كوكو شانيل

كنت أبحث في اليوتيوب عن فيلم وثائقي معين حين صادفت فيلما يتحدث عن حياة مصممة الأزياء الفرنسية كوكو شانيل التي تعد صاحبة أشهر ماركة عالمية. لم يستوقفني مقدار الشهرة التي حظيت بها خلال مشوارها ولا الثروة التي حققتها في حياتها ولا الأزياء الفريدة والحقائب الفخمة والعطور الغالية التي ابتكرتها، ولكن ما توقفت عنده طويلا وعزمت على جعله مادة لمقالي هذا الأسبوع، هو توافق قصة هذه المصممة مع إيماني المطلق بمفهوم أن الإنسان بإمكانه أن يحقق أحلامه مهما كان واقعه.
ولدت كوكو شانيل عام 1883 وكان الفقر رفيق درب عائلتها التي ضاقت ذرعا به خصوصا بعد وفاة أمها، فقد وجد الأب نفسه يصارع الحياة وحيدا مع خمسة أطفال أيتام ينهش الفقر أجسادهم، ولم يجد وسيلة أمامه إلا وضعهم في دار أيتام توفر لهم قليلا من الأكل والشرب وملابس تقيهم صقيع الشتاء، باختصار لم تحظ كوكو شانيل بأبسط إحساس بالأمان والاحتواء خلال فترة طفولتها، بل عانت إحساسها باليتم والحرمان العاطفي والحياة الصارمة التي كانت سائدة في الدار، كل تلك الظروف بالغة السوء دفعتها لأن تصنع حلما في مخيلتها وتطارده بشغف متجاهلة كل معطيات الواقع المحيط بها التي تنذرها بالفشل الذريع، ورغم ذلك انطلقت كوكو إلى عالم الأزياء والموضة والعطور من خلال بداياتها المتواضعة بتصميم قبعات رخيصة أدخلت عليها لمساتها الخاصة، ليصبح فيما بعد مجرد ذكر ماركة "شانيل" يعني فخامة وقيمة السلعة المراد شراؤها من عشاق الموضة.
بعد قراءتك لهذا المقال أنصحك بمشاهدة أفلام وثائقية أو درامية تتحدث عن شخصية هذه المرأة العصامية، لا إعجابا بتصاميمها وماركاتها وثرائها الفاحش الذي نعمت به قبل وفاتها عام 1971 وهي في أواخر الثمانينيات من عمرها، بل لتؤمن أن الظروف ليست مشجبا تعلق عليه فشلك وخيبات أملك في الحياة، ولتدرك جيدا أن الفشل والنجاح هو اختيارك الشخصي لذلك عليك أن تتوقف عن التذمر ومحاولة الهروب واختلاق الأعذار، ولا تحاول إقناع نفسك أن ظروفك هي الأسوأ، فكوكو شانيل تخلى عنها والدها في تلك اللحظة التي ظنت أنه كان يجب عليه أن يحارب العالم من أجلها، وعاشت حياة صارمة قاسية بعيدا عن "لمة" الأهل ودفء الأسرة، وتجرعت مرارة الفقر والحاجة منذ طفولتها، وعانت خيبات الحب والخذلان في شبابها.

وخزة
تقول كوكو شانيل، "لا تضع وقتك في ضرب الحائط على أمل تحويله إلى باب".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي