Author

مستجدات التعافي وتقديرات الطلب

|

يظهر جليا أن الأمور تتجه إلى مزيد من الحراك الاقتصادي العالمي ونموه، على الرغم من بعض التأثيرات السلبية في هذه الخطوة في هذه المنطقة أو تلك، أو قارة بأكملها مثلما حدث في أوروبا من تراجعات مخيفة في المؤشرات الاقتصادية، نتيجة عدم السيطرة الكاملة على وباء كورونا.

كما أن عودة عجلة الاقتصاد إلى الدوران بسرعات مختلفة، عزز توقعات منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" السابقة، بأن الأسواق بحاجة إلى ضخ مزيد من النفط خلال الفترة المقبلة، فالتعافي الاقتصادي الذي يتضح بجلاء في معظم الدول المستهلكة للنفط، رفع - في الواقع - مستوى الطلب على النفط، ولا سيما في الولايات المتحدة والصين، وهذه الأخيرة سجلت نموا كبيرا بفضل التعافي السريع من جائحة كورونا والسيطرة على الوضع الصحي، على الرغم من غموض الرؤية بعد لمستقبل الاقتصاد العالمي، أضف إلى ذلك أن التعافي الأمريكي صاحبه حزم دعم ضخمة، ما يعزز الطلب على الطاقة عموما.

على هذا الأساس، هناك حاجة وفق "أوبك"، إلى ضخ مزيد من النفط في الفترة المتبقية من العام الجاري على الأقل، والتقديرات مرتفعة بالفعل، معززة بمستجدات واقعية على الأرض، فالطلب سيرتفع هذا العام 6.6 في المائة، أو ما يعادل 5.95 مليون برميل يوميا، علما بأن هذه التوقعات لم تتغير للشهر الثاني على التوالي، ما يؤكد مجددا، أن الأسواق العالمية ستكون بحاجة ماسة لاحقا إلى مزيد من الإمدادات النفطية. واللافت، أن هذه التوقعات تأتي في ظل تعاف أبطأ مما هو متوقع للاقتصاد العالمي خلال النصف الأول من العام الحالي، وإذا ما استمر حراك التعافي هذا بصرف النظر عن مؤشرات سرعاته، فإن الطلب على النفط سيرتفع، ولا سيما خلال فترة الشتاء المقبلة، التي يرتفع فيها الطلب على النفط عادة.

ولا شك في أن الطلب على الإمدادات النفطية كان ليزداد أكثر حتى من توقعات "أوبك"، فيما لو لم تضطر بعض الدول لإعادة إغلاق اقتصاداتها، أو التأخر في فتحها تماما، بسبب السلالات الجديدة التي تظهر هنا وهناك لفيروس كورونا، فبريطانيا - على سبيل المثال - قررت قبل أيام عدم الإقدام على الفتح الكامل لكل قطاعاتها في الـ11 من الشهر الجاري، وتأجيل ذلك إلى الشهر المقبل.

وهناك عدد كبير من الدول المستهلكة للنفط، أعادت النظر كليا في مواعيد إعادة تحريك اقتصاداتها للسبب نفسه، إلا أن هناك أسواقا محورية أعادت الحراك بصورة أسرع، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الإمدادات النفطية في المرحلة المقبلة، مع ضرورة الإشارة إلى أن الأمور ليست سيئة تماما على صعيد الفيروس، في ظل انتشار متسارع لعمليات التلقيح حول العالم.

ومع تسجيل تقديرات إيجابية بنمو الاقتصاد العالمي 5.5 في المائة، فإن الطلب على الطاقة عموما سيرتفع، على الرغم من أن التعافي الكامل لن يحدث قبل عام ونصف العام من الآن في معظم الدول، وفي العام الحالي، لن تتعافى اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لأنها تعرضت لشبه انهيار من جراء تفشي كورونا، لكن كل التوقعات تشير إلى أنها ستستكمل التعافي في العام المقبل، الأمر الذي سيعزز الطلب العالمي على النفط أكثر.

ومن المؤشرات البارزة، أن سعر برميل النفط ارتفع سعره منذ مطلع العام الجاري أكثر من 39 في المائة إلى ما فوق 72 دولارا، وهذا يدل على ارتفاع الطلب، وإذا ما حقق الاقتصاد العالمي نموا أكثر من المتوقع هذا العام والعام المقبل، فإن الحاجة إلى مزيد من الضخ في الأسواق سترتفع، و"أوبك" قادرة على سد الاحتياج العالمي من النفط، في أي وقت، أو في أي حالة، بصرف النظر عن طبيعتها.

إنشرها