FINANCIAL TIMES

ارتفاع الأسعار يدق أجراس إنذار التضخم

ارتفاع الأسعار يدق أجراس إنذار التضخم

مؤشر أسعار المستهلك قفز 0.9 في المائة في حزيران (يونيو) عن الشهر السابق - بزيادة سنوية قدرها 5.4 في المائة.

نجح جاي باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي حتى الآن في توجيه البنك المركزي والأسواق المالية في الولايات المتحدة نحو وجهة نظره بأن موجة التضخم التي تجتاح أمريكا ستكون عابرة.
لكن الثقة في هذا الحكم أصبحت موضع تساؤل الثلاثاء الماضي، بعد أن أدت زيادة أكبر من المتوقع في مؤشر أسعار المستهلك لشهر حزيران (يونيو) إلى دق أجراس إنذار جديدة بشأن مدى التضخم في أكبر اقتصاد في العالم.
البيانات التي أظهرت أن مؤشر أسعار المستهلك قفز 0.9 في المائة في حزيران (يونيو) عن الشهر السابق - بزيادة سنوية قدرها 5.4 في المائة - ستزيد الضغط على باول لشرح موقفه خلال جلسات الاستماع في الكونجرس هذا الأسبوع. وتزيد من خطر حدوث انقسام حاد داخل الاحتياطي الفيدرالي بشأن الخطوات التالية في وضع السياسة النقدية.
يعتقد بعض المسؤولين الأعضاء في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أن البنك المركزي الأمريكي يجب أن يبدأ بسرعة في تقليل بعض دعمه للاقتصاد من خلال تقليص مشترياته الشهرية من الأصول بـ120 مليار دولار في ضوء النمو القوي في الإنتاج الأمريكي والتضخم المرتفع.
لكن باول أشار إلى أنه يجب أن يتحرك الاحتياطي الفيدرالي بحذر على أساس أن سوق العمل لا تزال بعيدة عن التعافي الكامل وأن الضغوط التضخمية ستتلاشى في النهاية. وهو يحظى بدعم كثير من كبار المسؤولين، بما في ذلك جون ويليامز رئيس فرع الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
قال بيتر ويليامز، الاقتصادي في شركة "إيفر كور آي إس آي"، "استمرار ارتفاع (التضخم) سيزيد من التوترات في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة".
وأضاف ويليامز، "من المرجح أن يشير بعض الأعضاء الأكثر تشددا إلى نمط التضخم على مدى الأشهر القليلة الماضية على أنه يشير إلى أن التناقص التدريجي يجب أن يبدأ في وقت مبكر من أيلول (سبتمبر)"، على الرغم من توقعه أن "الجزء الأكبر من اللجنة سيفضل التفسير المؤقت في الوقت الحالي".
أرقام مؤشر أسعار المستهلك الصادرة الثلاثاء الماضي، لا تشير بالضرورة إلى أن التضخم يخرج عن السيطرة، الزيادات السنوية في الأسعار ترتفع بسبب مجموعة من العوامل، مثل فورة النشاط الاقتصادي التي حفزها إعادة فتح ما بعد الجائحة، وعراقيل سلسلة التوريد، وتكاليف الطاقة.
"الحالة الأساسية" للاحتياطي الفيدرالي أن هذه الضغوط ستهدأ بمرور الوقت. أيضا لا يعتقد مسؤولو البنك المركزي أن القوى المضادة للتضخم طويلة الأجل - مثل العولمة والأتمتة - في تراجع.
ولا يزال بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي قلقين من أن متحور دلتا من فيروس كورونا، الذي ينتشر بسرعة، قد يضر بالطلب في الولايات المتحدة، ما قد يؤدي إلى كبح ارتفاع الأسعار. لكن مدى الزيادات في أسعار المستهلك لحزيران (يونيو) يسلط الضوء على كيف أن فترة التضخم المرتفع في الاقتصاد الأمريكي، حتى لو كانت مؤقتة، قد تكون أطول وأكثر وضوحا مما كان متوقعا في السابق.
مثلا، الزيادة الحادة في أسعار السيارات المستعملة - أحد العوامل الرئيسة وراء ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة - تراجعت قبل أن تظهر أرقام حزيران (يونيو) أنها تتسارع مرة أخرى.
"إذا، بعد سلسلة من الأرقام المذهلة، تراجع الناس إلى الوراء وقالوا هذا لا يحدث مرة واحدة، هذا اتجاه (...) يمكن أن ندخل في وضع تبدأ فيه توقعات التضخم في الارتفاع"، حسبما قال راندال كروسزنر، الأستاذ في كلية إدارة الأعمال في جامعة شيكاغو ومحافظ الاحتياطي الفيدرالي السابق. وأضاف، "هذا أمر خطير للغاية ومشكلة بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي".
ارتفعت مقاييس السوق لتوقعات التضخم في الأيام الأخيرة، لكنها لا تزال لا تشير إلى مخاوف واسعة النطاق بشأن أسعار المستهلك الجامحة.
أحد المقاييس الشائعة قصير المدى، الذي يعمل كمؤشر للتضخم المتوقع على مدى عامين، يحوم الآن حول 2.8 في المائة. نظيره على المدى الطويل، معدل التعادل لعشرة أعوام، هو عند أقل من 2.4 في المائة. وأوضح كروسزنر أن احتواء توقعات المستثمرين يؤكد قيادة الاحتياطي الفيدرالي لرواية التضخم، مضيفا، "فجأة يعاني الناس تضخما لم يروه (منذ عقود)، لكن هذا لم يخف السوق، ولا يبدو أنه أخاف الأفراد". وقال، "هذا صعب كإيلاج الخيط في سم الخياط، وقد تمكن جاي وزملاؤه في الاحتياطي الفيدرالي من فعل ذلك".
على الرغم من أن باول قد تبنى وجهة النظر القائلة بأن ارتفاع التضخم سيكون مؤقتا، إلا أنه أكد أن الاحتياطي الفيدرالي بعيد كل البعد عن الرضا عن مخاطر الزيادات المفرطة في الأسعار - وأنه على استعداد للتصرف إذا كانت البيانات الجديدة تثير القلق.
"المتنبئون لديهم كثير ليكونوا متواضعين حياله. إنه عمل غير مؤكد إلى حد كبير. ونحن واعون بشكل كبير بالمخاطر ونراقب البيانات بعناية"، حسبما قال باول بعد الاجتماع الأخير للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في حزيران (يونيو).
خلال مثوله أمام لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب واللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ من المرجح أن يواجه رئيس الاحتياطي الفيدرالي انتقادات من الجمهوريين الذين يقولون إن البنك المركزي متمسك بسياسات "تيسير الائتمان" أكثر من اللازم.
قال بات تومي، السناتور الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا، لـ"فاينانشيال تايمز" إن البنك المركزي يخاطر بالتراجع "وراء المنحنى" فيما يتعلق بمخاطر التضخم.
ومع ذلك، من غير المتوقع أن يشير باول إلى أي تحولات في السياسة أو الاتصال خلال ظهوره أمام المشرعين هذا الأسبوع.
"خطابه عن (التضخم) سيكون: نشعر بأننا نسيطر على هذا الأمر، ونعتقد أنه لا بأس، ولكن إذا تغيرت البيانات يمكننا التكيف وفقا لذلك - هذا ما سيقوله بشكل أساسي"، حسبما توقع إيان كاتز من شركة "كابيتال ألفا بارتنرز".
وأضاف، "السؤال لن يفاجئه، سيكون جاهزا له. ربما لن ترضي إجابته بعض الناس ولكن هذه هي الإجابة التي سيحصلون عليها".
في الوقت نفسه، سيراقب الديمقراطيون باول للتأكد من أن الاحتياطي الفيدرالي لا ينوي التراجع عن الإطار النقدي الجديد للبنك المركزي. يتبنى هذا الإطار نهجا أكثر تساهلا مع التضخم وسعيا أكثر إصرارا إلى التوظيف الكامل مما كان عليه في الماضي، فضلا عن الإحجام عن تشديد السياسة على أساس مجرد توقع ارتفاع الأسعار.
ولكن على وجه الخصوص بعد بيانات الثلاثاء، يشعر البعض بالقلق من أنه من خلال التمسك بهذه الخطة، فإن البنك المركزي الأمريكي يسمح للاقتصاد بأن يكون محموما بشدة.
"هناك بالتأكيد عناصر تضخم مؤقتة (...) لكن بالنسبة لأي شخص يتحدث إلى الشركات، سرعان ما تفهم أن هناك كثيرا من الأشياء الأكثر ثباتا"، حسبما قال محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في "أليانز" ورئيس الاستثمار المشارك السابق في مجموعة السندات بيمكو.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES