ثقافة وفنون

«كوفيد - 25».. استلهام من «كابوس الجائحة» أم استنساخ لأعمال رائدة؟

«كوفيد - 25».. استلهام من «كابوس الجائحة» أم استنساخ لأعمال رائدة؟

مشهد من العمل.

«كوفيد - 25».. استلهام من «كابوس الجائحة» أم استنساخ لأعمال رائدة؟

بوستر المسلسل.

إن كنت قد أحببت لغة ساندرا بولوك العصفورية، وهي تتواصل مع عصافيرها في فيلم "بيرد بوكس" لكنك تساءلت: هل تفهم العصافير لغتنا العربية؟ أو كنت من عشاق براد بيت وأردت أن تشاهد مواجهاته مع "الزومبي" في فيلم World War Z، فما عليك إلا أن تشاهد مسلسل "كوفيد - 25" الذي حل مكانه يوسف الشريف، وفاجأ الجميع كعادته في كل عام بأفكار مغايرة تضخ دماء جديدة في شرايين الدراما العربية، وليكون أول عربي برع في دمج الخيال العلمي والرعب معا في الدراما العربية، لكن هل هي من إنتاج بنات أفكاره وابتكاره؟ أم مجرد نسخ ولصق من أعمال عالمية؟

مسلسل رعب عربي يتحدى إنتاجات "نتفليكس"

بعد النجاح المدوي لمسلسله "النهاية" العام الماضي، استطاع النجم يوسف الشريف في مسلسله "كوفيد - 25" هذا العام أن يخطف الأنظار بسرعة البرق، حيث لا يخفى على أحد الجماهيرية التي تحققها أعمال هذا النجم الصاعد كل عام، وإحرازه نسب مشاهدة عالية، من خلال تقديمه قصة مثيرة للجدل متمايزة عن تلك التقليدية التي تطرحها الدراما العربية بشكل عام.
وتدور القصة في عام 2025، وسط أجواء ملؤها الغموض والإثارة ومشاهد الرعب، في مدينة القاهرة، يظهر الدكتور ياسين، يؤدي دوره يوسف الشريف، وهو جراح دماغ وأعصاب سابق، قبل أن يترك مهنة الطب منذ خمسة أعوام، إثر وفاة ابنه جراء إصابته بفيروس كورونا، ويتبين أسى ياسين الكبير لشعوره بعقدة الذنب، كونه هو الذي نقل العدوى إلى ابنه وعجز عن معالجته بشكل صحيح، ويحمل نفسه مسؤولية فشله، وبالتالي أراد أن يكفر عن خطئه فاعتزل الطب، ليتحول من طبيب إلى "يوتيوبر"، ينشر فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي ذلك لفتة وإشارة ذكية من فريق العمل إلى تغلغل تقنيات التواصل الاجتماعي في شرايين حياتنا اليومية، وأن تكون ملجأ الهاربين من نفسهم ومجتمعهم فينكفئون هاربين إلى ما وراء الشاشة الكفية الإلكترونية.

تنبؤ بظهور مرض "الفطر الأسود" قبل أن يبصر النور

من اللافت في هذا المسلسل أنه تطرق إلى أمر حديث جدا، عمر أيام اكتشافه لا يتجاوز أصابع اليد، وهو مرض "الفطر الأسود" المتفشي في الهند، والمرتبط بشكل ما بالمصابين والمتعافين من فيروس كورونا، الذي يتسلل من العين أو الأنف ويسبب تلف الدماغ، وهو شبيه إلى حد ما بما أثاره مسلسل "كوفيد - 25، الذي تطرق فيه إلى خطورة وباء افتراضي يهاجم الدماغ ويتسبب في حالات عصبية تؤدي إلى الجنون والانتحار، حيث يفقد المصاب تركيزه كليا، ويقتصر كلامه على ترداد جملة واحدة فقط.
ويبدأ عنصر التشويق عندما يلاحظ الدكتور ياسين أعراضا غريبة ومتشابهة عند بعض الأشخاص، فينشر تحذيره عن تفشي وباء جديد، ويقابل برفض وباتهامات بالجنون، قبل أن تعلن الحكومة رسميا عنه، وتظهر مشاهد المصابين بهذا الفيروس وهم منجذبون نحو الأصوات العالية، ويتحركون عند سماعهم أي ضجة ويهاجمون مصدرها، حتى لو كان إنسانا، الأمر الذي تسبب في قتلهم عشرات الأشخاص، وإضرامهم النيران في الأمكنة العامة، وفي خضم هذه المشاهد تظهر براعة المخرج أحمد نادر جلال في تجسيد مشاهد الرعب باحترافية عالية، مستعينا بتقنيات ومؤثرات صوتية ولقطات جعلت المسلسل يقترب من مستوى أفلام الرعب العالمية.

استنساخ لأعمال هوليوودية أم دبلجة عربية؟

أعاد مسلسل "كوفيد - 25" للكاتبة أنجي علاء موضوع حقوق الملكية الفكرية وسرقة الأعمال الدرامية أو الأدبية إلى الصدارة من جديد، لما أثاره هذا المسلسل من جدل على منصات التواصل الاجتماعي وبين النقاد، رغم مسارعة عديد من المحسوبين على مهنة "النقد الفني" إلى إغداق المديح والتهليل على هذا المسلسل، إما لجهلهم وعدم معرفتهم واطلاعهم على الأعمال الأجنبية السابقة التي استنسخ منها هذا المسلسل، وإما إقدامهم على ذلك بغية منفعة أو تملق ما، أو لغاية في نفس يعقوب. في مقابل سيل من السخرية والانتقاد طال هذا العمل الفني، مدينة "السرقة الأدبية" لفكرة المسلسل، مدعمة ادعاءاتها بالأدلة والبراهين، مصرين على أن "كوفيد - 25" ما هو إلا دمج ودبلجة لفيلمي "وورلد وور زد" الذي طرح عام 2013 من بطولة براد بيت، و"بيرد بوكس" الذي قدمته ساندرا بولوك عام 2018، بعد أن ظهرت فكرة تحول البشر إلى "زومبي" وتشابهها مع ما حدث في فيلم براد بيت، وكذلك وجود فيروس ينتقل بالرؤية ويتسبب في الإقدام على الانتحار، وهو ما كان في فيلم ساندرا بولوك، الذي يتناول قضية خيالية حول سيطرة كائنات من مجرة ثانية على كوكب الأرض، وهذه الكائنات لا ترى بالعين، وإذا سيطرت على عينك تحولك إلى مجنون، قد تقتل نفسك أو من حولك، وربط البعض، بين انتقال الفيروس بالعين في مسلسل "كوفيد - 25"، وسيطرة الكائنات على البشر. وذهب آخرون إلى عد فكرة انجذاب المصابين بالفيروس في المسلسل واتجاههم ناحية مصدر الصوت لقتل صاحبه، مأخوذة من فيلم Quiet place الذي عرض عام 2018، وكانت قصته تتحدث عن سيطرة كائنات قوية على كوكب الأرض، وقتل كثير من البشر، وبقاء عدد قليل منهم أسفل الأرض، حيث يعيشون في صمت تام، لأن الكائنات تقتل أي شيء يصدر صوتا مهما كان. لكن في الواقع، وإنصافا للحق لا بد من الإشارة إلى أنه في جميع أفلام ومسلسلات "الزومبي" الأجنبية التي عرضت حتى الآن، يظهر فيها "الزومبي" وهم يتجهون ناحية مصادر الأصوات العالية، لأنها تلفت نظرهم أولا، وثانيا تثير غضبهم وقوتهم لأبعد مدى، وبالتالي فإن هذه الفكرة مبتذلة ومكررة كثيرا، وهي دليل أيضا على غياب الابتكار عن مقدمي مسلسل "كوفيد - 25".

الحاجة إلى جرعات أمل وجرعات فايزر وإسترازينيكا وكمامة

على الرغم من حسن نية منتجي ومعدي هذا المسلسل، إلا أنهم من حيث لا يدرون ومن دون قصد تسببوا في حالة هلع إضافية عن التي نعيشها اليوم تحت وطأة الرعب من فيروس كورونا وما يرافقه من آثار نفسية حادة، وآلاف المصابين يموتون يوميا جراء مضاعفات هذا الفيروس، فهل نحن بحاجة حقا إلى متابعة هذا النوع من المسلسلات بما تحمل بين طياتها من تأثيرات سلبية في نفوس البعض، في حين إننا في أمس الحاجة إلى بث جرعات من الأمل والتفاؤل لترافق جرعات لقاح فايزر أو إسترازينيكا، التي باتت الأمل الوحيد لمواجهة كوفيد - 19، والقضاء عليه والعودة الآمنة لحياة طبيعية.
ولعل أبرز رسالة يحملها هذا المسلسل، تركيزه على آلية انتقال الفيروس من خلال النظر، فالطاقة الكهرومغناطيسية التي تخرج من العين هي التي من الممكن أن تحمل الفيروس، هو توجيه دعوة مباشرة إلى الجميع بضرورة حماية أنفسهم من خلال وضع النظارات أو القناع الواقي للعين، تماما كما نضع اليوم الكمامات للوقاية من كوفيد - 19.
وفي النهاية ما دام كورونا يخيم فوق رؤوسنا ويهدد صحتنا كل يوم، فما علينا سوى توخي الحذر والالتزام بهذه الرسالة والأخذ بكل الإجراءات الاحترازية، وأن نعلم أن الوقت ما زال مبكرا على التخلي عن الكمامة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون