Author

هل تهدد الهند استقرار أسواق النفط؟ «1»

|
مختص في شؤون الطاقة
فيروس كورونا كوفيد - 19 لم يقتصر ضرره على صحة الإنسان فحسب، بل تعدى أثره السلبي إلى أبعد من ذلك بكثير، فقد اخترق جل القطاعات، فتفاوت تضررها بحسب مناعتها وقدرتها على التشافي من هذا الفيروس أو التعايش معه.
اقتصاد العالم يئن تحت وطأة هذه الجائحة التي شلت أركانه، حيث كان عام 2020 عاما صعبا جدا بل كان الأصعب على العالم بأسره واقتصاده. توقع الصندوق الدولي انكماش الاقتصاد العالمي في هذا العام بنحو 4.4 في المائة ما يعادل 3.7 تريليون دولار، ونسبة الدين العالمي من الإنتاج المحلي الإجمالي بلغت 365 في المائة، وهذا الضرر على الاقتصاد العالمي يتجاوز ثلاثة أضعاف أثر الأزمة المالية العالمية عام 2008، التي انكمش فيها الناتج العالمي نحو 1 في المائة، وهو ما يعادل 1.1 تريليون دولار. قد تكون هناك ضبابية حول مستقبل الاقتصاد العالمي على المدى القصير ومنه العام الجاري 2021، حيث إننا نشاهد بصورة متواصلة إعلانات حزم تحفيزية من حكومات الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وغيرها من الدول.
جل دول العالم تسعى جاهدة لتحفيز اقتصاداتها بكل قوة وفق قدراتها وإمكاناتها ومواردها، ما أسهم بإيجابية في التحسن التدريجي في الاقتصاد العالمي، لكن ماذا عن موجات كورونا التي تهدأ وتشتد؟ في رأيي كلما اقتربنا من الضوء في نهاية النفق المظلم للخروج من هذه المعضلة والأزمة الخانقة أبى هذا الفيروس ذلك - بأمر الله - الخروج من هذا النفق ولسان حاله يقول ليس بعد، قطاع النفط كان الخاسر الأكبر بين القطاعات الأخرى، بل كانت خسائره لا تقارن بأحداث عالمية مؤثرة مثل أزمة الأسواق الآسيوية، وكذلك الأزمة المالية العالمية، حيث انخفض الطلب على النفط بنسبة 5 في المائة التي تعادل ثلاثة ملايين برميل يوميا في أزمة الأسواق الآسيوية عام 1997، بينما انخفض الطلب على النفط بما يقارب 6 في المائة في الأزمة المالية العالمية، بواقع خمسة ملايين برميل يوميا.
في عام 2020 انخفض الطلب على النفط بصورة حادة، حيث بلغت نسبة انخفاضه نحو 22 في المائة، ما تعادل 23 مليون برميل يوميا، بسبب الجائحة التي تسببت في شلل اقتصادي عالمي، ما أدى إلى تراجع الطلب على النفط وانخفاض أسعاره ووصوله إلى أرقام تاريخية. ما قامت به "أوبك" بقيادة السعودية للتعامل مع هذه الأزمة الاستثنائية، هو عمل استثنائي يشار إليه بالبنان. في نيسان (أبريل) من عام 2020 وصل سعر برميل خام برنت إلى 19.3 دولار للبرميل، وبفضل من الله ومن ثم بفضل التعامل الأمثل مع هذه الأزمة وبتعاون الجميع تقريبا في خفض الإنتاج من داخل "أوبك" وخارجها، ورفع مستوى الالتزام في خفض الإنتاج، تجاوز سعر برميل النفط الـ 67 دولارا للبرميل.
هذا يعني أن الإجراءات الفاعلة التي تم اتخاذها أدت إلى ارتفاع أسعار النفط بنحو 250 في المائة، في المقابل من يشاهد عدد الحالات الجديدة يوميا المصابة بكورونا المطرد عالميا بقيادة الهند، التي تعاني أزمة حقيقة في ظل تفشي هذا الفيروس بسرعة قياسية قد يتوقع أن يؤدي ذلك إلى فرض حظر شامل في الهند يلقي بظلاله على الطلب على النفط. الهند من أكبر المستهلكين له ومن الدول التي تنمو بسرعة مطردة، فكيف ستتعامل أسواق النفط مع هذه الفرضية إن حدثت؟.
إنشرها