FINANCIAL TIMES

العائدون إلى المكتب .. المصافحة بالكوع أم بضرب قبضة اليد؟

العائدون إلى المكتب .. المصافحة بالكوع أم بضرب قبضة اليد؟

مارك ريد هو الرئيس التنفيذي لـ "دبليو بي بي" WPP، شركة الدعاية والإعلان العالمية، عاد لرؤية العملاء مرة أخرى في عالم أعمال يتم تلقيحه بشكل متزايد، وهو يصافحهم في أيديهم بكل سرور.
قال لي الأسبوع الماضي: "المصافحة تكسر حاجز الصمت مع الأشخاص الذين لا أعرفهم. لقد تجاوزنا مرحلة المصافحة بالكوع".
لدى دوجلاس فلينت، رئيس شركة أبردن Abrdn لإدارة الأصول التي أعيدت تسميتها حديثا، خطة هجومية أكثر حذرا لهذه المرحلة الجديدة غير المستقرة من سلوك كوفيد.
يقول: "بالتأكيد لن أدخل غرفة وأمد يدي للمصافحة". بدلا من ذلك، يتراجع وينتظر ليرى ما يفضله الناس. يضيف: "بذلك، تسمح لهم نوعا ما بالقيام بالخطوة الأولى وتسايرهم خلال أقل من جزء من الثانية".
بعد عدة أيام من إجراء استطلاع عميق غير علمي، ليس لدي أي فكرة عن أي من هاتين الاستراتيجيتين للتحية هي الأكثر انتشارا. لكن يمكنني القول، دون أدنى شك، إنها فوضى في الخارج.
حالة التفاوت في اللقاحات، إضافة إلى وجهات النظر المتباينة بشدة حول ما يبدو عليه السلوك الآمن، قسمتنا إلى مزيج محرج من الذين يصافحون باليد ويصافحون بالكوع ويصافحون بضرب قبضة اليد.
للأسف، يمكن أن تكون النتائج وخيمة. هناك رجل مقيم في ألمانيا يعمل مع أحد أصدقائي في لندن، حظي بوقت صعب خصوصا خلال مباراة إنجلترا واسكتلندا الشهر الماضي في بطولة أوروبا لكرة القدم.
كتب إلى صديقي: "قابلت بعض الأصدقاء الجدد في حانة. جميعهم كانوا يصافحون بضرب قبضة اليد، بالتالي فعلت الشيء نفسه. ثم دخل شاب آخر. فمددت قبضتي، وبادر بالمصافحة باليد".
التصادمات غير اللائقة بين الذين يصافحون بضرب قبضة اليد ويصافحون باليد لا تقتصر على ألمانيا. من سيدني إلى سان دييجو، قيل لي إنهم يحولون مجاملات التحايا الافتتاحية العادية في بداية اللقاء إلى لعبة صعبة.
تبدو الأمور مشحونة خصوصا في الولايات المتحدة، حيث حصل نحو 70 في المائة من البالغين على جرعة واحدة على الأقل من لقاح كوفيد، لكن 57 في المائة من الجمهوريين يعتقدون أن الجائحة قد انتهت، مقارنة بـ 4 في المائة فقط من الديمقراطيين.
فوجئ صديق أمريكي مقيم في لندن عاد لتوه من رحلة إلى ساحل الولايات المتحدة بانتشار مصافحة الأيدي حتى العناق.
قال: "كان هناك نوع من الرغبة المكبوتة في إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الجائحة". لا مانع في ذلك إذا كنت من الذين أكملوا جرعاتهم، لكن ليس إذا كنت من ضمن، مثلا، كثير من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما في المملكة المتحدة ولم يكملوا جرعاتهم.
قال صديقي من الواضح أيضا أن الرؤساء الأكبر سنا من الذكور كانوا "يصافحون باليد إلى حد كبير"، ولا سيما في قطاعات مثل أعمال الطاقة.
لا أزال غير متأكدة من الدور الذي قد يلعبه الجندر في هذا الأمر. بالنسبة لكل زميلة تقول إنها شعرت بسعادة غامرة لاستبدال الانحاء أو الطريقة الهندية (ناماستي) أو لا شيء على الإطلاق بالمصافحة باليد. أعرف رجلا واحدا على الأقل يوافق على ذلك. أحد الزملاء الذي وجد نفسه في اجتماع عمل أخيرا حيث افتتح أحد كبار الشخصيات الشهيرة الاجتماع بمصافحة جميع الحاضرين بضرب قبضة اليد بطريقة يقصد بها لفت الأنظار. كان زميلي مستاء للغاية لدرجة أنه بالكاد استطاع منع نفسه من الاندفاع إلى الحمام لغسل يديه.
أنا أتعاطف معه. مع ذلك، فقد اكتشفت أخيرا أن في المناسبات النادرة التي التقيت فيها بشخص جديد، فإن نوعا من الذاكرة العضلية جعلني أمد يدي للمصافحة، بعد ذلك أقدم اعتذارا مرتبكا وأتسبب في إحراج عام للجميع.
لسوء الحظ، يشير التاريخ إلى أن الجائحة لن تقتل المصافحة باليد أو أي تحية أخرى تعتمد على اللمس.
كما كتبت آلاء الشماحي، عالمة الأحياء التطورية، في كتابها الأخير بعنوان: "تاريخ متشبث" A Gripping History، فقد نجت التحية من المحاولات المتكررة لحظرها خلال تفشي الكوليرا والأنفلونزا وما شابه ذلك في الماضي.
نظرا لأن الشمبانزي والقبائل البشرية المنعزلة لديها إيماءات مشابهة، تعتقد الشماحي أننا قد نكون مبرمجين وراثيا على المصافحة باليد، ربما لإيصال أشياء مثل الإشارات الكيميائية المتعلقة برائحة بعضنا بعضا.
وجد باحثون أن الأشخاص أكثر عرضة لشم أيديهم بعد المصافحة مما لو تم الترحيب بهم دون أن يحدث تلامس. تقول: "نحن طائفة الثديات نتوق إلى المصافحة باللمس". تضيف: "المصافحة بالكوع هي في الحقيقة مصافحة الرجل الضعيف".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES