default Author

الاقتصاد العالمي والحقبة الرقمية «3 من 3»

|
يشكل الأمن الإلكتروني أحد المجالات ذات الصلة. فقد أسهم إدخال الإنترنت في تسهيل تفشي الجريمة الإلكترونية عبر الحدود، ولا يزال يتعين إرساء الأدوات والمعايير وإنشاء المنظمات الوطنية والدولية لمواجهتها. فجهود التعاون على مواجهة الجريمة الإلكترونية لاقت عقبات من تعارض المصالح بين المشاركين، واعتبارات الأمن الوطني، والفروق بين النظم القضائية والجنائية، والمخاوف من إساءة استخدام الحكومات لها.
ومن شأن تسهيل الملكية الأجنبية ومراقبة شركات السلع الرقمية الاحتكارية أن يوسع نطاق اقتسام الريع، حيث تتسق الحوافز وتتحقق نتائج عالمية أفضل، ويتراجع الصراع التجاري. ومن الشروط المسبقة لذلك توافر الحسابات المالية أو الرأسمالية المفتوحة التي تسمح بهذه الملكية، وترتيبات الحوكمة التي تسهل المراقبة، ودعم حقوق الملكية الأجنبية، وتشديد القيود على المجالات موضع الجدل بشأن الأمن الوطني.
وبالنسبة للسياسة التنظيمية، ففي حالة النظر في تفكيك شركات التكنولوجيا المحلية الكبرى لتخفيض أرباحها الاحتكارية، أو تنظيم الأسعار بخلاف ذلك، ينبغي في الوضع الأمثل اتخاذ هذه الخطوات من خلال تضافر الجهود بين الدول. فعدم تضافر الجهود يمكن أن يقلل الحوافز أمام أي بلد على اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا المجال. أما إذا لم يتم التحرك لتقوية التنظيم إلا على مستوى بلد واحد أو منطقة واحدة فحسب، بينما تتاح حرية المنافسة للمحتكرين الأجانب، قد يواجه هذا المجال مخاطر التخلف عن الركب في سباق التكنولوجيا والأسواق.
أما المبادرات المنسقة لفرض الضرائب الرقمية فستكون أكثر فاعلية كذلك وسينظر إليها على أنها أكثر إنصافا. فعمالقة u1575 التكنولوجيا يحققون منافع من بيع السلع والخدمات عبر الحدود من خلال شبكة الإنترنت مع محدودية وجودهم المادي وتحملهم ضريبة دخل ضئيلة في منطقة اختصاص المشتري بموجب الترتيبات الضريبية الدولية الحالية. ويصب ذلك في مصلحة المراجحة الضريبية ويفضي إلى عدم تكافؤ الفرص.
وحول الحديث عن لحظة "بريتون وودز" جديدة فقد أدى تحدي التعاون الدولي على خلفية عدم الثقة والمنافسة إلى انطلاق المناداة بتجديد لحظة "بريتون وودز" في العصر الرقمي. وتماما مثلما جمعت "بريتون وودز" الدول لوضع نظام نقدي جديد في أعقاب حربين عالميتين، وعلى أثر استشراء الحمائية والكساد الكبير فالتعاون الدولي بشأن المسائل الرقمية يستطيع بالمثل أن يسعى للوصول إلى إجماع الآراء حول المبادئ العامة والمؤسسات المشتركة لحل المشكلات، كما في المجالات المطروحة أعلاه، والمساعدة على وضع إطار واضح المسار ومفتوح للتجارة الدولية.
ومن الاقتراحات المحددة الأخرى إنشاء مجلس للاستقرار الرقمي - على غرار مجلس الاستقرار المالي - لوضع المعايير والقواعد التنظيمية والسياسات المشتركة، وتبادل المعلومات عن أفضل الممارسات، ومراقبة المخاطر Medhora2021، ويمكن أن يساعد ذلك على حماية الاستقرار المالي من الهجمات الإلكترونية ويحقق التقدم في مجالات مثل وضع ميثاق للحقوق التكنولوجية، وإعداد الإحصاءات الموحدة للاقتصاد الرقمي، والصناديق الاستئمانية الدولية للبيانات التي تجمع بيانات الأفراد وتكفل حمايتها لأغراض محددة مثل البحوث الصحية.
وإذا ظل الريع الاحتكاري المعروض كبيرا، بينما ينظر إلى الحرب الإلكترونية على أنها المضمار الرئيس للصراعات الأمنية في المستقبل حسب المتوقع سيواجه التعاون مقاومة قوية على المستوى المحلي. وفي هذه الحالة، ستلوح في الأفق نذر صراع تكنولوجي متواصل، تكتنفه مخاطر تمزق عالمي مع ما يصاحبه من تداعيات مناوئة. أما التعاون فسيضعف الحوافز الدافعة للصراع، ما يؤدي إلى احتمال تحقيق نتائج أفضل. لكن الأمر سيقتضي مواصلة بذل الجهود وإعادة بناء الثقة.
إنشرها