المرونة والزملاء سيعيداننا إلى المكتب

المرونة والزملاء سيعيداننا إلى المكتب

المرونة والزملاء سيعيداننا إلى المكتب

قرب نهاية فيلم "نوماد لاند" Nomadland الحائز على جائزة الأوسكار، تتجول فيرن ـ التي لعبت دورها فرانسيس مكدورماند ـ بصمت عبر المكاتب المهجورة التابعة لشركة جبس أمريكية، حيث كانت تعمل في قسم الموارد البشرية. تذرف دمعة بينما تلتقط الكاميرا المخلفات المغطاة بالغبار في مكان عمل عادي. دباسة وسبورة بيضاء وطابعة وكوب يحمل علامة الشركة وقبعة صلبة، تركت عندما أغلقت شركة الجبس عملياتها في إمباير، نيفادا.
الفيلم، جزئيا على الأقل، هو عن العمل: لماذا نعمل، وأين؟ لكن قبل كل شيء، مع من؟ فيرن، التي حسنت منزلها وتركته في إمباير، تقود شاحنتها عبر وسط أمريكا وتتنقل بين الوظائف المؤقتة في مستودعات أمازون ومطاعم الوجبات السريعة ومواقع المخيمات.
ما يجعل هذه الوظائف السيئة محتملة على الأقل هو وجود زملائها الرحل. المناطق المحيطة أقل أهمية.
بينما يفكر أرباب العمل في كيفية استيعاب الاحتياجات المرنة في فترة ما بعد الجائحة لموظفي المكاتب الأكثر امتيازا إلى حد كبير، فإنهم يتحدثون بشكل متزايد عن كيفية "إغراء" العاملين بالعودة. وفي ذلك ينتقلون بين الأوامر الصريحة والتلميحات العدائية السلبية، مثل مذكرة جولدمان ساكس للموظفين الأسبوع الماضي، لتذكيرهم بأن "ثقافة التعاون والابتكار والتدريب المهني تزدهر عندما يجتمع موظفونا". ويبرزون التركيبات والتجهيزات التي صمموها لجعل الحياة المكتبية آمنة وجذابة. يبدو أن بعضهم يركز على إعادة ترتيب كراسي المكتب على الهيكل الغارق لمكان العمل القديم.
لكن دون أشخاص لن يكون المكتب أكثر حيوية من مصنع شركة الجبس المهجور.
بعض الأساسيات ضرورية بالطبع، مثل الإضاءة والتدفئة وضمانات نظافة كوفيد. في الدول النامية، يمكن أن يكون المكتب ملاذا لبعض الموظفين، كما هي الحال، حتى في لندن أو نيويورك، لأي شخص لديه ترتيبات غير كافية للعمل من المنزل. مع ذلك، البنية التحتية المادية ليست سوى عنصر واحد ضروري للعمل المنتج.
ألقت صحيفة نيويورك تايمز نظرة الأسبوع الماضي على الطريقة التي تستعد بها "جوجل" للمستقبل. تقوم شركة البحث بتجربة محطات عمل خيام في الهواء الطلق، في الأماكن التي يسمح فيها الطقس، وأنظمة تهوية داخلية قابلة للتكيف، ومساحات اجتماعات تتضمن شاشات للقاءات الهجينة وقسما مخيفا قابلا للنفخ لحائط خارج المساحات المفتوحة من أجل الخصوصية.
ذكرتني الصور بـ"ويركسفيرس" Workspheres، وهو معرض أقيم عام 2001 في متحف نيويورك للفن الحديث استكشف مظهر وشكل مستقبل العمل.
أخبرتني باولا أنتونيلي، من متحف نيويورك للفن الحديث، التي رعت ذلك المعرض حيث كانت أول فقاعة دوت كوم تنفجر، أن العرض "نابع من النوع نفسه من الارتباك المثير الذي نحن فيه الآن". كانت أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة تتطور لتزويد العاملين "بمساحة ميتافيزيقية شخصية أكبر بكثير من مكان عملك الفعلي والواقعي"، كما تتذكر أنتونيلي.
واجه الزوار سيارة مرسيدس ذات دفع رباعي موديل MaxiMog المخصصة، والمزودة باتصالات عالمية آمنة (بما في ذلك جهاز الفاكس – تذكر أن ذلك كان في عام 2001)، ومنصة نوم، و"كبسولات" للمطبخ والحمام، وكلها كانت ستجعل من فيرن أكثر راحة بكثير.
تضمنت مشاريع أخرى سريرا متعدد الوسائط، صممه هيلا جونجيريوس، مزودا بلوحات مفاتيح وشاشات مدمجة، ورؤية ناوتو فوكاساوا لمساحة عمل يمكن للعاملين فيها إضفاء الطابع الشخصي عليها من خلال عرض ناطحات سحاب مختلفة على السقف.
عندما عدت إلى مقر "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ ستة أشهر، فوجئت كيف أعاد ارتداء البدلة وربطة العنق بعض الإثارة الخاملة حول وظيفتي. (دفاعا عن نفسي، أقول إنني اضطررت إلى ارتداء ملابس أنيقة إلى حد لتقديم أحدث مؤتمر افتراضي من جلوبال بوردروم Global Boardroom من استوديو تلفزيون فاينانشيال تايمز). لكن مستويات طاقتي كانت تعتمد أكثر على عدد الزملاء الذين قابلتهم شخصيا.
من الصعب إقناع كتلة حرجة من الموظفين بالعودة إلى المكتب دون التضحية بشمولية زووم ومزايا العمل من المنزل. المفارقة المركزية هي أن أفضل طريقة لتشجيع الناس على العودة قد تكون منحهم الحرية في عدم العودة. وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل أقسام الموارد البشرية مثل القسم الذي اعتادت فيرن على العمل فيه لا تزال تتصارع مع كيفية القيام بذلك، بعد 20 عاما من تقديم متحف نيويورك للفن الحديث رؤيته لمستقبل مرن.
تؤمن أنتونيلي بقوة التصميم، وهي متفائلة بشأن مستقبل وسط مدينة مانهاتن والمدن الأخرى التي تعتمد على "خلايا الدم الحمراء والبيضاء" المتداخلة بين الركاب والمقيمين. لكن ما إذا كان العاملون في المكاتب سيعودون بحماس وكيف سيعودون، فهذا ليس "قضية تصميم؛ بل هي مسألة علاقات عمل".

الأكثر قراءة