default Author

القلب الأولمبي

|
الأولمبياد ليس مجرد ألعاب رياضة بحتة، إنما فكر وثقافة وتاريخ له عمق سياسي واجتماعي اقتصادي، الذي لم يكن إيجابيا على طول تاريخ الأولمبياد. كانت الألعاب الأولمبية القديمة عبارة عن مزيج من مهرجانات دينية ورياضية تقام كل أربعة أعوام في أولمبيا في اليونان من القرن الثامن قبل الميلاد إلى القرن الرابع الميلادي.
بعدها توقفت لمدة 33 قرنا، لتعود من جديد على يد البارون الفرنسي بيير دي كوبيرتان، الذي استحق لقب "أبو الألعاب الأولمبية" بلا منازع، كان كاتبا ومهتما بالفنون والعلوم والتاريخ، عاصر في طفولته الحرب الفرنسية الألمانية، التي انتهت بهزيمة فرنسا، ما دعاه للبحث في الأسباب، وأرجع هذه الهزيمة إلى ضعف الفرنسيين بدنيا، حيث كان النظام التعليمي الفرنسي لا يقر الرياضة البدنية، ويعتقد أنها تستهلك الطاقة، وتؤثر سلبيا في النمو العقلي، فحاول كوبيرتان تغيير هذا المفهوم.
و بدأ في دراسة فكرة الرياضة، وتأثر بمفهوم الأولمبياد، حتى توصل إلى إعادة إحياء الأولمبياد وأسس اللجنة الأولمبية الدولية في عام 1894. ثم وضع كوبيرتان دستورا للدورات الأولمبية ينص على، "إن أهم شيء في الألعاب الأولمبية ليس الانتصار، بل مجرد الاشتراك، وأهم ما في الحياة ليس الفوز، إنما النضال بشرف". ولعله وضع هذه العبارة لتعزيز أهمية الرياضة والتجمع الدولي لرفع اسم كل بلد، أما الفوز فيأتي كمكمل وتتويج للرياضي وبلده!
تحقق حلم دي كوبيرتان ونظمت اللجنة الأولمبية أول دورة للألعاب الأولمبية في العصر الحديث في أثينا عام 1896، في استاد "باناثينيك" التاريخي. صمم "كوبيرتان" رموز الأولمبياد مثل العلم الأولمبي، وهو عبارة عن خمس حلقات مترابطة كل منها يمثل قارة على خلفية بيضاء تمثل الصفاء. وعلى الرغم من تغير عدد القارات، إلا أن الشعار ما زال قائما. ويرمز هذا العلم إلى أن كل دول العالم، وكل الناس، مرحب بهم من دون أي تفرقة عنصرية من أي نوع، والشعار الأولمبي الذي يسمى "هنديتريس"، أي استخدام ثلاث كلمات للتعبير عن فكرة واحدة وهي "أسرع، أعلى، أقوى". كما كتب بيير في عام 1920 كلمات القسم الأولمبي، الذي يحلف به الرياضيون في مراسم افتتاح الألعاب الأولمبية، وألقاه في العام نفسه، لأول مرة، بطل السلاح البلجيكي فيكتور بوان.
تم وضع دستور يحكم هذه الألعاب يعرف بـ"الميثاق الأولمبي"، يجدد كل أربعة أعوام، ومحكمة رياضية خاصة لفض النزاعات الرياضية. في عام 1937 توفي دي كوبيرتان، وقبل وفاته لم ينس عشقة لليونان والأولمبياد، وأوصى بدفن جسده في سويسرا وقلبه في اليونان وسط أنقاض موقع الألعاب الأولمبية القديم!
إنشرها