Author

وفرة الإنتاج وسوء التوزيع

|
حينما سئل الفيلسوف الإنجليزي الساخر برنارد شو عن صلعته وكثافة لحيته قال: (غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع)، وهذا الوصف ينطبق تماما على المحاصيل الزراعية في بلادنا التي تباع في الموسم بأبخس الأثمان في منطقة إنتاجها، بينما لا توجد في مناطق أخرى وإذا وجدت تكون غالية الثمن، ولنضرب مثالا بالتمور في القصيم، حيث تم بيع الصندوق متوسط الحجم منها خلال الأسبوع الماضي في حراج للتمور بأقل من خمسة ريالات، وهذا المبلغ الضئيل الذي يحصل عليه المزارع لا يغطي إلا نسبة لا تذكر من تكلفة العناية بالنخلة من ماء وسماد ولقاح وجني المحصول ومرتب العمالة وأجرة أو تكاليف السيارة التي نقلت المحصول إلى السوق، ولو بحثت عن التمور في أبها أو الطائف في وقت الموسم فلن تجدها إلا بصعوبة وينطبق هذا المثال على فاكهة التين الشوكي (البرشومي) التي تترك في ضواحي الطائف رغم جودة إنتاجها، وذلك لعدم وجود من يعتني بها ويقوم بتسويقها للمناطق الأخرى.
وهناك أيضا الرمان والتين والعنب وكذلك المانجو في جازان والزيتون في الجوف، وقد يقول قائل: إن الفواكه حتى التمور تظهر في مدة قصيرة ثم تختفي ولذا نعتمد على الاستيراد وأقول: إن سبب ذلك عدم توافر التخزين والتوزيع المناسب وفق الطرق الصحيحة المتبعة في دول العالم التي تنتج هذه المحاصيل وتخزنها وتنظم إرسالها لنا في كل الفصول والمواسم وبأعلى الأسعار، وما دمنا في ظل "رؤية 2030" التي تهتم بتنظيم الإنتاج في كل المجالات ليستفيد الاقتصاد الوطني والمواطن، فإن الحل الجذري هو ما جرى تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي "توتير" في تغريدة أحد المغردين على حسابه الخميس الماضي، أكد فيها (أن السوق بحاجة ماسة إلى شركة ضخمة جدا تتولى شراء جميع المحاصيل الزراعية، خاصة التمور وتوزيعها على جميع مدن المملكة وتخزينها لمواسم أخرى وتصديرها للخارج وإنشاء الصناعات المعتمدة عليها وهذا دور صندوق الاستثمارات العامة وبعد نجاح الشركة طرح نسبة منها في السوق المالية). وأضاف بعض المعلقين على التغريدة أن تكون شركة تسويق زراعية يسهم فيها المزارعون إلى جانب رجال الأعمال، ويعود المغرد للإشارة إلى جانب مهم وهو أن الأعمال التي تهدف إلى زيادة الناتج العام يجب أن تقف خلفها الدولة بثقلها وتسهل أنظمتها.
وأخيرا: أضع هذه الفكرة أمام المهندس عبدالرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة مقترحا أن يوجه بإجراء دراسة متكاملة أثق بأنها ستصل إلى أن الشركة المقترحة للتسويق الزراعي ستكون إحدى الشركات العملاقة التي تستطيع تسويق منتجاتنا الزراعية في مناطق المملكة والخارج، خاصة إذا كان صندوق الاستثمارات العامة مساهما فيها وسيكون العائد على الاقتصاد الوطني وقطاع الزراعة متوافقا مع تطلعات القيادة وعملها لتطوير قطاعات الإنتاج في بلد يذخر بالثروات الطبيعية القابلة للاستثمار لصنع فرص العمل لأبناء وبنات هذه البلاد المباركة.
إنشرها