفز دول العالم اقتصاداتها عبر عدد من خطط التنويع الاقتصادي، ودعم الاستثمارات بجميع أشكالها، بهدف تحسين الأداء الاقتصادي وزيادة الدخل العام، والمنافسة في المؤشرات الدولية. ومن ضمن أهم الاستثمارات، التي تدعمها الدول شركات رأس المال الجريء، التي تعد واحدة من أهم مقومات أي اقتصاد للشركات الناشئة والمتوسطة. ولأهمية هذا النشاط الاقتصادي، أطلقت السعودية مبادرة الاستثمار الجريء كأحد الروافد التمويلية لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبهدف تحفيز ودعم الاستثمار في الصناديق الاستثمارية، وذلك عبر مختلف أنواع المستثمرين، والشركات الاستثمارية.
ولتطوير قطاع رأس المال الجريء في السعودية تم إنشاء صندوق الصناديق ضمن مشاريع صندوق الاستثمارات العامة، لضمان دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتطبيق أفضل الممارسات، وتأسيس منظومة عمل متكاملة، وزيادة فرص المؤسسات الناشئة والأعمال الصغيرة والمتوسطة في الوصول إلى رأس المال، إلى جانب تأسيس الشركة السعودية للاستثمار الجريء لتحقيق أهداف هذه المبادرة، من خلال توفير الدعم للشركات الناشئة، والإسهام في تنويع المصادر الاقتصادية وأيضا إيجاد فرص استثمارية جاذبة ومحفزة للقطاع الخاص.
وهنا من المهم الإشارة إلى أن الاستثمار الناجح في صناديق رأس المال الجريء يتطلب مقومات اقتصادية مالية مهمة وتسهيلات متعددة، ومن بينها سهولة بدء الأعمال، فالدول التي تواجه الشركات فيها صعوبات جمة عند بدء الأعمال، لن تجد نجاحا ملموسا في صناعة المال الجريء، ولذلك اهتمت السعودية بهذا الجانب بشكل كبير، وحققت نجاحات ملموسة خلال الأعوام الماضية، حتى غدت الأولى بين دول العالم في مجال التحسن في مؤشر ممارسة الأعمال. كما أن المال الجريء يركز على دعم شركات التقنية، خاصة التقنية المالية، وهنا نجد اهتماما بالغا في السعودية بهذا القطاع، حيث تم تحقيق تقدم كبير جدا في التقنية المالية، ومن ذلك إطلاق المراحل النهائية لشركات التقنية المالية، وإنشاء مصرفين رقميين.
تأتي سوق المال لتكمل منظومة الدعم الأساسية لرأس المال الجريء، حيث تساعد على سهولة إدارة الشركات الجديدة من خلال سوق موازية، بحيث يمكن بيع الحصص بعد استكمال الإنشاء، والانطلاق نحو عالم الشركات الكبيرة. ولهذا، وجدت صناديق رأس المال الجريء نجاحا في السعودية، بقيادة صندوق الصناديق، الذي حقق خلال فترة وجيزة مساهمة في الناتج المحلي بنحو 400 مليون ريال بنهاية 2020، ومن المتوقع أن تصل مساهمته في الناتج المحلي إلى نحو 8.6 مليار ريال، وأن يوفر نحو 58 ألف وظيفة بنهاية 2027. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن رأس المال الجريء لا يعني مجرد دعم المنشآت الصغيرة فقط، بل تلك المنشآت، التي لديها مبادرات ذكية في عالم التكنولوجيا، وابتكارات ذات جدوى اقتصادية واضحة، لكن أصحابها يفتقدون الدعم والتمويل، والمشاركة في المخاطر.
ومن ضمن الشركات العالمية، التي انطلقت منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وتتربع اليوم على عرش الاقتصاد العالمي، شركة أمازون، وفيسبوك، وجوجل، حيث كانت مجرد مبادرات ابتكارية تلقتها صناديق المال الجريء ودعمتها ثم حققت من ورائها أرباحا ضخمة، وكسبت المجتمعات التي نشأت فيها منافع لا حصر لها.
وبالتالي، فإن رأس المال الجريء مهم جدا لكل اقتصاد، ولذا جاء الاهتمام الكبير من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث كشف تقرير الاستثمار الجريء في السعودية عن أن النصف الأول 2021 شهد تنفيذ استثمارات بقيمة قياسية، 630 مليون ريال في شركات ناشئة سعودية، محققا نموا 65 في المائة، مقارنة بالنصف الأول 2020، فيما يقدر نمو الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية بـ1700 في المائة، مقارنة بالعام الماضي.
واستحوذت الشركات الناشئة في قطاع التقنية المالية والأغذية والمشروبات معا على 44 في المائة من الاستثمارات، في حين كان نحو ثلاثة أرباع المستثمرين، الذين استثمروا في الشركات الناشئة السعودية في النصف الأول 2021 من داخل السعودية. وهنا لا بد أن نشير إلى أن السعودية تقدمت من المرتبة الثالثة إلى الثانية بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث إجمالي قيمة الاستثمار الجريء، مستحوذة على 14 في المائة من إجمالي قيمة الاستثمار، و21 في المائة من عدد الصفقات في المنطقة.

إنشرها