الناس

عادل التويجري.. الوجه الآخر

عادل التويجري

عادل التويجري

نبيل المبارك

نبيل المبارك

اليوم فقدت أخا آخر اختاره الله إلى جواره في هذا الشهر الفضيل، وتحديدا في العشر الأواخر منه، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا إليه راجعون.
فقد الإخوة صعب جدا، ولا سيما فقد شخص كأخي عادل التويجري "أبو غيداء" - رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته، فمثل هذا الحدث يأخذ جزءا من روحك، يذهب ولا يعود إليك، وهذا الأمر شعرت به أيضا عندما غيب الموت قبل أعوام قليلة أخي عبدالله العيدان - رحمه الله.
الحمد لله على كل حال، فقد أفضيا إلى ربهما الرحمن الرحيم، وتركا دنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، نتصارع فيها دون كلل أو ملل، حتى يأتينا اليقين.
خسارة كبيرة لنا، وبإذن الله أنها بشارة حسنة للفقيد أبي غيداء، أن يختاره الله في هذه الأيام المباركة إلى جواره.
أكاد أجزم بأن كثيرين يعرفون عادل التويجري، الإعلامي الرياضي، لكن 99 في المائة منهم لا يعرفون من هو أبو غيداء، الذي أتحدث عنه اليوم.
أتحدث عن عادل الأخ، أو عادل الصديق، أو عادل زميل العمل، المهني في عمله حتى النخاع البعيد كل البعد عن الرياضة.
تتجاوز معرفتي به الـ20 عاما، منذ أن كنا زملاء في مؤسسة النقد العربي السعودي "البنك المركزي حاليا"، ومن ثم انتقل إلى العمل معي في تأسيس الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية "سمة"، في عام 2007، وكانت بداية علاقة صداقة وزمالة كنت أعتقد بأنها لن تنتهي، لكنه الموت فاجأنا وقال كلمته وأنهاها.
أتمنى أن أسرد لكم كل المواقف التي مررنا بها سويا، وكيف كان أبو غيداء يتصرف، وأتمنى أن تعلموا بأنه في أحد الأيام، لم ينم ثلاثة أيام متواصلة لكي ينجز عمله دون أن أعلم عن ذلك إلا بعد أن قال لي بعد أن سألته مرات عدة، وعندما عاتبته على تصرفه، أجاب برد، لم أستطع أن أقول له حتى شكرا.
وأتمنى أن أذكر أيضا أنه غامر بمستقبله من أجل عمله، وقاتل في مواقع كثيرة، وأتمنى أن أقول إنه وقف في وجه من حاول الإساءة لشخصي الضعيف، ويعلم أنه سيخسر الكثير بهذا الموقف، لكنه لم يتردد.
كما أتمنى أن تعلموا بأن أبا غيداء مؤسس حقيقي لقطاع كامل معي لأعوام طويلة، وكان هو المنفذ والمنظم والمترجم والمطور، كان ألف رجل في واحد.
في تقديري أن عادل التويجري ضمن المتميزين في ترجمة المصطلحات الاقتصادية من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية، في وقت لم تكن تلك المصطلحات مستخدمة، والتي اليوم هي على كل لسان، من خلال تأسيس مجله الائتمان، وتنظيم الملتقيات والمؤتمرات المحلية والعالمية لنشر ثقافة السجل الائتماني، وسجل المخاطر، وإجمالي التعرض الائتماني، وغيرها من أمور تخصصية نشرها بكل إتقان وتفان.
كما نجحنا سويا في تنظيم واستضافة أول وأضخم مؤتمر ومعرض متخصص بالمعلومات الائتمانية على مستوى العالم في المنطقة عام 2014، وكذلك شاركنا بجهوده الجبارة في المؤتمر نفسه في كندا عام 2018، وتحمل أعباء التنظيم والتنسيق دون كلل أو ملل.
ورغم علاقتي الطويلة به، لم يحدثني في الرياضة، إلا عندما سألته لمرة أو مرتين.
هذا جزء بسيط من وجه أبي غيداء، الذي لا تعرفونه، الإنسان المهني العملي، الذي يعمل بجد واجتهاد وتفان، وبكل إخلاص، وهي صفات قلما تجدها في شخص.
وأرجو من الجميع أن يسامحه، ويدعو له بالرحمة، والمغفرة عن كل ما قد يكون تقصير أو سوء فهم تجاهه، فهو رجل كان طيبا يشع شذا فواحا على الأرض، وعودا قد احترق بخورا لأجلنا، رغم كل الظروف والمحبطات التي عاشها أخيرا.
 قال تعالي: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي".
رحمك الله أبا غيداء.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الناس