FINANCIAL TIMES

عندما تصبح قيمة وقت الفراغ مغرية أكثر من العمل

عندما تصبح قيمة وقت الفراغ مغرية أكثر من العمل

عدد الأشخاص الذين عادوا إلى العمل انخفض بنسبة 75 في المائة عما توقعه معظم المحللين.

لنفترض أنك عاطل عن العمل ويعرض عليك شخص ما 15 دولارا في الساعة للعمل لمدة 40 ساعة في الأسبوع كمدير مناوبة في "ماكدونالدز" في الولايات المتحدة. هذا من شأنه أن يمنحك 600 دولار في الأسبوع. إنها ليست ثروة. لكنه ليس سيئا أيضا. لذا وبالتالي إذا كنت بحاجة إلى عمل، فمن المحتمل أن تأخذ الوظيفة. لكن ماذا لو عرض عليك شخص آخر ما يزيد قليلا على 600 دولار في الأسبوع ربما 650 دولارا -للبقاء في المنزل بدلا من ذلك. أظن أنك قد تفكر في الموضوع طويلا.
قد يكون هذا جزءا من التفسير وراء المشكلة التي تواجهها الشركات الأمريكية في التوظيف في الوقت الحالي. خلال معظم الشهور الـ 18 الماضية، لم تكتف الحكومة الأمريكية بإرسال كمية ضخمة من شيكات التحفيز لمرة واحدة على عامة السكان فحسب، بل عرضت إعانات بطالة مرتفعة بشكل هائل. تمكن الناس من المطالبة أكثر ولمدة أطول من أي وقت مضى (39 أسبوعا بدلا من 26 أسبوعا). يبلغ متوسط إعانة البطالة الأسبوعية في جميع أنحاء البلاد الآن أكثر من 600 دولار، حيث يدفع بعض الولايات أكثر من 700 دولار.
الأرقام ليست جيدة كما كانت في الجزء السابق من الوباء، عندما ارتفع متوسط معدل الاستبدال (النسبة المئوية من دخلك الذي تم استبداله بفقدان الوظيفة) من 48 في المائة في فترة ما قبل الوباء إلى 145 في المائة. لكنه يقدم سببا لكثير من الناس ليقرروا، على حد تعبير Intertemporal Economics أن "الدخل المتوقع من العمل أقل من التحويلات الحكومية وقيمة وقت الفراغ".
قد تكون هذه الحال بشكل خاص عندما تضيف احتياطي المدخرات نتيجة الوباء التي تراكمت لدى الأسر -نقود تسمح لهم بالتمهل قبل العودة إلى السوق. قد يكون هناك مفعول قصير الأجل للثروة هنا: إذا ارتفع سعر منزلك بنسبة 10 في المائة، فقد تشعر بضغوط مالية أقل على المدى الطويل. لاحظ أن نسبة مئوية أعلى قليلا من الأمريكيين قالوا إنهم شعروا بالأمان المالي عام 2020 مقارنة بعام 2019.
تظهر الأرقام نتيجة كل هذا -نقص المعروض في سوق العمل. أظهرت أرقام التوظيف في أبريل أن عدد الأشخاص الذين عادوا إلى العمل انخفض بنسبة 75 في المائة عما توقعه معظم المحللين. لا يمكن أن ينسب هذا إلى الطلب -هناك كثير من الوظائف الشاغرة. هناك قضايا أخرى- فكر في المخاوف الصحية (من يريد ترك المنزل دون تلقيح؟) وقضايا رعاية الأطفال (ليس كل المدارس الأمريكية مفتوحة). هذا كله أمر عادل (هناك سبب يجعل نحو 60 في المائة ممن يبحثون عن عمل يريدون أن يكون العمل عن بعد). لكن النقطتان الأخيرتان سيكون لهما مفعول لكثير من الأسر فقط بسبب الفوائد المعززة والمدخرات بسبب الوباء.
