Author

قوة ذكية محركة للاستثمارات

|


حقق صندوق الاستثمارات العامة قفزات نوعية خلال فترة وجيزة لا تقاس بزمن طويل، وذلك لدوره في دعم مقومات الاقتصاد الوطني، وأيضا تحقيقه مراكز عالمية متميزة بين الصناديق السيادية في العالم.
والملاحظ لمؤشرات حركة صندوق الاستثمارات السعودي قبل رؤية السعودية 2030 أنه كان يحوز 2 في المائة فقط من قيمة ثروات الصناديق السيادية في العالم، ما جعله في المركز الـ31 بنهاية 2015، وفقا لتقارير معهد صناديق الثروة السيادية حول العالم، ولم تكن خطط التنمية قد أشارت بوضوح إلى دور هذا الصندوق في صناعة الاقتصاد السعودي وتنشيط مجالاته ومؤشراته، أو وضعت له مستهدفات ذات صلة.
لكن مع تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد وتدشين رؤية السعودية 2030، أصبحت للصندوق مكانة مرموقة ومختلفة في تفعيل المشاريع الاستثمارية الوطنية، بل يمكن القول إنه اليوم يمثل العمود الفقري للاقتصاد السعودي وتوجهاته.
لقد كانت ربحية الصندوق ما بين 2 و3 في المائة، وهو الآن يستهدف 6 إلى 7 في المائة، وتم تحقيق ذلك في معظم استثمارات الصندوق. كما أن صندوق الاستثمارات العامة أنفق داخل السعودية 90 مليار ريال في استثمارات جديدة، وسينفق 160 مليارا في عام 2021، بل تبين لاحقا أن للصندوق أثرا واضح المعالم في حركة الاستثمارات العالمية، خصوصا في مجالات الذكاء الاصطناعي.
وأشارت وكالات أنباء عالمية إلى ما حققه صندوق رؤية سوفت بنك من أرباح بـ36.9 مليار دولار، بدعم أرباحه من الطرح الأولي العام لشركة التجارة الإلكترونية "كوبانج"، ويعد صندوق الاستثمارات العامة، المستثمر الرئيس فيه، فالصندوق السعودي لم يعد ذلك الذي يستثمر بخمول، بل يستثمر بحيوية ورشاقة مكنته أخيرا من اقتناص فرص استثمارية في الأسهم الأمريكية عند قيعانها المسجلة في آذار (مارس) 2020، بينما تخارج من بعضها مع ارتفاعها بنسب كبيرة.
كما أنه يقود الحركة الاستثمارية في داخل السعودية، ويسهم بفاعلية في التنمية الاقتصادية، وهو ما ذكره ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في آخر حوار تلفزيوني، حيث أوضح أن الصندوق ينفق في استثمارات جديدة داخل السعودية أكثر من الإنفاق الرأسمالي لميزانية الدولة، وأن هذا سيستمر في شكل تصاعدي حتى الوصول إلى 2030.
وعلى الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققتها رؤية السعودية 2030 حتى الآن، وعلى الأصعدة كافة، والإشادة العالمية بهذه التجربة، بل رغبة كثير من الدول الاستفادة منها وتطبيقها، فإن برنامج صندوق الاستثمارات العامة هو المعلم الرئيس في هذا النجاح، فبينما كان المستهدف في الرؤية أن يكون حجمه سبعة تريليونات ريال بنهاية عام 2030، فإن الوضع الراهن ينبئ بأن حجمه سيكون أربعة تريليونات ريال بحلول عام 2025، وقد أشار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى ذلك، وقال إنه سيتم تعديل المستهدف إلى عشرة تريليونات ريال في 2030، وبالتالي فكل الأرقام التي كان يعتقد أنها أرقام كبيرة وغير قابلة للتحقيق، أصبحت حقيقة حتى قبل 2030 بأعوام.
ودون شك، فإن هذه المستهدفات الواضحة، وخطة العمل الشفافة للصندوق، قد أسهمت في صعود أصوله 7.5 في المائة بما يعادل نحو 30 مليار دولار "112.5 مليار ريال"، خلال أول خمسة أشهر من العام الجاري، لتبلغ 430 مليار دولار "1.61 تريليون ريال" حاليا، مقابل نحو 400 مليار دولار "1.5 تريليون ريال" بنهاية 2020، وتقدم الصندوق للمركز السابع بين أكبر صناديق الثروة السيادية عالميا بحصة 5.1 في المائة، بعد أن كان ثامنا بنهاية 2020، بحصة 5 في المائة.
لعل المنافسة لا تزال في أشدها اليوم، خاصة أن صندوق التقاعد النرويجي يتصدر الترتيب بقيمة أصول 1189.5 مليار دولار، تشكل 15.3 في المائة من إجمالي أصول الصناديق السيادية في العالم، تليه مؤسسة الاستثمار الصينية بقيمة أصول 1045.7 مليار دولار، تشكل 12.4 في المائة من إجمالي أصول الصناديق السيادية في العالم.
لكن المرونة الكبيرة التي يتمتع بها العمل الاقتصادي وبيئته في السعودية، هي التي ستمنح الصندوق القدرة على المنافسة وتصدر الترتيب العالمي بحلول عام 2030 - بإذن الله.
كما أن هذه المرونة والتكامل، حققت للصندوق الاستفادة من تحويل 150 مليار ريال "نحو 40 مليار دولار" من الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي السعودي "ساما" إليه بشكل استثنائي خلال آذار (مارس) ونيسان (أبريل) من 2020، ليتمكن من اقتناص الفرص، خاصة أن التركيز الرئيس للصندوق في المرحلة الراهنة هو نمو حجمه بالشكل الذي يتوافق مع أهدافه التي تتسق مع "رؤية 2030".

إنشرها