Author

كورونا وإحصاءات الزواج والطلاق

|
أحدثت جائحة كورونا آثارا على جبين الإنسانية لا تمحى، سواء في أسلوب الحياة أو العادات والتقاليد أو التعليم والعمل، ولا يمكن استثناء إحصاءات الزواج والطلاق وطقوسهما! لكن السؤال: ما حجم التأثير؟ وهل هو في الاتجاه الإيجابي أم السلبي؟ ما يحدد الإجابة ويحسمها هو مدى توافر الإحصاءات الرسمية، ومدى دقتها وموثوقيتها.
بالاعتماد على ما نشرته الهيئة العامة للإحصاء، أخيرا، فإن عدد صكوك الزواج شهد انخفاضا بين عامي 2018 و2019 نحو 8 في المائة، وكذلك انخفض عدد صكوك الطلاق بنحو 12 في المائة خلال الفترة ذاتها. وهذه فترة سابقة لجائحة كورونا! ففي حين نتفهم الانخفاض في عدد صكوك الزواج بسبب التغيرات الاقتصادية الهيكلية، فإن من الصعوبة تفسير انخفاض عدد صكوك الطلاق 12 في المائة! فمن المتوقع أن تسهم الظروف الاقتصادية في نشوء بعض الخلافات الزوجية، ومن ثم زيادة حالات الطلاق!
خلال الفترة 2019 - 2020، وهي فترة حدوث جائحة كورونا، ارتفع عدد صكوك الزواج من 137918 إلى 150117، أي 9 في المائة، وكذلك ارتفع عدد صكوك الطلاق من 51115 إلى 57595، أي نحو 13 في المائة. وربما يعود ارتفاع عدد صكوك الزواج إلى الاستفادة من الجائحة في تقليص تكاليف احتفالات الزواج، نتيجة منع الاحتفالات عموما والزواجات خصوصا، للحد من انتشار كورونا. جدير بالذكر، أن أكبر زيادة في عدد صكوك الزواج حدثت في الحدود الشمالية والجوف وحائل، وأقلها في الباحة ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية. وعلى جانب الطلاق، يبرز التساؤل: هل كورونا مسؤول عن ارتفاع عدد صكوك الطلاق نتيجة الإجراءات الاحترازية المتمثلة في الإغلاق ومنع التجول؟! الإجابة، ربما!
ولإلقاء مزيد من الضوء على الموضوع، يمكن النظر إلى هذه الإحصاءات من خلال المعدل العام للزواج والطلاق، الذي يحسب بقسمة عدد حالات الزواج أو الطلاق على عدد السكان الذين أعمارهم 15 عاما فأكثر، وبناء عليه، فقد ارتفع معدل الزواج العام من 8.68 في عام 2019 إلى 9.6 في عام 2020، وسجلت الجوف وحائل والحدود الشمالية أعلى معدلات الزواج العام في عام 2020. في المقابل، ارتفع معدل الطلاق العام من 3.2 إلى 3.64، وسجلت الجوف والحدود الشمالية وحائل أعلى معدلات الطلاق أيضا.
في الختام، من الملاحظ أن معدلات الزواج والطلاق على حد سواء انخفضت بين عامي 2018 و2019 قبل جائحة كورونا، ربما بتأثير العوامل الاقتصادية، لكن ارتفعت بين عامي 2019 و2020 خلال فترة جائحة كورونا بمستويات مختلفة. لكن لم تتغير نسبة الطلاق إلى الزواج كثيرا، إذ راوحت بين 37 و 39 في المائة خلال الأعوام 2018، و2019، و2020، ما يدل على عدم حدوث تغيرات كبيرة جدا. وأخيرا، من المؤسف أن المتعامل والمستفيد مع الإحصاءات السكانية يشعر بحاجة ماسة إلى تحسين جودة البيانات ومستوى دقتها، سواء بالنسبة إلى إحصاءات الزواج والطلاق أو الإنجاب أو الإسكان أو الدخل! لذلك، آمل في أن تشهد الإحصاءات السكانية والاجتماعية والاقتصادية، وكذلك البيئية، تقييما شاملا أسوة بالقطاعات الأخرى، من خلال لجنة عليا تقوم أيضا بمراجعة أنظمة استخدام البيانات وإتاحتها للمستفيدين من شركات ورجال أعمال وباحثين.
إنشرها