القيادة بالقدوة ديدن خادم الحرمين وولي عهده الأمين منذ توليهما زمام الحكم، في المستجد الطارئ من الظروف، وفي الاعتيادي منها، طالما كانت نتيجة الفعل سنة حسنة وقدوة صالحة، تشيع الأجر بين الواهبين، والأمل في نفوس المستفيدين على لائحة الانتظار.
وبرنامج التبرع بالأعضاء، الذي أعلنت القيادة التسجيل فيه ركن أساس من أركان الصحة في البلاد، وهو الضامن - بعد الله - في إنقاذ عديد من الأرواح، التي تقف حياتها على هبة من أرقى أنواع الهبات الإنسانية.
فلا شك أن وهب الأعضاء من أجل وأعظم أنواع العطاء، الذي شهدته وتشهده البشرية قاطبة، وأن الدعوة إليه والبدء بالنفس لإفشائه بين الناس وتعزيز ثقافته تضاعف الأجر، لقيادة حريصة كل الحرص على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين.
وصولا لأن تكون ثقافة التبرع بالأعضاء فعلا شائعا بل ومرغوبا، أي أن نصل إلى مرحلة يكون فيها كل مواطن فردا واهبا في المستقبل، فالواهب يمكن أن يصبح متلقيا في أي لحظة، بسبب الظروف وبفعل الحاجة.
سنويا، يموت 17 مليونا و300 ألف شخص في العالم بسبب أمراض القلب، وهو ما يمثل 30 في المائة من الوفيات، حسبما تشير منظمة الصحة العالمية، فيما تنتهي حياة نحو 700 ألف شخص بسبب أمراض الكبد. من ناحية أخرى، يموت نحو 2.3 مليون مريض بالفشل الكلوي.
غير أنه بمقدورنا بعد هذه المبادرة والقدوة الحسنة أن نلعب دورا إيجابيا في تغيير هذه الأرقام، عن طريق "الوهب". فبحسب جمعية "من أحياها" وغيرها من الجهات المشابهة، فإن هذا العطاء يستطيع أن يغير الكثير، إذ إن كل واهب يستطيع إحياء ثمانية أشخاص بعد وفاته. بتفصيل أكثر، هذا الأمر يمكن أن يلغي، أو في أحسن الأحوال يخفض نسبة الوفيات بسبب أمراض القلب، لو أن المريض قد حصل على قلب من إنسان آخر، وترتفع هذه النسبة إلى 85 في المائة بالنسبة إلى أمراض الكبد، كما كان يمكن أن يحيا شخصان سنويا لو أنهما حصلا على كلية من واهب آخر، فيما تشير التقارير الطبية إلى أن 85 إلى 90 في المائة من عمليات زرع الأعضاء الأساسية تكون ناجحة بشكل كامل في الأعوام الخمسة الأولى، وفي طورها إلى التحسن والتقدم، تزامنا مع كثافة الوهب، وتعزيز تجاربه وثقافته، التي ينقلها خادم الحرمين وولي عهده اليوم بتبرعهما إلى مرحلة جديدة من العطاء، ستلهج بذكرها الألسن وبشكرها الأزمنة.

