Author

أمثال بيئية «1»

|
الأمثال عبارة عن لوحات فنية ناطقة تضرب لتقرب المقصود للإفهام وتلفت النظر للمراد. تمتاز بقلة ألفاظها وغزارة معانيها. مع الأسف أن استخدامها آخذ في الانحسار، لانشغال الناس بالتقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وقلة مجالسة كبار السن ممن يعرفون الأمثال ويستخدمونها. الأمثال نجدها متباينة في مقاصدها ومواضع ذكرها، فمنها ما يكون للاعتبار والعظة، ومنها ما هو اقتصادي أو بيئي أو صحي. في هذا المقال والمقال اللاحق سنستعرض بعض الأمثال البيئية، ومن ذلك قولهم عن أحد الأوقات من العام، "بياع الخبل عباته" كناية عن أن البرد لم ينته بعد وأنه من الخطأ أن يبيع الإنسان رداءه الذي يقيه من البرد، ظنا منه أن موسم البرد قد انتهى. ويقال في الأمثال، "أمر من الحنظل" والحنظل الذي يعرف عند العامة بـ"الشري" هو ثمار لنبات صحراوي شديد المرارة، ويضرب هذا المثل للأمر شديد الصعوبة. ومن الأمثال البيئية قولهم، "تبرق في القبلة" كناية عن أن الأمر يبشر بخير، وأن المشكلة في طريقها للحل، وذلك لأن البرق إذا لمع من جهة الغرب في جزيرة العرب دل ذلك على أن السحاب سيكون ممطرا - بإذن الله. ويقال في الأمثال، "ديمة وراء ديمة تروي العروق القديمة"، أي أن المطر إذا كان مستمرا هتانا فلا شك أن ذلك سيحيي جذور الأشجار الآخذة في الجفاف لبعد عهدها عن الأمطار. أما حين تهب الرياح الشتوية الشرقية الباردة فيقال، "هبت مبكية الحصني" كناية عن شدة البرد الذي يجعل عيون الثعلب تدمع، لكون فتحة جحره في الأغلب في اتجاه الشرق. ومن الشعر الشعبي في الأمثال قول الشاعر:
العوشزة ما ياقع الحر فوقها
ولا بها للخيرين مقيال
فالعوسج أو كما يسمى عند العامة "عوشز" شجر بري شوكي ليس له ظل يصلح للقيلولة، بل ولا تناسب حتى الطير ومثل له هنا بالحر أي الصقر، أما الشبرم فهو شجيرة برية كثيرة الأشواك خشنة الملمس لذا يضرب المثل بها فيمن شعره خشن فيقال، فلان "شعر رأسه كنه شبرمة" لشدة تجعده وقلة نعومته. أما قولهم، "كل تمر فيه حشف" فيدل على أنه لا بد من وجود السيئ من الناس حتى إن كانت الأغلبية طيبة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها