أخبار اقتصادية- عالمية

بعد عقدين من الإعداد .. معاهدة عالمية لحماية التنوع الإحيائي البحري في مراحلها النهائية

بعد عقدين من الإعداد .. معاهدة عالمية لحماية التنوع الإحيائي البحري في مراحلها النهائية

المعاهدة الأممية تتعامل مع نقل التقنية وبناء القدرات لدراسة التنوع الإحيائي البحري وحفظه وإدارته.

أخيرا، دخلت معاهدة عالمية جديدة تحمي التنوع الإحيائي البحري، هي قيد الإعداد منذ عقدين، في المراحل النهائية من المفاوضات، إذ يأمل المجتمع الدولي من المعاهدة التي تجريها الأمم المتحدة أن تقلص من انخفاض الحياة البحرية، وتحمض المحيطات، ووقف ارتفاع درجات الحرارة.
ومن هلام قنديل البحر المستخدم لتسريع التئام الجروح، إلى مستحضرات التجميل، إلى البدائل البلاستيكية القائمة على الحبار، يحمل التنوع الإحيائي للمحيطات إمكانات لا تحصى في المعرفة والموارد للبشر.
وينتج ذلك التنوع ما لا يقل عن نصف الأكسجين الموجود على الأرض ويغذي أكثر من ثلاثة مليارات شخص في جميع أنحاء العالم، لكن تغير المناخ وضغط النشاط البشري يتسببان في تدهور صحة المحيطات بسرعة، وهذا ما تقوله منظمة غير حكومية مقرها جنيف.
وطبقا لدراسة أرسلتها مينا إيبس، مديرة البرنامج البحري والقطبي العالمي، في الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، لـ"الاقتصادية"، "تؤدي زيادة التأثيرات المرتبطة بتغير المناخ، مثل موجات الحرارة البحرية، وانخفاض مستويات الأكسجين، وفقدان الإنتاجية، وتسريع التحمض إلى إضعاف قدرة الأنواع البحرية والأنظمة البيئية المعرضة للخطر، على تحمل الضغط الناجم عن الأنشطة البشرية الضارة، مثل الصيد الجائر والصيد العرضي وفقدان الموائل السمكية والتلوث.
وفي الوقت نفسه، تطور العلوم والتقنية بوتيرة سريعة دفع إلى تغذية السباق إلى قاع المحيطات، حيث تكمن جميع أنواع الحياة البحرية غير المدروسة وأيضا الكوبالت والنيكل ومستودعات المعادن الأخرى.
وفي حين أن المياه الواقعة ضمن الولايات القضائية للدول، لديها قواعد وقوانين تنظم كيفية استخدام مواردها، فإن المنطقة التي تقع خلفها ولا يرتفع فيها علم دولة تظل غير خاضعة للقوانين إلى حد كبير، أو على الأقل، يتم تنفيذها بشكل سيئ. أدى ذلك إلى بروز الحاجة الماسة إلى مجموعة جديدة من القواعد تنظم أعالي البحار.
ومنذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21، كانت فكرة وضع معاهدة جديدة للحفاظ على التنوع الإحيائي البحري وإدارته المستدامة في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية تتردد في أروقة الأمم المتحدة. لكن الانتظار طال حتى 2017، حيث دعت المنظمة الدولية إلى مؤتمر حكومي دولي مكلف بصياغة صك ملزم قانونا، يحمل اسم "التنوع الإحيائي البحري للمناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية".
وكان من المقرر أن تظهر المسودة النهائية للوثيقة العام الماضي في الدورة الرابعة والأخيرة للمؤتمر الحكومي، لكن بسبب القيود المتعلقة بوباء كوفيد - 19، تم إرجاء الاجتماع إلى آب (أغسطس) هذا العام.
وتقول لـ"الاقتصادية"، كريستينا جيردي، عضو اللجنة العالمية للمناطق المحمية في أعالي البحار التي تتابع المفاوضات عن قرب، إن الاتفاقية تعالج عددا من الثغرات، وتساعد في إنشاء شبكة من المناطق البحرية المحمية التي تبلغ الآن 1 في المائة فقط من أعالي البحار، وهو رقم سيرتفع إلى 30 في المائة.
كما سيضع الميثاق معايير دولية لتقييم الأثر البيئي لجميع الأنشطة التي تؤثر في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية تتضمن متطلبات لتجنب الآثار الدائمة السيئة، وأخرى مثل المشاورات وتبادل المعلومات ومعالجة المخاوف التي تثيرها الدول.
وتتعامل المعاهدة أيضا مع نقل التقنية وبناء القدرات لدراسة التنوع الإحيائي البحري وحفظه وإدارته، وتقاسم المنافع من الموارد الجينية البحرية، وهي أمور مهمة بشكل خاص للدول النامية والأقل نموا، ولا سيما الدول الجزرية الصغيرة النامية، التي تعتمد على الموارد البحرية، لكنها تفتقر إلى القدرات والتقنية.
وستصبح المعاهدة الاتفاقية الثالثة ضمن اتفاقيات الأمم المتحدة لتنظيم النشاط في أعالي البحار. ومنذ دخولها حيز التنفيذ في 1996، عالجت الاتفاقية الأولى مخاوف بعض الدول المتقدمة فيما يتعلق بالتعدين في أعماق البحار - استخراج المعادن من قاع البحر تحت 200 متر. سعت الاتفاقية الثانية - دخلت حيز التنفيذ في 2001 - إلى الحد من الاستغلال غير المنظم للأرصدة السمكية المتداخلة المناطق وكثيرة الهجرة -، الأنواع التي تتكاثر في أكثر من منطقة اقتصادية خالصة - خارج حدود الولايات الوطنية.
ينظم خليط إضافي من الأنظمة القانونية عددا من القضايا المتعلقة بموارد المحيط مثل الطيور المهاجرة والتلوث من السفن وعمليات البحث والإنقاذ. ومع ذلك، يجادل الخبراء بأنه على الرغم من عشرات الآليات الموجودة، لا تزال أعالي البحار تعاني سوء الإدارة. ويقولون إن "المشهد القانوني المجزأ والاستخدامات المتعددة وتضارب المصالح تسهم في التدهور العام في صحة المحيطات العالمية".
وتوضح جيردي، أن المشكلات القائمة ليست بيئية فحسب، بل تتعلق بقضايا العدالة والإنصاف وتقاسم المنافع، مضيفة أن صيد الأسماك في أعالي البحار، على سبيل المثال، لا يفيد سوى عدد قليل من الدول، بينما الصيد الجائر سيكون له في نهاية المطاف تأثير في مصائد الأسماك الساحلية وسبل العيش.
والمعاهدة في المرحلة النهائية من المفاوضات، لا تزال الدول بحاجة إلى التغلب على عدد من العقبات. وعلى سبيل المثال، أدى تقاسم المنافع من الموارد الجينية البحرية إلى خلافات لما تأتيه هذه المنافع من مزايا اقتصادية في بعض الحالات. أعربت الدول الصناعية المتقدمة عن دعمها للمشاركة الطوعية للمنافع غير النقدية في حين دعت عديد من الدول النامية إلى المشاركة الإلزامية لكل من المنافع النقدية وغير النقدية.
علاوة على ذلك، لن تحل المعاهدة جميع المشكلات، ستظل الدول بحاجة إلى معالجة قضايا الصيد الجائر، والإعانات، والصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم. تقول جيردي، من الصعب قياس مقدار الصيد غير القانوني وغير المنظم الذي يحدث في جميع أنحاء العالم، لكن التقديرات أظهرت أن سمكة واحدة من كل خمس، يتم اصطيادها بطريقة غير مشروعة على مستوى العالم. قد لا تجيب الاتفاقية على أسئلة ملحة أخرى، أحدها يتعلق بالتعدين في أعماق البحار.
وتقول، جيردي، توجد معظم رواسب النفط والغاز في الجرف القاري الذي يقع ضمن الولاية الوطنية، لكن أنشطة الاستخراج والاستكشاف يمكن أن تؤثر أيضا في التنوع الإحيائي البحري في أعالي البحار "لا تزال هناك خلافات حول ما إذا كان ينبغي تطبيق أحكام تقييم الأثر البيئي في الأنشطة داخل الولاية الوطنية".
ومثل معظم المفاوضات متعددة الأطراف، تلقت مفاوضات إبرام معاهدة عالمية حول "التنوع الإحيائي البحري للمناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية" ضربة من وباء كوفيد - 19، لكن من المقرر الآن أن تعقد جلسة جديدة في آب (أغسطس) في نيويورك. وما زال الأمر يعتمد على معدلات التطعيم وقيود السفر.
وإذا تم التغلب على الخلافات في جلسة آب (أغسطس)، فمن الممكن أن يتم اعتماد معاهدة عالمية جديدة بشأن حماية التنوع الإحيائي البحري هذا العام. بخلاف ذلك، ستمتد المشاورات الإضافية إلى العام المقبل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية