التزام جديد بالإنصاف في إتاحة اللقاح ودحر الجائحة «2 من 2»

حول خطة صندوق النقد الدولي في تسريع وتيرة إنهاء الجائحة في العالم النامي تنطوي الخطة في العامل الثاني التأمين ضد مخاطر الخسارة الناجمة مثلا عن ظهور متحورات جديدة قد تتطلب جرعات معززة. وهذا يعني ضرورة الاستثمار في تعزيز قدرة إنتاج اللقاح بمقدار مليار جرعة على الأقل، وتنويع الإنتاج، حيث يشمل الأقاليم التي تفتقر حاليا إلى القدرة على الإنتاج، وتقاسم التكنولوجيا والدراية، وزيادة الترصد الجينومي والرقابة على سلسلة الإمداد، ووضع خطط للطوارئ للتعامل مع طفرات الفيروس واضطرابات الإمداد.
ويجب إزالة كل العراقيل أمام توسيع نطاق الإمدادات، وندعو أعضاء المنظمة إلى تسريع المفاوضات من أجل التوصل إلى حل عملي بشأن جوانب الملكية الفكرية. ويبذل عديد من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل أيضا جهودا للاستثمار في قدراتها الخاصة بالتصنيع المحلي، وهو ما يعد ذا أهمية محورية ليس لإنهاء هذه الجائحة فحسب، بل للتأهب لمثيلاتها أيضا.
ثالثا، المبادرة فورا إلى تعزيز تدابير الاختبار وتتبع المخالطين وزيادة إمدادات الأكسجين وتقوية التدابير العلاجية وتدابير الصحة العامة، مع العمل في الآن ذاته على زيادة توزيع اللقاحات وتعزيز مبادرة مسرع الإتاحة. وتواظب المنظمة واليونيسف والبنك الدولي وتحالف جافي على إجراء تقييمات لمدى الاستعداد لتلقي اللقاحات في أكثر من 140 بلدا ناميا، وتقديم الدعم الميداني والتمويل استعدادا لنشر اللقاح.
وماذا عن التكلفة؟
من مجموع التكلفة المقدرة بمبلغ 50 مليار دولار، هناك حاجة قوية إلى أن يتأتى مبلغ 35 مليار دولار على الأقل من المنح. وقد صدرت إشارات إيجابية بالفعل من حكومات مجموعة العشرين التي أقرت بأهمية المساهمة بمبلغ تمويل إضافي بنحو 22 مليار دولار لمبادرة تسريع الإتاحة عام 2021.
وهناك حاجة إلى تمويل إضافي بنحو 13 مليار دولار لإعطاء دفعة قوية لإمدادات اللقاح عام 2022 وزيادة الاختبارات والعلاجات والترصد. أما المبلغ المتبقي من خطة التمويل العام - أي زهاء 15 مليار دولار - فيمكن أن يتأتى من الحكومات الوطنية بدعم من المصارف الإنمائية متعددة الأطراف، ومنها البنك الدولي الذي خصص مبلغ 12 مليار دولار لتيسير تمويل حملات التطعيم.
فالخطة تقتضي التمويل مقدما والتبرع باللقاحات مقدما والتخطيط والاستثمارات التحوطية مقدما أيضا، بدلا من التعهدات التي قد يتباطأ تنفيذها. ومن الضروري إتاحة كل ذلك في أسرع وقت ممكن وتقتضي الخطة أيضا تنسيق الجهود العالمية، استنادا إلى الشفافية التامة في عملية الشراء والتسليم. فنجاح الاستراتيجية يتوقف على العمل المتناغم للأطراف كافة - القطاعان العام، والخاص، والهيئات المالية الدولية، والمؤسسات الخيرية.
ولعل تخصيص 50 مليار دولار لإنهاء الجائحة سيكون أفضل استثمار للأموال العامة نشهده في حياتنا. وسيعود بمنافع إنمائية جمة ويعزز النمو والرفاهية في العالم. غير أن الوقت المتاح أمامنا لاغتنام الفرصة ينفد بسرعة، فكلما تأخرنا ازدادت التكلفة التي ندفعها من حيث المعاناة البشرية والخسائر الاقتصادية.
وباسم منظماتنا الأربع، نعلن اليوم التزاما جديدا بالعمل معا على زيادة التمويل المطلوب، ورفع حجم التصنيع وضمان الانسياب في تدفقات اللقاحات والمواد الأولية عبر الحدود لتحقيق زيادة كبيرة في إتاحة اللقاح دعما للاستجابة الصحية والتعافي الاقتصادي، وبث الأمل الذي نحتاج إليه جميعا.
وتسعى مؤسساتنا جاهدة لتحويل هذا الأمل إلى واقع:
فصندوق النقد الدولي يعكف على تخصيص حقوق سحب خاصة غير مسبوقة لدعم الاحتياطيات والسيولة لدى أعضائه. ومنظمة الصحة العالمية منكبة على تحديد التمويل المطلوب، كي يتسنى الوفاء بالاحتياجات الملحة لخطتها الاستراتيجية للتأهب والاستجابة ولشراكة مسرع الإتاحة، في حين يعمل مجمع إتاحة تكنولوجيات مكافحة كوفيد - 19 C-TAP على حفز تقاسم الخبرات والتكنولوجيا. أما البنك الدولي فسينفذ مشاريع في 50 بلدا على الأقل بحلول منتصف العام، حيث تعكف مؤسسة التمويل الدولي على تعبئة القطاع الخاص لدعم توريد اللقاح إلى الدول النامية. وتعمل منظمة التجارة العالمية من جهتها على تحرير سلاسل الإمداد لإنجاح الخطة. إن إنهاء الجائحة مشكلة قابلة للحل، لكنها تقتضي بذل جهود عالمية حالا. فلنشحذ همتنا معا وننجز هذه المهمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي