أخبار اقتصادية- عالمية

القارة السمراء .. أزمات تمويلية تعوق التحرر من قيود الدين

القارة السمراء .. أزمات تمويلية تعوق التحرر من قيود الدين

اقتصاد القارة السمراء يتجه لتسجل نموا بنسبة 3.4 في المائة عام 2021.

يستضيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غدا، قادة أفارقة وأوروبيين إلى جانب مؤسسات دولية سعيا إلى حلول مبتكرة لأزمات التمويل في القارة الإفريقية التي تتوق للإمساك بزمام التنمية وتحرير نفسها من قيود الدين.
وسيجمع هذا الاجتماع المرتقب في القصر الكبير في باريس تحت عنوان "قمة حول تمويل الاقتصادات الإفريقية"، رؤساء 30 دولة وحكومة ومسؤولي مؤسسات دولية، على أن يشارك البعض عن بعد عبر تقنية الاتصال بالفيديو.
ووفقا لـ"الفرنسية"، نشأت فكرة هذا المؤتمر في الخريف عقب تقدير صندوق النقد الدولي أن إفريقيا معرضة لخطر حدوث فجوة مالية قدرها 290 مليار دولار بحلول عام 2023.
ولا شك في أن اقتصاد القارة التي سجلت العام الماضي أول ركود لها منذ نصف قرن (-2.1 في المائة)، يتوقع أن يسجل نموا من جديد بنسبة 3.4 في المائة، عام 2021 و4 في المائة، في العام التالي.
وسمح تعليق سداد خدمة الدين العام المطبق منذ نيسان (أبريل) بمبادرة من نادي باريس ومجموعة العشرين، ببعض الانتعاش عبر وقف تسديد 5.7 مليار دولار من الفوائد المترتبة على نحو 50 دولة.
كما نجحت مجموعة العشرين في إقناع الصين، أكبر دائن في القارة، ودائنين من القطاع الخاص، بالمشاركة في إعادة التفاوض حول الديون، بيد أن ذلك لن يكون كافيا.
وقال إيمانويل ماكرون في نيسان (أبريل) "لا يمكننا الركون إلى وصفات قديمة" في الوقت الذي "نترك فيه إفريقيا جماعيا أمام حلول تعود إلى الستينيات". ودعا إلى "اتفاق جديد (نيو ديل) لتمويل إفريقيا".
وحذر رئيس الدولة الفرنسية في الوقت نفسه من مخاطر ظهور نتائج عكسية في ظل تقلص الفرص الاقتصادية والهجرة الدائمة وتوسع الإرهاب.
ناهيك عن الأزمة الوبائية، سجلت إفريقيا حسب البيانات الرسمية 130 ألف وفاة، غير أن "نصرا كاملا فحسب، يشمل إفريقيا كاملة، من شأنه التغلب على الوباء"، وفق ما قال 18 قائدا إفريقيا وأوروبيا في مقالة صدرت في مجلة "جون أفريك" منتصف نيسان (أبريل).
ودعا هؤلاء القادة أيضا إلى "تعليق خدمة جميع الديون الخارجية على الفور حتى نهاية الوباء" وتعزيز المساعدات الإنمائية. وحثوا أيضا صندوق النقد الدولي على تخصيص حقوق سحب خاصة للبلدان الإفريقية لمنحها "السيولة اللازمة لشراء منتجات أساسية ومعدات طبية أساسية".
وأقر مبدأ إصدار حقوق سحب خاصة بقيمة 650 مليار دولار يخصص 34 منها لإفريقيا، لكن مجموعها غير كاف بحسب الرئاسة الفرنسية التي تقترح بيع صندوق النقد الدولي لذهب بغية تغذية قروض بلا فوائد إلى الدول الإفريقية.
وما زال النقاش قائما حول الشروط التي يضعها صندوق النقد الدولي في مقابل توفيره الدعم. ودعا أمس، رئيس ساحل العاج الحسن واتارا إلى السماح للدول الإفريقية بترك عجز موازناتها يتزايد قليلا. فبوجود هامش أكبر يمكن وفقا له لهذه الدول "مواجهة الوباء بشكل أفضل" و"تمويل النفقات العاجلة لمكافحة الإرهاب"، وساق دولته المحاذية لبوركينا فاسو ومالي مثالا.
من جهة أخرى، تطالب منظمة أوكسفام غير الحكومية، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالتخلي عن "الشروط المالية غير العادلة أو التراجعية في سياق قروضهما وبرامجهما".
ووفقا لأوكسفام، طالبت المؤسسة التي تتخذ من واشنطن مقرا من نيجيريا على سبيل المثال زيادة ضريبة القيمة المضافة التي تفرض على الأسر الأكثر هشاشة.
رغم ذلك، يتوجب حشد الاستثمارات الخاصة لتمويل تنمية قارة تتطلع إلى الابتعاد عن منطق المساعدات. وأوضح سيرج ايكوي رئيس بنك غرب إفريقيا للتنمية، إنه في مواجهة التدفق غير المسبوق للسيولة تمتلك إفريقيا "أصولا طويلة الأمد لتعرضها، على غرار البنية التحتية أو محطات الطاقة الكهربائية".
وأضاف المصرفي المخضرم الذي سبق له العمل في مصرف ناتيكسيس الاستثماري، أن "التطور الحديث يمر في هذا الاتجاه، من خلال حوار شاق مع مستثمري القطاع الخاص"، وليس فقط من خلال الهبات.
وكان قد قال صندوق النقد الدولي، منتصف الشهر الماضي، إن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء تتجه إلى تسجيل أبطأ نمو اقتصادي من أي منطقة أخرى في العالم هذا العام، إذ تواجه القارة صعوبة في تجاوز الاتجاه النزولي الناجم عن الجائحة.
وبحسب "رويترز"، ذكر الصندوق أنه يتعين على الدول الثرية المساعدة على تسهيل حصول إفريقيا على اللقاحات الضرورية وإتاحة التمويل للقارة، حيث أدت الأزمة الصحية العالمية وتبعاتها الاقتصادية إلى سقوط 32 مليونا من السكان في براثن الفقر المدقع العام الماضي.
وقال أبيبيه آمرو سيلاسي، مدير الإدارة الإفريقية لدى الصندوق، "الطريقة التي يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد بها المنطقة حقا هي تحسين قدرتها على الحصول على اللقاحات".
وأوضح أن آليات مثل كوفاكس المدعومة من منظمة الصحة العالمية، موجودة بالفعل لتوجيه الجرعات إلى الدول التي تحتاج إليها.
وأضاف "لكن يجب أن يصاحبها تمويل واستثمار لزيادة الإمدادات العالمية من اللقاحات، زيادة كبيرة في أسرع وقت ممكن".
ويأتي ذلك بعد يوم من تأكيد الصندوق على دول منطقة اليورو، تقديم تحفيز مالي إضافي بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2021 - 2022 لتدعيم النمو الاقتصادي بما يعادل 2 في المائة من الناتج بنهاية العام المقبل والحد من التداعيات السلبية للجائحة.
وقال الصندوق في توقعاته لمنطقة اليورو: "إنه يمكن اتباع التدعيم المالي الإضافي بانضباط أشد فور تقليص الطاقة غير المستغلة.
وتابع أن ذلك التحفيز المالي "سيعود بمنافع أعظم على الأسر منخفضة الدخل، وستكون له آثار جانبية أقل من زيادة التحفيز النقدي. وسيقترب بالتضخم من المستهدف في عديد من البلدان ويساعد على إعادة بناء فضاء السياسة النقدية".
وقدمت دول منطقة اليورو تحفيزا ماليا وبرامج لضخ السيولة بأكثر من ثلاثة تريليونات يورو العام الماضي لكيلا تتوقف عجلة اقتصاداتها، وهناك بعض الدول، مثل إيطاليا، التي أعلنت إجراءات دعم جديدة في ظل إغلاقات مواجهة الموجة الثالثة من الجائحة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية