تقنية المعلومات في خدمة الحجاج
ظلت رحلة الحج محفوفة بالمتاعب والمخاطر على مر التاريخ، ثم زالت المخاطر بحلول الأمن في الطرق التي يسلكها الحجاج، لكن المتاعب الطبيعية ما زالت رغم الجهود المبذولة من الدولة التي تسخر جميع الإمكانات لخدمة ضيوف الرحمن، الذين يزداد عددهم عاما بعد عام، حتى قارب الثلاثة ملايين حاج سنويا. وجاءت جائحة كورونا التي فرضت إجراءات خفضت العدد للعام الماضي وهذا العام حفاظا على صحة الحجاج ومنعا لانتشار هذا الوباء خلال هذا التجمع الكبير ثم انتقاله إلى دول أخرى، وكعادة قيادتنا بدأت البحث عن حلول مبتكرة لجعل رحلة الحج أسهل وأكثر تنظيما.
وحيث إن بلادنا من أكثر الدول اهتماما بالتقنية الحديثة، فقد كانت الحلول التقنية في مقدمة الخيارات وتسابقت الجهات ذات العلاقة إلى طرح مبادراتها فأطلقت وزارة الحج والعمرة بطاقة (شعائر) الذكية في خطوة تهدف إلى تعزيز الخدمات الرقمية لضيوف الرحمن في موسم حج هذا العام، وسيتم عبر هذه المنصة الإلكترونية المتكاملة ربط العمليات والخدمات عن طريق تقنية اتصال المجال القريب التي تسمح بقراءة البطاقة بواسطة أجهزة الخدمة الذاتية الموجودة في المشاعر المقدسة، حيث تقدم عديدا من الخصائص والمزايا كالاحتفاظ بمعلومات الحاج الشخصية والسكنية وإرشادهم إلى مساكنهم في المشاعر والتحكم في الدخول إلى المرافق المختلفة، وتوفر البطاقة للحاج معرفة نقاط التجمع وأوقات المغادرة من وإلى سكنه في المشاعر المقدسة، كما تمكن الحاج من اختيار وجباته اليومية، إضافة إلى استقبال تنبيهات مركز التحكم. ومن جانبها أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) سوار الحاج الذكي (نسك) بصفته خدمة تقنية متقدمة يتم استعمالها في موسم حج هذا العام، وتعتمد هذه الخدمة مفهوم البيانات المتكاملة لتطوير نماذج الأعمال والأنظمة التشغيلية والفنية والتقنية للمشروع في تجربة نوعية لخدمة رحلة الحاج الدينية.
ورحب رئيس (سدايا) الدكتور عبدالله الغامدي بهذه الخطوة المهمة بخدمة حجاج بيت الله الحرام، مؤكدا تسخير جميع الإمكانات التقنية والكفاءات الوطنية لتوفير أفضل الحلول المبتكرة القائمة على البيانات لخدمة الحجاج والقائمين على خدمتهم من مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، وتأتي هذه الخطوة انسجاما مع توجهات ولي العهد ودعمه المستمر لتوفير أفضل الحلول التقنية لدعم مسيرة التنمية عموما.
وأخيرا: تعد بلادنا من الدول التي ركزت على التقنية وفق "رؤية 2030" لتكون عاملا مهما في إيجاد الحلول لمختلف الإشكالات من الصحة إلى التعليم وغيرهما، ثم جاء دور إدارة الحشود التي يأتي موسم الحج في مقدمتها، خاصة أن "الرؤية" تستهدف زيادة عدد الحجاج إلى 5.4 مليون حاج و30 مليون معتمر سنويا، واستيعاب مثل هذه الأعداد لا يمكن دون استخدام التقنية لإدارة الحشود.
وسيكون تجمع حج هذا العام 1442هـ نموذجا يحتذى به في إدارة الحشود بواسطة التقنية، ما يسهل رحلة الحج بعد زوال جائحة كورونا وعودة الملايين لأداء مناسك الحج بكل يسر وسهولة - بإذن الله.