سمات يتشارك فيها المبتكرون

قدمت في مقال سابق صفتين أساسيتين يتشارك فيها المبتكرون، وهنا أضيف إليها ثلاث صفات أخر ليكون ما مجموعه خمس خصائص يتميز بها المبتكرون عن غيرهم وفقا لكتاب "الحمض النووي للمبتكرين". لكن قبل أن أشرع في بيان تلك السمات، أود أن أشير إلى أن كثيرا منا قد يتمتع بإحدى تلك المهارات سواء بالملكة أو بالتعلم والتدريب لكن بمستويات لا توازي تلك التي يمتلكها المبتكرون الذين برهنوا على امتلاكهم تلك المهارات بمستويات عالية. السمة الأولى هي القدرة على ربط الأشياء بعضها بعضا وتعد من المهارات المعرفية. عادة تتطور مهارة الاقتران أو الربط بين الأشياء أو العناصر المختلفة في حال تعرضنا لكثير من المعارف من مشارب مختلفة والنهل من علومها. يذكر الكاتب دان بينك على سبيل الاقتراح أن شراءك مجلتين أو ثلاث مجلات في غير تخصصك أو مجالك وقراءتها سيساعدك كثيرا على المقدرة على توليد أفكار ناتجة من ربط تلك المجالات بمجال عملك الأساسي.
إن امتلاك مخزون معرفي من الأفكار المختلفة والمنتمية لمجالات متباينة يسهل عملية غربلة الأفكار وبالتالي توليد أفكار ابتكارية. من الشواهد على ذلك ما نراه في حياتنا اليومية من تميز للمديرين الذين يجمعون بين الخلفية العلمية الهندسية والإدارية أو الطبية والإدارية مثلا، بالنهوض بشركاتهم وتقديم خدمات أو منتجات ابتكارية.
السمة الثانية: تتعلق بالمقدرة على طرح الأسئلة، خصوصا الأسئلة المفتوحة التي تتناول على سبيل المثال الوضع السائد بنوع من التحليل والنقد أو التحدي. قد يتبادر للذهن أن الجميع لديه القدرة على التساؤل، وذلك صحيح، لكن ليس التساؤل المحفز على التفكير في إيجاد مشكلة حقيقية وحلها.
من صيغ الأسئلة الشائعة التي تحفز على التفكير التحليلي السؤال بعبارة "ماذا لو؟" أو "ما هو؟". وأذكر في هذا الصدد أحد الأساتذة الجامعيين الذين درست عندهم كان يقيم اجتماعا أسبوعيا لمناقشة بحوث ومشاريع طلابه، وأثناء النقاش كان يطرح أسئلة مفتوحة وينقد بشكل إيجابي أعمال طلبته في محاولة منه لتحفيز التفكير والنظر لتلك البحوث من زوايا أخرى. وبالفعل كان النتاج العلمي لمجموعة ذلك الأستاذ ثريا وحظي بالنشر في مجلات متميزة. مثال آخر على طرح الأسئلة النقدية عندما سأل ستيف جوبز مؤسس "أبل": "لماذا تحتاج الحواسيب إلى مروحة التبريد؟"، وانتهى المطاف به بالاستغناء عن مراوح التبريد في حواسيب شركة "أبل" في الثمانينيات الميلادية.
أما الصفة الثالثة التي يتمتع بها المبتكرون بمستويات عالية، فهي القدرة على الملاحظة والمراقبة لما يدور حولهم. ابتداء من محيط عملهم أو الدائرة الأوسع التي تشمل المنتجات والخدمات أو التقنيات المتوافرة في الأسواق. إن المقدرة على الملاحظة تمكن المبتكرين من تصور المشهد الكلي للتوجهات التقنية أو التغييرات الاقتصادية الحالية على سبيل المثال. في عام 2003 عندما شهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا، زاد ذلك من الاهتمام بالمسائل البيئية، وحينها حث ذلك الحدث إيلون ماسك مالك شركة "تسلا" للتفكير بسيارات بديلة عن تلك المعتمدة على المنتجات البترولية.
ملخص القول، يتمتع الأشخاص المبتكرون بمستويات عالية من صفات تشمل التجريب، التساؤل، الربط بين الأشياء، أو إقامة العلاقات المهنية وكذلك القدرة على الملاحظة بعناية. كما أن معظم تلك الصفات عادة تتوافر في المبتكر ويوظفها بشكل جمعي أو تكاملي وليست بمنأى عن الصفات الأخرى لتساعده على توليد أفكار إبداعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي