default Author

مختبر داخل جسدك

|
أهم خدمة يقدمها لك الطبيب أن يستمع إليك. يفحصك يجري لك تحاليل مختلفة وقد يأخذ عينات من جسدك ليتعرف على مصدر الألم الذي تعانيه، ومن ثم يصف لك العلاج الملائم. هذه الرحلة قد تكون قصيرة جدا وقد تمتد لأيام وشهور، فجسدك هو صندوقك الأسود الذي يحتفظ بتاريخ خلاياك صحتها ومرضها وموتها.
في بعض الأمراض السرطانية والمناعية يحتاج الطبيب إلى أخذ خزعة من مكان المرض ليتمكن من التشخيص بشكل دقيق، أي يستخرج الأنسجة المريضة خارج الجسم لكي يتمكن من رؤيتها وفحصها، ولكن هذه الطريقة ليست ناجعة على طول الوقت لسببين رئيسين، أولهما أن بعض الأنسجة الموجودة في الدماغ أو الرئتين لا يمكن الوصول إليها بالطرق العادية، وثانيهما عدم قدرة الأطباء في معظم الأحيان على تحديد الأنسجة المسببة للمشكلة فلا يعرف أيا من الأنسجة يحتاج إلى أن نأخذ منه خزعة، لذا يلجؤون إلى طرق أخرى مثل التصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية وكلها اختبارات من الخارج للداخل، صحيح أنها تمنح الطبيب صورة عامة عن صحة المريض، لكن لا تستطيع رؤية التغيرات الجزيئية والخلوية التي تحدث داخل الأنسجة ولا توفر معلومات كافية لمعالجة المرضى بفاعلية قبل ظهور الأعراض.
فمثلا في مرض التصلب اللويحي المتعدد يهاجم النظام المناعي نوعين من الأنسجة في الدماغ والحبل الشوكي ويلحق الضرر بها، ولا يمكن كشف المرض وتطوراته من خلال أخذ خزعة من الدماغ، حيث تكون الخلايا المسببة للمرض نشطة ووفيرة، كما لا يمكن تشخيصه عن طريق عينة دم لأن الخلايا المسببة للتصلب اللويحي نادرة للغاية وغير نشطة في الدم، لذلك يلجأ الأطباء إلى الرنين المغناطيسي الذي يمنحنا معلومات محدودة لا تضاهي الخزعة. إذا نحن بحاجة لطريقة تشخيص من الداخل للخارج وهذا ما فعل الدكتور موريس وزملاؤه في جامعة متشجن، حيث توصلوا إلى طريقة تمكنهم من زرع أنسجة على قرص بلاستيكي تحت الجلد مشابهة لأنسجة المكان الذي تعذر عليهم الوصول إليه بالطرق العادية، فتنتقل الخلايا المتضررة من الجسد إلى القرص المزروع لتمنحنا معلومات خلوية واضحة عن الأماكن النائية في الجسد، ويعملون على تبسيطها أكثر بحيث يستطيعون رؤية ما يحدث في الشريحة عبر تطبيقات تشبه إلى حد ما ما تفعله التطبيقات الصحية في أجهزة الهواتف الذكية، وهذه الطريقة استخدمها موريس حديثا في تشخيص التصلب اللويحي ومرض السكر النوع الأول ورفض زرع عضو في الجسم. فقط علينا تغيير زاوية الرؤية.
إنشرها