Author

مبادرة عظيمة .. المعنى والقيمة

|

في بادرة إنسانية مثالية عظيمة ويوثقها التأريخ بأحرف من نور، سجل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان اسميهما كمتبرعين بالأعضاء، وذلك في توجه كريم وبالغ المعنى والقيمة، حيث تأتي هذه المبادرة العظيمة اقتداء بالآية الكريمة التي وردت في قوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا). فتسجيل الملك سلمان وولي العهد كمتبرعين للأعضاء فيه إحياء قلوب الكثير من الناس والمجتمعات حول العالم، وتجربة رائدة مميزة، وأيضا تشجيع منقطع النظير بضرورة التبرع بالأعضاء وإنسانية ذلك، مع ما يحمله ذلك من قيم الإسلام العظيمة.

كما أنها دلالة واضحة المعاني، على حرص القيادة السعودية على حياة الناس، وإنقاذ الأرواح البشرية، ولو بأغلى الأثمان، ولا أغلى لدى الإنسان من جسده، فكيف عندما يكون المتبرعان هما أغلى وأحب الناس لدى المجتمع؟ هذه المبادرة تعكس قمة القيم الإنسانية النبيلة للقيادة السعودية، ونموذجا للقدوة الحسنة.

وبالفعل إنها رسالة ذات معان إنسانية عظيمة في شهر العطاء والإحسان، ولقد كان هذا الشهر حافلا بالمبادرات الخيرية العظيمة ومن ذلك تبرع خادم الحرمين الشريفين بـ20 مليون ريال، وولي عهده الأمين بعشرة ملايين ريال لمنصة إحسان في مطلع هذا الشهر، ومن ثم توالي تبرعات الشعب عبر المنصة، وهو ما يؤكد قدوة القيادة، وتسابق المجتمع السعودي في فعل الخير، والعطاء المتدفق امتثالا لتعاليم ديننا الحنيف.

كما أن هذه المبادرة الإنسانية الأصيلة تعد ترجمة فعلية لمسيرة الخير والعطاء الممتدة على أرض السعودية، وتجسيدا لقيم التكافل والبذل، وصورة مشرقة ترسمها القيادة باستمرار، لإبراز الوجه الحضاري والإنساني للوطن.

المركز الوطني لزراعة الأعضاء أنشئ قبل أكثر من 40 عاما، حيث تم بمبادرة كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، حينما كان أمير لمنطقة الرياض، واستشرف حينها مشكلة تزايد المرضى الذين هم بحاجة إلى التبرع بالكلى، وضرورة أن تكون هناك منصة وطنية لضمان حقوق جميع الأطراف، وتشجيع الناس على ذلك، فصدرت الموافقة بالأمر السامي في عام 1404هـ بإنشاء المركز الوطني للكلى لتكون هذه هي البداية، والنواة الحقيقية لمرحلة جديدة في تنظيم علاج مرضى القصور الكلوي المزمن النهائي، وتجهيز وحدات الغسيل الكلوي، وتنظيم ممارسة زراعة الكلى من الأحياء، والبدء ببرنامج التبرع بعد الوفاة الدماغية.

وكان لإنشاء المركز الوطني للكلى أثره في تسارع إنشاء مراكز الغسيل الكلوي على مستوى المملكة، ولقد حظي المركز بمتابعة مستمرة ومباشرة من الملك سلمان بن عبدالعزيز الرئيس الفخري للمركز السعودي لزراعة الأعضاء، وتم توسيع مهامه، وإنشاء مقر جديد له.

ثم استمرت جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز وتوجت بقرارات تقديرية ومزايا كثيرة سواء لذوي المتوفى المتبرع، والمتبرع على قيد الحياة، والمصابين، وإنشاء صندوق وقف لعلاج مرضى الفشل الكلوي ووضع عبارة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة بالتنسيق مع وزارة الصحة على بطاقة الأحوال المدنية، أو رخصة القيادة أو كلتيهما، كما تم اعتماد دليل إجراءات زراعة الأعضاء المحدث في السعودية، وأن يتم العمل به في جميع المستشفيات الحكومية والخاصة.

إن هذه الإشارات التاريخية لمشروع التبرع بالأعضاء، توضح اهتمام ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بهذه الفئة العزيزة من أبناء المجتمع التي تحتاج إلى زراعة الأعضاء، كما تشير إلى تاريخ طويل من الدعم وحرص القيادة على القطاع الصحي في المملكة، ودعم مراكز التبرع بالأعضاء، وأن القيادة السعودية مثال يحتذى به في الأعمال الإنسانية.

ولقد أكدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في بيان صادر عنها أن تسجيل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في برنامج التبرع بالأعضاء يعد من العمل الصالح الذي اتفقت الهيئات والمجامع العلمية الشرعية وفي طليعتها هيئة كبار العلماء في السعودية على عظيم أجره، وفق ما جاء في القرارات الصادرة عنها، وأن مقاصد الشريعة الإسلامية تحث على التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، باعتبارها صورة حية من صور الإنسانية، والتكافل المجتمعي الذي دعا إليه ديننا الحنيف.

إنشرها