FINANCIAL TIMES

عصر نقاط الضعف يطل على الجيل الجديد من أسهم التكنولوجيا

عصر نقاط الضعف يطل على الجيل الجديد من أسهم التكنولوجيا

الضربة التي لحقت بأسهم النمو الأعلى قيمة لا يعني نهاية حتمية لانتعاش سوق الأسهم.

ما الثمن الذي يدفع مقابل النمو؟ تردد صدى هذا السؤال في سوق الأسهم هذا الأسبوع، حيث شبح التضخم يطارد "وول ستريت" وأسهم شركات التكنولوجيا ذات النمو المرتفع.
ومع ذلك، فإن العناوين الرئيسة للأخبار التي تتحدث عن انعكاس في حظوظ التكنولوجيا تحجب الحظوظ المختلفة جدا للشركات في هذا القطاع. بالنسبة إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، بالكاد تعد خسائر هذا الأسبوع مجرد نقطة صغيرة على شاشة الكمبيوتر. لكن المستثمرون في الجيل المقبل من شركات النمو يواجهون حالة جديدة من عدم اليقين.
خذ حالة شركة بالانتير، شركة البيانات الضخمة المثيرة للجدل التي تم طرحها للاكتتاب العام في سبتمبر الماضي. يوم الثلاثاء، كشفت أحدث نتائجها المالية عن انتعاش في النمو وقفزة في الربحية، على الأقل عند قياسها من حيث التدفق النقدي الحر.
استنادا إلى مقياس "قاعدة 40" الذي يتم تطبيقه غالبا على أسهم شركات البرامج السحابية -القاعدة الأساسية التي تنص على أن معدل نمو الإيرادات وهامش الربح، عند إضافتهما معا، ينبغي أن يكون أعلى 40- أصبحت شركة بالانتير الآن من أعلى الشركات من حيث التصنيف، ولا تسبقها إلا شركة زوم صاحبة تطبيق اجتماعات الفيديو وشركة سنوفليك لتخزين البيانات.
صحيح أنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الوقت لإثبات أنها قامت بالانتقال إلى نموذج أعمال البرمجيات الموثوقة من النوع الذي يحبه المستثمرون. حتى وفقا لمعايير عالم التكنولوجيا، فإن استخدامها لخيارات الأسهم يبدو مسرفا -بما في ذلك تسليم أليكس كارب الرئيس التنفيذي أخيرا حزمة من الأسهم والرواتب تبلغ قيمتها نحو 1.1 مليار دولار.
لكن نتائج هذا الأسبوع أظهرت تقدما. فماذا كان رد "وول ستريت"؟ اقتطع 8 في المائة من أسهم الشركة عند افتتاح التداول يوم الثلاثاء، وهو ما أضاف إلى هزيمة منكرة جعلت أسهم الشركة أقل من 60 في المائة عن الذروة التي حققتها في وقت سابق من هذا العام.
"بالانتير" ليست وحدها في ذلك. كان التصحيح يجري على قدم وساق بين أعلى شركات النمو من حيث التصنيف قبل وقت طويل من بداية هذا الأسبوع. أصبحت الأسهم في "زوم" و"سنوفليك" الآن أدنى بنسبة 50 في المائة تقريبا من مستوياتها القياسية. في الفترة الأخيرة تراجعت أسهم شركات البرمجيات السحابية التي شهدت بعضا من أكبر المكاسب، في جميع المجالات، مع انخفاض مؤشر شركات السحابة الناشئة Bessemer بنسبة 22 في المائة عن أعلى مستوى له في مارس.
هذا جزئيا هو تصحيح تمس الحاجة إليه بعد الاندفاع المدفوع بالزخم في أسهم البرمجيات. لكنه يعكس أيضا منطقا ماليا لا يرحم من شأنه أن يترك أسهم شركات النمو من بين أكبر الخسائر إذا تغيرت الظروف المالية. تؤثر أسعار الفائدة المرتفعة في قيمة الأرباح التي تكمن أبعد في المستقبل -وهو أمر يضر بشكل غير متناسب بالشركات التي لا تزال أعوامها الأكثر ربحية على مسافة بعيدة في المستقبل.
لا يزال هناك مجال كبير لمزيد من الانكماش. على سبيل المثال، لا يزال يتم تداول "سنوفليك" بمعدل 50 ضعفا للعائدات المتوقعة لهذا العام، رغم أن النمو الكبير لشركة زوم خلال الوباء قد قلل من مضاعف إيراداتها الخاصة إلى رقم معقول -أكثر هو 22 ضعفا.
"تسلا" أحد شعارات طفرة سوق الأسهم الحالية، هي من بين الشركات التي لديها مجال للسقوط. تراجعت أسهمها مرة أخرى بنحو الثلث عن ذروة يناير. لكن لا تزال "تسلا" تساوي أكثر من شركات السيارات الأربع التالية الأكثر قيمة في العالم مجتمعة رغم أنها لم تمثل سوى 0.8 في المائة من مبيعات السيارات العالمية العام الماضي.
وفي الوقت نفسه، فإن الضربة التي لحقت بأسهم النمو الأعلى قيمة لا تعني نهاية حتمية لانتعاش سوق الأسهم الأوسع الذي تقوده شركات التكنولوجيا. لا تزال حفنة من شركات التكنولوجيا العملاقة التي قادت السوق للأعلى منذ بداية عام 2019 في وضع جيد للازدهار في الوقت الذي تبدأ فيه دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الخروج من الوباء. في الأيام الثلاثة الأولى من هذا الأسبوع، قبل حدوث انتعاش جزئي في وقت مبكر يوم الخميس، انخفضت القيمة السوقية المجمعة لشركة أبل ومايكروسوفت وأمازون وألفابت وفيسبوك بحدود 450 مليار دولار. لكن التراجع يمثل أقل من 6 في المائة من إجمالي قيمتها.
زيادة مفاجئة في النمو والأرباح في الربع الأول من هذا العام برهنت على أنه بعد الازدهار من الاعتماد الرقمي الذي شعرت به في أعماق الوباء، أصبحت شركات التكنولوجيا الكبيرة الآن في وضع جيد لركوب موجة الانتعاش. لا تزال هناك مسافة لا بأس بها كي تتمتع بها اتجاهات النمو طويل الأمد القوية التي استندت إليها -التحول إلى الإعلان الرقمي، وظهور التجارة الإلكترونية وإعادة صنع تكنولوجيا المعلومات من خلال الحوسبة السحابية.
يشير هذا إلى أن المرحلة التالية من النمو الرقمي قد تنتج حتى نتائج أقل توازنا في سوق الأسهم، ما حدث في المرحلة الأخيرة. تعد المنصات الكبيرة بنمو أرباح موثوق به بأرقام من خانتين في وقت يضطر فيه المستثمرون إلى أن يصبحوا أكثر انتقائية بكثير.
لم يكن كل شيء سيئا هذا الأسبوع لشركة بالانتير. بعد رد الفعل المفاجئ صباح يوم الثلاثاء، ألقت "وول ستريت" نظرة ثانية على نتائج الشركة وانتعشت أسهمها بنسبة 18 في المائة عند الإغلاق، مع انتعاش "زوم" و"سنوفليك" مرة أخرى. في عالم يعاني نقصا في النمو، لا يزال من المتوقع من مثل هذه الشركات أن تفرض علاوة رغم أن فترة جديدة من التقلبات تلوح في الأفق.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES