FINANCIAL TIMES

الفيضانات تدفع المناخ إلى قلب الحملة الانتخابية الألمانية

الفيضانات تدفع المناخ إلى قلب الحملة الانتخابية الألمانية

إذا كان للفيضانات أن يترتب عليها تأثير في الحملة الانتخابية في ألمانيا، فلن تكون هذه المرة الأولى.

مع بقاء ما يزيد قليلا على شهرين على يوم الاقتراع، دفعت الفيضانات المدمرة التي اجتاحت غرب ألمانيا هذا الأسبوع بتغير المناخ إلى قلب الحملة الانتخابية الألمانية.
واتفق معظم الأحزاب السياسية في ألمانيا على أن الاحتباس الحراري المسؤول عن الكارثة التي خلفت 140 قتيلا على الأقل، وأدت إلى دمار في البلدات والقرى في اثنتين من أكثر ولايات البلد اكتظاظا بالسكان.
وقد انفجر سد مقام على نهر روير ليلة السبت، وسارع رجال الإنقاذ لإجلاء نحو 700 من سكان بلدة واسيربيرج بالقرب من الحدود الهولندية.
وقد تثبت هذه المشاهد الدرامية فائدة كبيرة لحزب "الخضر"، الذي كان سيحقق مكاسب كبيرة، حتى قبل هذا الأسبوع، في انتخابات أيلول (سبتمبر) المقبلة. حيث اكتسبت أكبر قضاياه - التركيز على تغير المناخ وعلى حشد جميع موارد الدولة لمنع حدوثه - اكتسبت فجأة إلحاحا هائلا جديدا.
وامتنع الحزب حتى الآن، بحرص شديد، عن قول "لقد قلنا لكم ذلك". ولم يزر روبيرت هابيك، الزعيم المشارك للحزب، المناطق المتضررة من الفيضانات، حيث أخبر مجلة "شبيجل" الألمانية أن "السياسيين الفضولين يعيقون الطريق في مثل هذه المواقف". وقال هابيك الخميس عند اتضاح الحجم الكامل للضرر، "يمنع القيام بأي حملة في يوم مثل هذا اليوم".
ولكن من الواضح أن التركيز الجديد على مخاطر الأحداث الجوية الغريبة وصلتها بكوكب محتر قد يقدم دفعة مهمة لمرشحة حزب "الخضر" لمنصب المستشارة أنالينا بربوك. وقد تساعد تلك المخاطر على صرف الانتباه عن الأخطاء التي طالت حملتها إلى الآن.
وكانت النائبة (40 عاما) على المحك أخيرا بسبب عدم الدقة في سيرتها الذاتية، والانتحال المزعوم في كتاب نشرته الشهر الماضي والتأخر في إبلاغ البرلمان عن دخل إضافي للحزب.
وقال كارل رودولف كورتي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة دويسبورغ- إيسن، في مقابلة مع التلفزيون الألماني، "ستكون قادرة بالتأكيد على تسجيل نقاط لصالح [الخضر] لكفاءتهم في القضايا البيئية والمناخية. ويمنحها ذلك طريقة جديدة تماما لحشد الناخبين".
وأوضحت مارتينا فيتز، المتحدثة الرسمية باسم الحكومة، أن السلطات ترى أن السبب الرئيس للفيضانات هو تغير المناخ. وقالت، "من حيث المبدأ، يؤدي الاحتباس الحراري إلى زيادة ما يدعى بظواهر المناخ المتطرفة مثل موجات الحر والأمطار الغزيرة والعواصف". وأشارت إلى أن متوسط درجة الحرارة في ألمانيا ارتفع بالفعل بمقدار درجتين منذ بدء التسجيل.
من ناحية أخرى، قد يكون التركيز الجديد على المناخ أمرا صعبا بالنسبة لأرمين لاشيت، المرشح لمنصب المستشار من اليمين - الوسط ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي. وبصفته حاكم ولاية شمال الراين - ويستفاليا، موطن بعض أكبر الشركات في ألمانيا، فإنه يعارض بشدة بعضا من أجندة حزب "الخضر"، قائلا إنها يمكن أن تعرض مكانة البلاد كقوة صناعية للخطر.
وتعرض الخميس لموقف حرج، حيث فقد صبره في مقابلة تلفزيونية عندما سألته المذيعة عما إذا كانت ألمانيا بحاجة للتصرف بشكل أكثر فاعلية لاجتثاث أزمة المناخ. وأجاب بغضب واضح، "إنك لا تغيرين سياساتك لمجرد حصول يوم مثل هذا اليوم".
ومع ذلك، فقد أصر على أن ألمانيا يجب أن تغذي الخطى في مجال المناخ. وقال الجمعة، "يجب أن نتحرك بسرعة أكبر في الطريق من أجل حيادية الكربون".
وتمكن لاشيت من تسجيل نقطة مهمة على منافسيه بربوك وأولاف شولتز، وزير المالية ومرشح الحزب الديمقراطي الاجتماعي لمنصب المستشار. حيث كانا في إجازة عندما ضربت الفيضانات وهو لم يكن كذلك، فذهب مسرعا لزيارة بعض المناطق الأكثر تضررا.
ووعد لاشيت بتعويض الذين تركوا بلا مأوى، وأعرب عن تعاطفه مع الضحايا وعائلاتهم، وشكر خدمة الطوارئ، في خطابات بدت محسوبة لإظهاره كمدير فعال في الأزمات أو أب للأمة.
ويقول كورت إن لاشيت يمكنه أن يستفيد سياسيا من الشعور بانعدام الأمان الذي أوجدته الفيضانات. وقال، "علينا أن نتوقع كوارث جديدة، وسيكون لدينا الثقة الأكبر بالأشخاص أو الأحزاب ممن لديهم أفضل الأفكار لحمايتنا مما قد يأتي". ومن الممكن أن يفيد ذلك الاتحاد الديمقراطي المسيحي / الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الذي حكم ألمانيا لمدة 50 عاما من الـ70 عاما الماضية، ويضر بربوك الذي لا يملك أي خبرة حكومية.
إذا كان للفيضانات أن يترتب عليها تأثير في الحملة الانتخابية في ألمانيا، فلن تكون هذه المرة الأولى. حيث يقول الخبراء إن الفيضانات العارمة لنهر إلبي في آب (أغسطس) 2002 أثرت في نتائج الانتخابات في ذلك العام وضمنت فوز المستشار الديمقراطي الاشتراكي جيرهارد شرودر.
قال ستويبر في وقت لاحق، "لم أكن أرغب في شن حملة في هذه الكارثة الطبيعية" - على الرغم من أنه انتهى به الأمر بزيارة المناطق التي غمرتها الفيضانات على أي حال.
وأثر الطقس في السياسة في الأعوام الأخيرة. حيث عززت موجة الجفاف الطويلة التي مرت بها ألمانيا عام 2018 مع قلة الأمطار و تحول الحقول والغابات إلى اللون البني بسبب الشمس الحارقة، شعبية حزب "الخضر" وأطلقت صعودهم المستمر في استطلاعات الرأي. بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 ارتفعت النسبة إلى 22 في المائة، من 8.9 في المائة من انتخابات البوندستاغ في عام 2017.
وفي أيار (مايو) 2019، حصلوا على نسبة 20.5 في المائة في انتخابات البرلمان الأوروبي - أفضل نتيجة وطنية لهم حتى الآن.
وعلى الرغم من عدم رغبة أي أحد في إثارة أزمة سياسية، سيكون هناك البعض في حزب "الخضر" بشكل خاص، ممن يأملون في أن يجد تأثير موجة الحر في عام 2018 صدى في أعقاب فيضانات صيف عام 2021.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES