Author

الصين بحاجة إلى ارتفاع معدلات التضخم «2 من 2»

|

لقد كان الارتفاع الهائل في مؤشر أسعار المنتج مدفوعا باستعدادات المنتجين الصينيين لزيادة الطلب بعد نهاية الجائحة. كان المنتجون في الجزء العلوي من سلاسل التوريد أول من يتخذ الخطوة الأولى، حيث سارعوا إلى تخزين المواد الخام والوقود الأحفوري. ولهذا السبب، شهدت أسعار السلع الأساسية - مثل النحاس والفحم وخام الحديد والألمنيوم - زيادات مضاعفة منذ آذار (مارس). ومع بداية الانتعاش من الجائحة، يظل الطلب على المنتجات النهائية، خاصة المنتجات الاستهلاكية بطيئا. وهذا ما يفسر الفجوة المتزايدة بين الزيادات في مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتج. لا يمكن لمنتجي المنتجات المصنعة في الأجزاء الوسطى والنهائية من سلاسل التوريد تمرير تكاليف المدخلات المتزايدة إلى المستهلكين والمستثمرين. وربما أسهمت عوامل أخرى - مثل تخزين رقائق الكمبيوتر وتنفيذ خطة الحكومة للاستدامة - في حدوث تباينات بين مؤشرات أسعار المنتج والمستهلك.
يعتقد عديد من خبراء الاقتصاد الصينيين أن الزيادة في مؤشر أسعار المنتجين ليست سوى مرحلة انتقالية وربما تكون قد بلغت ذروتها بالفعل. ومع ذلك حتى لو استمر في الارتفاع، لن تكون هناك حاجة إلى الذعر، لأن الزيادة الأخيرة قد عوضت عن الخسائر خلال الأزمة المالية العالمية لعام 2008. علاوة على ذلك، قبل النمو الاقتصادي الأخير، عانت الصين انكماش أسعار المنتجين لأعوام عديدة.
على أي حال، يجادل بعض الاقتصاديين بأن الزيادة في مؤشر أسعار المنتجين من غير المرجح أن تترجم إلى نمو كبير في مؤشر أسعار المستهلكين. من المفترض أن تكون هذه فكرة مطمئنة، الأمر الذي يؤكد أنه لا يتعين على الصين أن تخشى التضخم المرتفع. لكن هذا الوضع يجب أن يكون في الواقع ما يقلق الصين، التي يحتاج اقتصادها إلى مزيد من التضخم.
أدى الافتقار إلى انتقال الأسعار الذي يحافظ على انخفاض التضخم الاستهلاكي إلى تقليص أرباح المنتجين في المراحل الأخيرة، حتى مع استفادة الصناعات الأولية من زيادات ضخمة في الربحية. هذا يقوض الاستهلاك والاستثمار والنمو الاقتصادي في نهاية المطاف. ولأجل ماذا؟ باعتبارها اقتصادا ناميا يبلغ دخل الفرد فيها ما يزيد قليلا على عشرة آلاف دولار، تتمتع الصين بقدرة أكبر على تحمل ارتفاع معدلات التضخم مقارنة بالاقتصادات المتقدمة.
وفي ضوء ذلك، يتعين على الحكومة الصينية أن تعمل على زيادة التضخم الاستهلاكي من خلال تبني سياسات مالية ونقدية أكثر توسعية. وعلى عكس الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، لم تتبع الصين نهجا متساهلا لسياسة الاقتصاد الكلي أثناء الجائحة. وفي أيار (مايو)، بلغ معدل نمو M2 "مقياس واسع النطاق للعرض النقدي" 8.3 في المائة، وهو أعلى مما كان عليه في نيسان (أبريل)، لكنه انخفض بمقدار 2.8 نقطة مئوية مقارنة بالشهر نفسه في العام السابق. وبينما زادت الإيرادات العامة القومية بنسبة 25.5 في المائة في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، زادت النفقات العامة القومية بنسبة 3.8 في المائة فقط.
لقد أسهم هذا النهج الحذر في إضعاف زخم النمو الاقتصادي في الصين. واليوم، أصبحت الصادرات مرة أخرى القوة الدافعة الرئيسة للنمو الاقتصادي - وهو نمط غير مستدام تعمل الدولة جاهدة على تجنبه. سيقطع التوسع المالي والنقدي شوطا طويلا نحو عكس هذه الاتجاهات. وفي نهاية المطاف، بعد استعادة الشركات ربحيتها وعودة النمو إلى المسار الصحيح، سيستقر معدل التضخم عند مستوى إيجابي وآمن.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.

إنشرها