Author

ما حدث اختلاف لا خلاف

|
مختص في شؤون الطاقة
تابعت كثيرا الطرح الذي عقب اجتماع "أوبك+" قبل أسبوعين تقريبا، الذي طرح فيه تمديد اتفاقية خفض الإنتاج حتى نهاية عام 2022، واعترضت عليه الإمارات. هذا الطرح منه السمين والموضوعي، ومنه الغث البعيد كل البعد عن الموضوعية، بل يعكس أمنيات طالما تمنوها وطالما ارتطمت هذه الأمنيات بالواقع وانكسرت وذهبت هباء منثورا، حيث سعى كثير من وسائل الإعلام، وكثير من الأقلام لتصوير هذا الاختلاف أنه خلاف بين السعودية والإمارات. بل تمادى البعض بصفاقة أن ما حدث هو من إرهاصات انهيار التحالف بينهما، وأن الخلافات عميقة ولم يظهر منها إلا رأس جبل الجليد، لن أسلط الضوء في هذا المقال على العلاقة بين السعودية والإمارات، ففي اعتقادي أنها علاقة غنية عن التعريف، وفوق الوصف، ولا تحتاج إلى الوقوف عليها وتوضيحها، وتفنيد مزاعم بل أقول أمنيات من ملأوا وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ضجيجا.
بداية يجب التنويه والتذكير أن "أوبك" بقيادة السعودية قامت وما زالت تقوم بتحرك مرن إيجابي واستثنائي يهدف إلى استقرار وتوازن أسواق النفط لمدة أطول، وهذه المرونة منقبة لها وليست مثلبة والأرقام تشهد بذلك، ولا أصدق ولا أجدى من لغة الأرقام. السعودية دائما، كما أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، تلتزم بالمحافظة على توازن السوق، لتحقيق نمو اقتصادي عالمي قوي يساعد المنتجين والمستهلكين على تحقيق الازدهار، وأن النفط سيحتفظ بدوره المستقر في توجيه دفة الاقتصاد العالمي، وسيظل حجر الأساس لمستقبل الطاقة المستدام، ونظرا لأهميته في تحقيق التقدم والازدهار، ستبذل "أوبك" وشركاؤها كل ما يتطلبه الأمر للمحافظة على استقرار السوق وضمان عدم حدوث نقص في المعروض.
عندما علق الأمير عبدالعزيز بن سلمان عقب الاجتماع عما حدث، فهو يتحدث بصفته رئيسا لتحالف "أوبك+" بمشاركة روسيا، ويتحدث من خبرة عميقة تجاوزت الـ 30 عاما في هذا القطاع. نعم اعتراض الإمارات كان متأخرا وفي الجلسة الختامية، وكما أوضح الأمير عبدالعزيز أن هناك طرقا للتعامل مع هكذا اعتراضات ولها طرقها وإجراءاتها التي تكفل حق الجميع.
ليس مهما الآن في رأيي تحليل ووصف ما حدث، فقد حدث وانتهى - ولله الحمد - باتفاق مرض لجميع الأطراف، وتمت مراجعة خط الأساس للإمارات والاتفاق عليه. الأهم أنه تم تجاوز هذا الاختلاف، فهو ليس الأول ولن يكون الأخير في أروقة "أوبك" وهذا أمر طبيعي. غير الطبيعي أن ينجرف البعض خلف هذه الحملات الإعلامية الموجهة، سواء بالسعي إلى تأجيج الرأي العام والتدليس وتشخيص القضية بين السعودية والإمارات، أو محاولة هز الثقة بـ "أوبك" وقدرتها على تجاوز الأزمات. دائما أقول: إن "أوبك" بقيادة السعودية وحلفاءها تتعامل دائما مع الواقع بحصافة وموضوعية ومهنية تخدم المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وتتعامل دائما مع الظروف الاستثنائية باستثنائية لا ينكرها منصف.
سئل الأمير عبدالعزيز بن سلمان في أحد المؤتمرات الصحافية عن طبيعة الاختلاف بين السعودية والإمارات وكيف تم التوصل إلى حل؟ فقال: "أنتم تفترضون بكل غطرسة أنه ليست لدينا الموهبة الفنية والذكاء والدبلوماسية، وكنتم في غفلة كبيرة عما يربطنا ببعضنا، ما يربطنا أكبر بكثير مما نشرتم أنتم وغيركم مع الأسف".
إنشرها