ثقافة وفنون

بإمضاء سعودي .. قمة تعافي السياحة خطوة استباقية كبرى

بإمضاء سعودي .. قمة تعافي السياحة خطوة استباقية كبرى

بإمضاء سعودي .. قمة تعافي السياحة خطوة استباقية كبرى

بإمضاء سعودي .. قمة تعافي السياحة خطوة استباقية كبرى

تنشيط التواصل مع شركات السياحة العالمية المختصة في قطاع الأعمال وسفر المجموعات أكثر جدوى.

في الـ27 من سبتمبر لعام 2019 دشنت وزارة السياحة السعودية المرحلة الأولى من التأشيرة السياحية لـ49 دولة، التي بدأت بعدها سلسلة من المشاهد الواقعية الجميلة التي استمتع بها السعوديون على غرار مشهد "ستيف" الألماني، الذي قطع مع زوجته وطفلتيه 20 ألف كيلو متر من شمال السعودية إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، في رحلته السياحية المجدولة عبر 22 دولة. ويذكر أن أهم ما وجده في المملكة العربية السعودية هو هذا الشعب المضياف الذي قدم له الهدايا التذكارية، التي لم يعد لها مكان في "كارفانه" المتنقل.
ينتقل بنا المشهد إلى سائح فرنسي يفاجأ بوادي لجب، ليذكره بجراند كانيون في الولايات المتحدة، الذي يزوره ستة ملايين سائح في العام. ثم تنتقل بنا الصورة إلى السائح الأمريكي "فلو"، يتنقل بكاميرته في أزقة جدة القديمة ثم ينتقل إلى الكورنيش الجديد، ليسجي الوقت في الحديث مع المارة في شارع المشاة على كورنيش جدة، ولا تنتهي رحلته دون أن يتوقف لتناول "بروست البيك"، الذي أصبح وجهة سياحية لملايين من زوار المملكة.
جميع هذه المشاهد تزينت بها المملكة العربية السعودية لفترة قصيرة، ثم خيمت جائحة كورونا بظلالها على المشهد العالمي، لتغلق الدول حدودها ويكتم العالم أنفاسه ويوصد أبوابه خشية من هذا الغريب القاتل، الذي أثر بدوره في السياحة العالمية في سابقة تاريخية لم تحدث في جميع الأزمات العالمية السابقة. فشركتان كبريان مثل بوكينج واكسبيديا خسرتا نحو 80 مليار ريال من قيمتهما السوقية مجتمعة، كما خسرتا 40 مليار ريال من إيراداتهما لعام 2020، وفي أزمة "سارس" عام 2002-2003 وعلى الرغم من أن نسبة الوفيات وصلت إلى 38 في المائة أثناء الأزمة ثم انخفضت إلى 10 في المائة بعد اكتشاف العلاج، إلا أن السوق في هونج كونج استطاعت العودة خلال سبعة أشهر. بينما في مدينة تورنتو كندا لم يستطع القطاع السياحي التعافي إلا بعد خمسة أعوام من أزمة "سارس"، فما الفرق؟ لقد قررت الحكومة الكندية عدم التدخل في القطاع السياحي، بينما قررت هونج كونج وسنغافورة تصميم حزم دعم للقطاع سرعت من عملية التعافي، كما أن اتحاد شركات الفنادق في هونج كونج أطلق حملة تسويق كبيرة تبشر بعودة الحياة الطبيعية، كما تم التركيز حينها على العميل الصيني على اعتبار أنه أقل حساسية من الأوروبي والأمريكي تجاه الأوبئة، كما أنه أقرب مسافة واطلاعا على تحسن البيئة المحيطة وأقل تكلفة في التسويق. وقد أثبتت التجارب العالمية أن هذه التجربة في الدور الإيجابي للتدخل الحكومي في إنقاذ الموقف تكررت في الأزمة المالية العالمية، حيث تم دعم قطاع الطيران والقطاع السياحي الذي تأثر كثيرا بسبب الانخفاض الحاد في سفر الأعمال في تلك الفترة، ومن ثم أكد عديد من منصات الدراسات السياحية العالمية مثل منظمة السياحة العالمية ومنتدى "سكيفت" و"فوكس واير" أهمية التدخل الحكومي والشراكة بين القطاعين العام والخاص، للتعافي الاقتصادي للقطاع السياحي.
أما في المملكة فقد فاجأت وزارة السياحة السعودية الجميع بخطوة استباقية كبرى، وذلك باستضافة قمة تعافي القطاع السياحي مع منظمة السياحة العالمية، بمشاركة قادة القطاعين الخاص والعام، كما افتتحت أول مقر إقليمي للمنظمة في الشرق الأوسط ليكون في قلب العاصمة الرياض، لتنطلق منه الحملة العالمية للسياحة الريفية كجزء رئيس ومهم من منظومة التنمية الدولية المستدامة.
لا شك في أن السياحة الريفية جزء مهم من السياحة السعودية، ينتقل فيه المرء من الوجه إلى أملج ثم يثني إلى العلا مرورا ببعض دروب الهجرة النبوية الشريفة، مع تذكار يحمل في طياته ذكرى بدر واهتزاز جبل أحد، ليستمر صعودا إلى بيسان في الطائف ثم يستقر به المقام نحو تهامة الباحة في قرية "ذي عين" إلى أعلى سراتها عند "بيضان" ليقفز به الزمن بين السودة ورجال ألمع، وصولا إلى بني مالك والداير ووادي لجب، وحتى يعانق مانجروف جزر فرسان. لا شك أن هذه المبادرة، التي نتوقع أن تتبعها مبادرات متعددة، ستسهم في تسريع زمن التعافي لهذا القطاع، خاصة إذا ما ركزت بشكل متوازن على تحفيز جانبي العرض "الخدمات والبرامج السياحية" والطلب "السائح الداخلي والخارجي". ففي الأزمات السياحية السابقة كان المتضرر عادة أحد الجانبين إما العرض أو الطلب، أما في جائحة كورونا فقد حصل شلل كامل للعرض والطلب، ففي حين تم إيقاف البرامج والخدمات السياحية لدواعي الصحة والسلامة فقد ملايين من الناس وظائفهم وارتفعت تكاليف المعيشة بسبب ظروف الجائحة.
إن تنشيط مجموعة من برامج التحفيز العملية لقطاع السياحة مثل تنشيط التواصل مع شركات السياحة العالمية المختصة في قطاع الأعمال أو المختصة في سفر المجموعات قد يكون أكثر جدوى من التنشيط السياحي فقط من خلال منصات الحجز العالمية OTA أو القنوات العالمية المتلفزة، التي يتنافس عليها عديد من الوجهات العالمية. كما قد يكون للبرامج المشتركة مع دول الجوار دور مهم، كما فعلت هونج كونج وسنغافورة مع الصين، فقد تكون هناك برامج سياحية مشتركة مع جمهورية مصر للسياح الأجانب، كما يمكن تفعيل السياحة المحلية لزوار المملكة من الحجاج والمعتمرين الذين يرغبون في التعرف على موطن قبلة المسلمين، حيث حالت التشريعات القديمة بينهم وبين حصول هذه الفرصة.
عديد من الفرص التحفيزية لا يتسع المقام لذكرها في هذا المقام، إنما هو تعبير عن الفرح بالخطوة الجريئة التي أطلقتها وزارة السياحة.

 

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون