Author

إدارة وإرادة بمعايير رقمية

|

 
أثبتت السعودية أنها قادرة على إدارة شؤون الحج في كل الظروف والأحوال، ولديها تجارب ناجحة في تسيير أعمال الحج وخدماته مواسم عديدة، ويعود ذلك أساسا إلى المخططات المدروسة والمتجددة دوما، التي وضعت على مدى أعوام طويلة، وتم تطويرها وفق المعطيات والمستجدات التي تظهر في هذا الزمن أو ذاك، والتوصيات التي تكتب مع انتهاء كل موسم حج. لم يقف أي عامل أمام إتمام مواسم الحج، بصرف النظر عن قوته، ولا ننسى أن الحكومة السعودية تهتم بخدمات الحج وتنفذ مشاريع متنوعة منذ فترة وأخرى.

وخلال العقود الماضية، أدخلت القيادة السعودية التطوير تلو الآخر في هذا المجال، واهتمت بمعايير السلامة وجعلتها على رأس أولوياتها، وفرضت قيودا ضرورية لحماية الصحة العامة، ووفرت الخدمات الاستثنائية لكل من يحتاج إليها، وقدمت كل ما يجعل ضيوف الرحمن آمنين ومطمئنين حتى يؤدوا نسكهم وشعائرهم بيسر وسهولة، وهم يتلقون ما يستحقون من رعاية واهتمام بالغين. وأظهرت الدول، التي يأتي منها الحجيج حول العالم خلال أعوام مضت، مدى تقديرها للحكومة السعودية على اهتمامها بأمر الحجيج، وما تقوم به الجهات المختصة في هذا الميدان الموسمي المهم لكل مسلم على هذه الأرض، الذي يأتي من أقصى الحدود الجغرافية.

الحج هذا العام، جاء في ظروف استثنائية فعلا، وذلك في ظل استمرار ضربات وانتشار وباء كورونا المستجد حول العالم، بصرف النظر عن تراجعها بفعل ارتفاع معدلات التطعيم. وإزاء هذه الأجواء الصحية السيئة، اتخذت السعودية بالفعل قرارها مبكرا، بقصر الحج هذا العام على المقيمين على أراضيها، وذلك في إطار سعيها إلى المحافظة على صحة الجميع، وأيضا حصر رقعة انتشار الفيروس المتزايدة، وتقليل عدد الإصابات المسجلة، ضمن جهود السعودية في اتخاذ ما يلزم للتخلص من هذه الجائحة، عبر دورها الإقليمي والعالمي، للحد من هذا الوباء الخطير جدا، الذي اتضح أن تحوراته وسلالاته ما زالت تظهر في أرجاء الكرة الأرضية، على الرغم من عمليات التطعيم المشار إليها.

القيادة السعودية، وضعت كل الأدوات من أجل أن ينتهي موسم الحج لهذا العام على أكمل وجه، ودون أي إصابات، وأن يعود الحجيج إلى مدنهم بخير وأمان، والالتزام بأداء نسك الحج، رغم هذه الظروف الصحية الصعبة. خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أشاد بهذا النجاح الذي تحقق رغم كل ما فرضته الجائحة العالمية الخطيرة، فالنجاح تم رغم قيود الجائحة، ورغم كل الإجراءات التي اتخذت لحماية الحجيج.

والحق، إن هذا التميز يأتي - في الواقع - في إطار الجهود التي حققتها السعودية في مواجهة كورونا منذ بداية انتشار الوباء القاتل، وتقدمت على كثير من الدول في هذا المجال، حيث كانت من المتصدرين لدول مجموعة العشرين التي تعاملت بنجاح مع هذه الجائحة، التي لم يتوقعها أحد، فالإجراءات التي اتخذت خلال حج هذا العام، والأساليب التي اتبعت، كانت جزءا أصيلا من الإجراءات الوطنية العامة، مع بعض الإجراءات والخصوصية الإضافية في المناطق التي تشهد مناسك الحج.

التطعيم يتقدم بسرعة على الساحة السعودية، ويوفر المناعة المجتمعية اللازمة، وهذا ما أسهم في رفع الطاقة التشغيلية للحرمين الشريفين، وتمكين قاصديهما من أداء المناسك في بيئة صحية آمنة، دون أن ننسى، التطبيقات الإلكترونية والتقنية الحكومية التي أسهمت ليس فقط في دعم الأوضاع الصحية للحجيج، بل في تسهيل أداء مناسكهم، فكانت أعمال خدمات منظومة متكاملة ومرتبطة مع جميع الدوائر الحكومية التي لها علاقة بأعمال الحج وخدمة ضيوف الرحمن، مع الإشارة إلى أن القيادة كانت حريصة على أن يتم اختيار الحجيج بصورة متوازنة من الجنسيات المقيمة على الأراضي السعودية، فالعدالة في هذا الشأن استراتيجية سعودية يشهد لها تاريخها القديم والحديث.

خادم الحرمين الشريفين، أشاد بكل الجهود التي بذلت من أجل إتمام موسم الحج لهذا العام على أكمل وجه، رغم كل الظروف العالمية الاستثنائية، بما في ذلك ما أصبح يعرف بـ"الحج الرقمي"، الذي يوفر كل الخدمات التقنية والمتطورة السريعة اللازمة في هذا المجال. خلاصة القول، لن تتوقف السعودية عن أداء واجبها الذي اختاره الله لها، في استقبال الحجيج من كل حدب وصوب، وتوفير كل ما يلزم لهم من احتياجات وأمن وأمان وصحة وخدمات استثنائية، وستواصل دورها في كل الظروف والأوقات، على أكمل وجه، استنادا إلى خبراتها التي تراكمت على مدى عقود طويلة في هذا الميدان، خدمة للإسلام والمسلمين.

إنشرها