default Author

العمل المنظم بعد الجائحة «2 من 2»

|
في عديد من الدول، يبدو أن الصعوبات المصاحبة للجائحة أدت إلى زيادة في بعض أشكال تنظيم العمالة. ونظرا لمتوسط عمر الأعضاء المرتفع نسبيا في النقابات العتيقة الطراز، يحاول القائمون على التنظيم تحديث أساليبهم، باستخدام وسائط التواصل الاجتماعي وشبكات العمل، على سبيل المثال، لحمل جيل الألفية على المشاركة من خلال الالتماسات والرسائل عبر الإنترنت الموجهة نحو مخاوف غير مرتبطة بموقع العمل المادي. وحتى العمال الشباب من ذوي المهارات العالية والأجور الأعلى يشعرون بقلق متزايد إزاء انعدام الأمن في العمل.
في نيوزيلندا، حيث جرى تعطيل النقابات بشكل كبير في سوق العمل منذ تسعينيات القرن الـ 20، تجري جهود المساومة لوضع حدود دنيا جديدة للأجور والمعايير المرتبطة بظروف العمل عبر قطاعات ومهن بعينها.
ما يدعو إلى التفاؤل أن مزيدا من المساهمين في أيامنا هذه يظهرون الانفتاح على فكرة مفادها أن التفاوض مع العمال بشأن الاستقرار الوظيفي والرفاهية وبرامج التدريب قد يكون مفيدا للإنتاجية والأرباح في الأمد البعيد، وهذا خروج عن النظرة السائدة منذ أمد بعيد إلى العمالة على أنها مجرد تكلفة أخرى يجب تقليصها إلى الحد الأدنى لمصلحة الأرباح ربع السنوية ومكافآت نهاية العام للمديرين التنفيذيين. من خلال مستوى معين من الإدارة المشتركة، حيث يكون جميع الأطراف لديهم مصلحة في توضيح الأمور والعمل نحو تحقيق أهداف بعيدة الأمد تجلب المنفعة المتبادلة، يصبح بوسع النقابات العمالية أن تتحمل مزيدا من المسؤولية عن المسار العام للشركات والصناعات.
مع ذلك، تظل مشكلة واحدة قائمة تتمثل في أن الحكومات قد تكون في بعض الأحيان أقصر نظرا من رؤساء الأعمال. على سبيل المثال، استخدم ناريندرا مودي رئيس الوزراء اليميني في الهند الجائحة كذريعة لفرض قوانين تعمل على إضعاف حقوق العمال وأمنهم. وبتشجيع من مصالح الشركات قصيرة النظر وأنصارها في وسائط الإعلام المالية، تدفع حكومته الاقتصاد نحو مزيد من انعدام الثقة على أساس طبقي، والاضطرابات الصناعية، وركود إنتاجية العمالة.
تتجلى هذه الاتجاهات بالفعل في أحداث أخيرة مثل نهب مصنع تجميع أجهزة iPhone التابع لشركة Wistron بالقرب من بنجالور، حيث يعمل نحو 2000 عامل دائم غير منتسبين إلى نقابات فضلا عن 7000 عامل بعقود. تتضمن المظالم التي أثارت غضب عديد من العمال، بسبب عدم دفع الأجور أو التأخر في دفعها، وتمديد يوم العمل إلى 12 ساعة دون إشعار مسبق أو استشارة، وعدم كفاية تدابير السلامة للنساء في النوبات الليلية.
كان أحد المصادر القديمة لتشرذم العمل في الهند متمثلا في الاستيلاء على المنظمات العمالية من قبل الأحزاب السياسية الوطنية التي يهتم قادتها غالبا بحشد الدعم الانتخابي لأجنداتهم السياسية أكثر من اهتمامهم بقضايا محل العمل اليومية. لحسن الحظ أن حركات مستقلة مثل مبادرة النقابات العمالية الجديدة ظهرت في الأعوام الأخيرة للتصدي لهذه الهيمنة السياسية.
لكن المنظمات العمالية أصبحت رغم ذلك في موقف عصيب في عديد من الدول. ولإعادة ترسيخ موطئ قدم للمنظمات العالمية، سيكون لزاما عليها أن تتحالف مع حركات اجتماعية أعرض للمناصرة، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي ستتمكن بها النقابات العمالية في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، من التغلب على القيود العديدة المفروضة اليوم على العمل الجمعي. وسيكون التقدم بطيئا إلى أن يتراكم القدر الكافي من الدعم الشعبي للنقابات، والقدر الكافي من المساءلة العامة لأصحاب العمل في الشركات، لمنع الشركات العملاقة مثل "أمازون" من تعطيل أو عرقلة تنظيم العمل ثم الإفلات من العقاب.
إنشرها