كل هذا كان من الصعب قياسه خلال الوباء. لكن هناك مجموعة لا بأس بها من الأبحاث تشير إلى أنه كلما زاد المبلغ الذي تدفعه للناس مقابل عدم العمل قل عدد عملهم، وسنكتشف قريبا ما إذا كان هذا الأمر ينطبق بعد فيروس كورونا. كما تشير كابيتال إيكونوميكس، فإن بعض الولايات الأمريكية قد اختارت الآن عدم المشاركة في البرامج الفيدرالية المحسنة (الحوافز مهمة كما يقول حاكم مونتانا)، ما قد يفسر الانخفاض السريع في مطالبات البطالة أخيرا.
قد يبدو كل هذا بديهيا. لكنها مشكلة بالنسبة للذين يؤمنون بالدخل الأساسي الشامل UBI الذين يعتقدون أن الوباء ينبغي أن يكون العامل المحفز الذي يسرع ظهوره في الدول المتقدمة. الفرضية الأساسية للدخل الأساسي (أم الفرضية الأساس للدخل الأساس؟) تتمثل في أنه إذا تمكنت من العثور على النقود لمنح الجميع دخلا غير مشروط وغير خاضع لاختبار الموارد المالية لتغطية جميع احتياجاتهم الأساسية، فسيصبحون أكثر سعادة وصحة وإنتاجية، والأهم من ذلك أقل احتمالية لأن يكونوا عاطلين عن العمل.
إنها فكرة جميلة. لكن بعيدا عن القضية الواضحة جدا المتمثلة في التكلفة، فإنها تأتي مع مشكلة: تم إجراء كثير من التجارب الصغيرة، ولم يسفر أي منها عن أي دليل على نجاحها. تجربة المراقبة العشوائية الوحيدة التي أجريت على مستوى البلاد حتى الآن كانت في فنلندا قبل بضعة أعوام. كانت هناك نتيجة واحدة واضحة: الذين يحصلون على الدخل الأساسي كانوا أكثر سعادة من الذين في المجموعة الضابطة. هذا ليس مفاجئا -من الصعب أن نتخيل الأموال المجانية تتعس كثيرا من الناس. لكن فيما يتعلق بمسألة التوظيف لم يكن هناك استنتاج واضح.
يمكنك المجادلة بأن الدخل الأساسي الشامل الحقيقي لم يجرب مطلقا: معظم التجارب والوعود تدور حول تقديم حد أدنى مضمون من الدخل لعدد محدود من الناس. شاهد ما ذكرته الحكومة الاسكتلندية أخيرا عن حد أدنى من الدخل قدره 37 ألف جنيه إذا استطاعت تأمين استقلال اسكتلندا. ويمكنك المجادلة بأنه عندما يتعلق الأمر بالمال المجاني، فإن الجدول الزمني قد يكون له أثر مهم. إذا كنت تعلم أنك تحصل على 600 دولار شهريا مجانا لمدة ثلاثة أشهر، فقد تختار أن تسترخي على الأريكة. إذا كنت تعلم أن الأمر سيستمر إلى الأبد، فمن المؤكد أنك ستعمل على وضع خطة لحياة مهنية طويلة الأجل.
ما لا يمكنك فعله هو أن تجادل بأن لدينا مزيدا من الأدلة الآن على أن الدخل الأساسي الشامل سيكون مفيدا للتوظيف أكثر مما فعلناه قبل عامين. قد يقول بعض المعجبين إن هذا لا يهم: هناك فئة تعتقد أن الأتمتة ستدمر سوق العمل، ما يجعل الدخل الأساس(ي) الشامل ببساطة وسيلة ميسرة لقضاء وقت فراغ أفضل.
لكن إذا كانت هذه هي حجتك، فأنت بحاجة إلى التأكد من أنك على صواب في مجال الوظائف. لأن هناك شيئا واحدا علمنا إياه الوباء، وهو أنك إذا أعطيت الناس نوعا من الدعم المالي الذي يسمح لهم بسحب عملهم، فمن المحتمل أن يفعل ذلك عدد كبير منهم. وهذا ليس في مصلحة أي شخص على المدى الطويل. فقط اسأل 44 في المائة من الشركات الأمريكية الصغيرة التي تقول: إنها لا تستطيع العثور على أي شخص لتولي الوظائف التي تعرضها.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES