FINANCIAL TIMES

الأمريكيون الأغنياء لا يشعرون بالقلق من خطط بايدن الضريبية

الأمريكيون الأغنياء لا يشعرون بالقلق من خطط بايدن الضريبية

بين الحين والآخر تسقط قنبلة بالكاد يسمع لها صوت. تسريب ProPublica هذا الأسبوع الذي كشف عن مدى ضآلة الضرائب التي يدفعها أغنى 25 شخصا في أمريكا كان عجيبا وفي الوقت نفسه غير مثير للاستغراب. في بعض الأعوام، يدفع المواطن الأمريكي العادي ضرائب أكثر من أصحاب المليارات مثل مايكل بلومبيرج وإيلون ماسك من تسلا. لكننا نوعا ما كنا نعرف ذلك بالفعل. إذا كان هناك أي أمريكي لا يزال يعتقد أن نظامه الضريبي عادل وشفاف، فيجدر به أن يحجز مقعدا في رحلة الفضاء المقبلة لجيف بيزوس.
ومع ذلك، فإن هذا التسريب المجهول يعرض القصة بطريقتين كبيرتين. الأولى التأكيد أن أيديولوجية الشخص الغني ليست بذات بال. قد يعشق اليسار جورج سوروس ويلعن إيلون ماسك. يقدم المحاسبون نتيجة موحدة. لا فرق فيما إذا كان الملياردير يعتقد أنه ينبغي أن يدفع ضرائب أعلى أم لا. وهم يفلتون بما يمكنهم الإفلات به. قبل أعوام، أشار وورن بافيت إلى أن سكرتيرته دفعت ضريبة دخل أعلى مما دفعه. لم يفعل شيئا لتغيير هذا الواقع. ولا ينبغي أن نشعر بالصدمة عندما يطالب بيزوس بتقديم مطالبات بامتياز ضريبي بقيمة 4000 دولار لأطفاله. هذا هو ما يتلقى المحاسبون أجرا للقيام به.
والثانية: الكشف عن النطاق المتواضع للزيادات الضريبية التي اقترحها جو بايدن. خططه من باب إعادة ترتيب العارضات في نافذة المتجر لكنها لا تفعل شيئا يذكر لتغيير نموذج العمل. سيرتفع المعدل الأعلى لضريبة الدخل من 37 في المائة إلى 39.6 في المائة، وسترتفع ضرائب الشركات من 21 في المائة إلى 28 في المائة. نظرا لأن الأمريكيين الأغنياء يدفعون جزءا بسيطا من المعدل الحالي، فإن الزيادة في الرقم الرئيس لن تحدث فرقا كبيرا.
الأمر نفسه ينطبق على أكبر الشركات الأمريكية، حيث يبلغ معدل الضريبة الفعلي الحقيقي 11.7 في المائة. هذا أقل من معدل 12.5 في المائة المعمول به في قبرص وإيرلندا، وهما من بين أدنى معدلات ضرائب الشركات في الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة. في غياب الإصلاح الضريبي، على عكس الزيادات الرئيسة، تقدم مقترحات بايدن وهما بالتغيير. إلغاء الإعفاءات الضريبية أصعب بكثير من رفع المعدلات.
المجال الوحيد الذي قد تثير فيه خطط بايدن أعصاب البعض إصلاح مكاسب رأس المال. فهو لن يضاعف المعدل الحالي إلى أكثر من 40 في المائة فحسب، بل سيفرض ضرائب على أرباح رأس المال غير المحققة عند الوفاة. في الوقت الحالي، يعيد حساب "مصلحة ضريبة الدخل" في تعيين مكاسب رأس المال إلى القاعدة عند وفاة المتبرع. وورثتهم يبدأون الساعة من الصفر. ضرائب الميراث في الولايات المتحدة واحدة من أسهل أشكال التهرب الضريبي.
مع ذلك، سيتجنب بايدن فرض ضريبة الثروة على المكاسب غير المحققة التي تتراكم حين يكون الأغنياء لا يزالون على قيد الحياة. بالنسبة لأصحاب المليارات الشباب مثل مارك زوكربيرج من "فيسبوك" ولاري بيج من "ألفابت"، فإن إصلاح بايدن لن يكون له أثر يذكر. لا يزال بإمكانهم الاقتراض مقابل ثروتهم الورقية وإجراء مقاصة بالفوائد على ضرائب الدخل. بموجب قانون الضرائب البيزنطي في أمريكا، فإن خيارات تقليل الضرائب هذه تكاد تكون غير محدودة.
فلماذا يتجنب بايدن الإصلاح الحقيقي؟ لأن من الصعب للغاية من الناحية السياسية الانسحاب. النظام المعقد اليوم صديق للمال الراسخ. الضرائب المرتفعة على الشركات تؤذي الشركات التي لا تستطيع تحمل تكاليف جيوش كبيرة من المحامين والمحاسبين. لا يوجد لوبي لرواد الأعمال الذين لم يحققوا النجاح بعد.
الأمر نفسه ينطبق على ضرائب الدخل الشخصي. الأمريكيون الأغنياء عادة -أي الذين يكسبون مليونا أو مليونين سنويا ولا يستطيعون تحمل تكلفة اليخوت والأعمال الفنية الثمينة- ربما يكونون أكثر استياء من الأمريكي المتوسط من قائمة ProPublica لأغنى الأغنياء. خطط بايدن الضريبية ترضي اليسار، الذي يحصل على دفعة نفسية من ارتفاع المعدلات الرئيسة. في الواقع، بمقدور بايدن لو أراد أن يجمع مزيدا من الأموال عن طريق خفض معدلات الضرائب مع القضاء على الثغرات -بدمج المعدل الحقيقي مع المعدل الرئيس. ومع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى المخاطرة بتوحيد اليسار واليمين في معارضة نادرة من الحزبين.
السؤال غير المجاب حول تسرب ProPublica هو من أين جاء. الموقع الإخباري لا يعرف مصدره لكنه أكد البيانات مقابل مصادر أخرى. هناك شك معقول في أنه تم اختراقه من قبل كيان لا يتمنى الخير للديمقراطية الأمريكية. ليس بمقدور أي مسؤول من مصلحة الضرائب الأمريكية الوصول إلى كل هذه المعلومات.
أيا كان الشخص الذي قدم التسريب سيعرف أنه سيعمق السخرية العامة حول عقيدة أمريكا في اللعب النزيه والعمل الجاد. الدرس الذي يجب أن يستخلصه بايدن أن البساطة صديقة الديمقراطية. التعقيد لعبة مزورة. إذا كانت القواعد واضحة بما يكفي ليفهمها الناس، فسيكون هناك طلب أقل بكثير على مثل هذه التسريبات.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES