FINANCIAL TIMES

حان الوقت لإيقاف أعضاء الكونجرس عن تداول الأسهم

حان الوقت لإيقاف أعضاء الكونجرس عن تداول الأسهم

"لا أعتقد بأنه سيسرق موقدا ساخنا جدا". كان هذا رد ثاديوس ستيفنز، عضو الكونجرس الأمريكي عندما سأله أبراهام لنكولن عن نزاهة سايمون كاميرون، وزير الحرب.
بالنسبة إلى كثير من مراقبي واشنطن، كثير من الأمور لم تتغير منذ تنقل كاميرون بين مجلس الشيوخ ووزارة الحرب ومصالحه التجارية الخاصة.
يتجلى ذلك في انعدام ثقة الأمريكيين بنزاهة الكونجرس. أظهر استطلاع أمريكي أجرته مؤسسة "جالوب" أخيرا، أن 63 في المائة من المشاركين يعتقدون بأن معايير النزاهة والمعايير الأخلاقية لدى أعضاء الكونجرس منخفضة أو منخفضة للغاية.
هناك كثير من الأسباب، بالطبع، للتشكيك في نوايا السياسيين - واشنطن لا تنقصها فضائح أبدا، لكن إحدى القضايا البارزة تداول الأسهم الفردية من قبل نواب منتخبين، أثناء توليهم مناصبهم.
يتمتع أعضاء الكونجرس بإمكانية الوصول إلى جميع أنواع المعلومات الخاصة بالشركات، الحساسة من حيث الأسعار - بدءا من التقدم المحرز على صعيد التشريعات، إلى المعلومات السرية المقدمة إلى جلسات استماع اللجان، إلى معرفة موقف الجهات التنظيمية تجاه شركة أو قطاع.
استغرق فضح الوقحين بضع مئات من الأعوام، إلا أن هناك قانونا ضد السياسيين الذين يتداولون بشكل غير عادل بناء على مثل هذه المعلومات - "قانون وقف التداول بناء على المعلومات الداخلية في الكونجرس لعام 2012"، أو قانون الأسهم.
تم تقديمه في أعقاب الجدل حول تداول الأسهم من قبل السياسيين حول الأزمة المالية، وهو يسعى إلى منع أعضاء الكونجرس من "استخدام المعلومات غير المتاحة للعامة التي يحصلون عليها باستخدام مناصبهم الرسمية لتحقيق المنفعة الشخصية، ولأغراض أخرى". المشكلة أن ذلك لا يبدو أنه أحدث فرقا كبيرا. حتى إن بعض النواب يعتقدون بأنه ثبت أنه ضعيف للغاية.
قدم السناتور جيف ميركلي، وراجا كريشنامورثي، عضوا الكونجرس، وزملاء آخرين من الديمقراطيين والجمهوريين "قانون حظر التداول المتضارب" Ban Conflicted Trading Act في الثالث من آذار (مارس) لإيقاف تداول نواب الكونجرس في الأسهم الفردية.
بحسب ما قال ميركلي، آنذاك: "هذه الممارسة فاسدة للغاية. أولا، إنها تحيز وجهة نظر الأعضاء عند العمل على تشريعات تتعلق بأسهم يمتلكونها. ثانيا، يتداول أعضاء الكونجرس بناء على المعلومات التي يسمعون أن عامة الناس لا يتداولون عليها. وهذا فعل خاطئ تماما".
جاءت مقترحات هذا القانون بعد احتجاج النواب على التداول مع تفشي جائحة كوفيد - 19. من أشهر الأمثلة على ذلك، تم التحقيق مع ريتشارد بور، رئيس لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ آنذاك، بشأن تفريغ أسهم تصل قيمتها إلى 1.7 مليون دولار في 13 شباط (فبراير) العام الماضي.
على الرغم من إصرار بور على أنه تصرف بناء على المعلومات المتاحة للعامة والتقارير الإخبارية، أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان يعتمد على المعلومات غير المتاحة للعامة التي تلقاها في الإحاطات الإعلامية الخاصة بأعضاء مجلس الشيوخ فقط. أبلغت وزارة العدل بور في كانون الثاني (يناير) أنها لن توجه إليه اتهامات. كما تمت تبرئة ثلاثة آخرين من أعضاء مجلس الشيوخ تم التحقيق معهم بشأن التداول.
ولكن طالما أن تداول الأسهم الفردية من قبل النواب أمر مسموح به، فستظهر تساؤلات حول مدى صحة المعاملات. لنأخذ على سبيل المثال تداول أعضاء الكونجرس في أسهم "ويلز فارجو"، وهو مصرف يعد فيه التنظيم والرقابة أمران حاسمان لسعر سهمه المستقبلي.
في عام 2016، ظهرت معلومات عن ممارسات فاسدة بتشجيع من الإدارة العليا للمصرف. في نهاية المطاف، عقدت جلسات استماع درامية في الكونجرس، ووضعت الجهات التنظيمية حدا أقصى قيمته 1.95 تريليون دولار على حجم المصرف إلى أن يتخلى عن أعماله السيئة ويمتثل للأنظمة. في شباط (فبراير) 2020، وافقت إدارة "ويلز" الجديدة على دفع ثلاثة مليارات دولار في شكل غرامات في اتفاقية مقاضاة مؤجلة مع وزارة العدل.
الأمر الأساسي لتعافي المصرف سيتمثل فيما إذا كان سيتهرب من القيود التنظيمية بشأن حجمه. خلال العام الماضي، كانت الآمال بأن ذلك سيكون أحد العوامل الكامنة وراء ارتفاع أسهم "ويلز فارجو" 77 في المائة. هناك أعضاء في الكونجرس من بين الراغبين في الرهان على المصرف.
طلبت من "كويفر كوانتيتيف"، شركة أبحاث مقرها ويسكونسن، جمع بعض البيانات حول تداول أعضاء الكونجرس في أسهم "ويلز" على مدار الأعوام القليلة الماضية، بينما كانت الجهات التنظيمية تفكر في مصيرها. أرسلت "كويفر" قائمة من التداولات، صغيرة، والتي تجاوزت صفحتين ونصف الصفحة. بالنظر إلى مدى انتشار المصاعب التي يواجهها "ويلز فارجو"، قد يكون هذا ببساطة رهانا على تعافي المصرف. لكنها لا تزال نظرة غير مبشرة.
ضع ذلك في الحسبان، على سبيل المثال، إذا تم ضبط رئيس هيئة تنظيمية للمصارف، مثل المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، وهو يخمن في أسهم مصرفية، فسيتم طرده على الفور، وربما محاكمته. لكن السياسيين الذين ترسل إليهم الجهات التنظيمية تقاريرها، والذين يتحكمون في ميزانيتها وأولوياتها، يتراكمون داخل وخارج أسهم تلك الشركات شديدة التنظيم. قد يكون القانون المقترح لحظر التداول المتضارب مع المصالح الشخصية متأخرا بعض الشيء، لكنه خطوة صحيحة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES