متلازمة العمل الحكومي

خلال العقود الماضية، كان العمل الحكومي الخيار الأول للمتقدمين على الوظائف لوجود الأمان الوظيفي واستمرارية العلاوات. ورغم هذه المميزات، إلا أن هناك بعض الأعراض التي قد تظهر لمن يترك العمل الحكومي، ومن أهمها اكتشاف الأصدقاء الحقيقيين!
فبين بذل الجهد والأمان الوظيفي يكمن الشيطان الصامت الذي وجد في القطاع الحكومي بيئة خصبة لفئة أعداء النجاح أو أصحاب الطاقات السلبية، وغيرها من الألقاب ذات المعنى الواحد! هذا ما يحدث عندما لا يفرق النظام بين المجتهد والمتخاذل، وبين المتميز والمهمل، فكلاهما لهما الراتب نفسه، وكلاهما سيحصلان على ترقيتهما بعد مدة معينه يتخطيانها.
وكما نعلم بأن الإدارة علم وفن وفلسفة في تحقيق الأهداف، من خلال الاستخدام الفاعل للموارد البشرية داخل نظام اجتماعي هادف تسود أجواءه الإيجابية والتعاون، فالترقي حليف المجتهد، وعمل الموظف ودرجة عطائه هي مقياس النجاح.. هنا مفاهيم تتحلى بها بيئة العمل السليمة، التي تغيب وتنعدم في بعض أقسام القطاع الحكومي، لنجد معنى جديدا ورؤية إدارية أخرى توجد أجواء "النكد"، كتصيد الأخطاء، أو التمسك بالكرسي، أو التسلق على أكتاف الآخرين للوصول إلى المنصب!
بعد دمج التعاقد مع التأمينات ستختلف الحكاية تماما، وسيبني الدمج درجة عالية من الشعور بالأمان الوظيفي والترقيات التي تعطى للكفاءات. وستزول فكرة أن العمل الحكومي منحة للأصدقاء الذين تكونت علاقتهم لأجل المنصب لا الشخص، ظنا منهم أن الصداقات ستستمر، وهم لا يعرفون أن هذه العلاقات شخصت في القاموس الإداري بمسمى متلازمة العمل الحكومي. وهذا يذكرنا عندما عزل الوزير أبو شجاع عن وزارة الخلافة عام 484 هـ، فأنشد عند عزله:
تولاها وليس له عدو .. وفارقها وليس له صديق!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي