أخبار اقتصادية- عالمية

مطالب بتوسيع الشفافية في منظمة التجارة وتفادي تحولها إلى صندوق أسود

 مطالب بتوسيع الشفافية في منظمة التجارة وتفادي تحولها إلى صندوق أسود

بدون الشفافية تكون الاتفاقيات التجارية مجرد كلمات على الورق.

مع كل هذا الصخب لإصلاح الهيئات الداخلية لمنظمة التجارة العالمية، ظهرت دعوات داخل المنظمة مدعومة بكتابات من بعض الاقتصاديين والمنظمات غير الحكومية، تؤكد أن الوقت حان للمنظمة لإعادة فحص "كيفية تعاملها مع المعلومات"، وتفاديها التحول إلى "صندوق أسود"، وكيف يمكنها توسيع "نافذة شفافيتها"، وكيف يمكن أن تكون "أكثر شعبية" وليست مجرد منظمة تخص النخب الاقتصادية ومعقدة في العمل واللغة.
ويتفق المعترضون في منظمة التجارة أن الشفافية ينبغي أن تكون هي الموقف الأصلي المفترض، لكنهم يقولون أيضا إن بعض السرية المحدودة زمنيا في المفاوضات التجارية الدولية ضرورية أيضا. إذا تم التعامل مع هذه المعلومات بشكل صحيح، فإنها لا تتعارض مع المسؤؤلية.
ومنظمة التجارة العالمية - عضويتها، وليست أمانتها العامة - لديها ثلاث مهام أساسية: التفاوض على قواعد جديدة، ومراقبة كيفية وضعها موضع التنفيذ، وتسوية أي نزاعات قانونية قد تنشأ.
ودعاة الانفتاح يقولون إن الشفافية تدعم الثلاث، وأن مزيدا من الشفافية يقلل من عدم التوازن المتأصل في المعلومات، وعندما تكون المعلومات متاحة للجميع، فإنها تقلل من تكاليف التجارة وعدم اليقين بالنسبة إلى الشركات. تقول النقاشات الرائجة هنا إنه "من دون الشفافية، تكون الاتفاقيات التجارية مجرد كلمات على الورق".
وضع هؤلاء ثلاثة أنواع مختلفة من الشفافية في التجارة وعمل المنظمة، أولها "الشفافية الخارجية"، وتعني مدى معرفة المواطنين المعلومات العامة حول منظمة التجارة وعملها واتفاقياتها.
وثانيها "الشفافية الوظيفية"، بحيث تكون إجراءات الحكومات والمعلومات التي تقدمها معروفة للحكومات الأخرى، وأي شركة أو مؤسسة أو شخص مشارك في التجارة.
وثالثها "الشفافية الداخلية"، بين أعضاء المنظمة، بحيث تعرف جميع الوفود وحكوماتها ما تتم مناقشته وما يحدث، دون أن يعرف الجمهور بالضرورة.
ويقول دعاة الانفتاح إنه لا ينبغي أن تكون الشفافية فكرة متأخرة على المنظمة، ولا ينبغي لها التعامل مع المعلومات بطريقة التكتم، بل جعلها عامة لتشجيع التفاهم. أما السرية، فهي تثير الشكوك.
يستشهد هؤلاء بالإعلان الوزاري للمنظمة في 2001، حيث أكدت الدول الأعضاء مسؤوليتها الجماعية "لضمان الشفافية"، على الرغم من الطابع الحكومي الدولي للمنظمة، والالتزام بنشر المعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة، وتحسين الحوار مع الجمهور.
في الواقع، الدول الأعضاء، خاصة النامية، لها مطالبها الخاصة بالشفافية. هي تؤكد أن تكون عملية صنع القرار "شاملة" - أي أن يكون لكل الأعضاء الـ164 رأي. هذا المطلب ناجم من شيوع مفاوضات المجموعات الصغيرة لاتخاذ القرارات الصعبة بعد كسر الجمود. تقول هذه الدول، إنه ينبغي نقل المعلومات في كلا الاتجاهين لإبقاء بقية الأعضاء على اطلاع، وضمان تمثيل صوتهم من قبل أي شخص في المجموعة الصغيرة. هذا يدخل في إطار "الشفافية الداخلية".
كما تدعم هذه الدول حق الأعضاء في الحصول على بيانات جيدة بما يكفي ليكونوا قادرين على تقييم الآثار المترتبة على التدابير التجارية لبعضهم بعضا بالتفصيل.
القيد الرئيسي هنا هو الموارد المالية، إذ تتطلب ترجمة كل مستند بدقة إلى لغتين أخريين فرقا كبيرة من المترجمين الخبراء والوقت وميزانية كبيرة. هذا هو السبب الرئيس لسرعة إسقاط عدة طلبات لإضافة اللغة العربية كلغة رابعة إلى منظمة التجارة العالمية.
لكن من الناحية العملية لم يتغير من الأمر شيئا. أغلب الأعضاء يقولون الآن إن تداول الوثائق المقيدة مؤقتا داخل المنظمة لا يعني غياب الشفافية. وأن مفهوم الشفافية المستخدم في المنظمة يتضمن في بعض الأحيان صراعات متأصلة معينة. وقالت أخرى: "ينبغي ألا تتضرر الوظيفة الأساسية للمنظمة من أجل تحقيق قدر كبير من الشفافية".
وبالنسبة إلى الكثيرين، الشفافية الداخلية هي الشاغل الأكبر. تشتكي الدول النامية من استبعادها من بعض عمليات المشاورات المهمة التي تجري على نطاق ضيق وتؤدي فيما بعد إلى اتخاذ قرارات جوهرية.
ومثلما يحدث في كثير من الأحيان، سرعان ما تحولت التبادلات إلى نقاش أكثر سخونة وجدية، حول: من يجب أن يكون شفافا؟ المنظمة أم الأعضاء؟ وماذا ومتى ولماذا...؟ وهل أن مزيدا من الشفافية يحسن طريقة عمل النظام التجاري متعدد الأطراف؟ وهل نشر المعلومات كاف لدعم تقدم المفاوضات؟
يجادل هؤلاء بجدية في أن الشفافية تعتمد على الانفتاح، وأنه ينبغي على المنظمة أن تقدم معلومات كاملة حول ما تفعله، وليس التحكم في المعلومات أو التعتيم عليها، وأن على جميع المسؤولين فيها، على جميع المستويات، أن يستجيبوا دائما لطلبات الحصول على المعلومات.
لكن هل من الحكمة للمسؤولين التحدث إلى الاقتصاديين وأعضاء المنظمات غير الحكومية حول مواضيع معقدة وحساسة؟ وهل الرقابة التي تفرضها المنظمة على المعلومات هي معادية للشفافية؟ وهل هناك أوقات يمكن أن تساعد فيها السرية على تحقيق نتائج جيدة وفاعلة؟

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية