FINANCIAL TIMES

مرحى .. شركات التوصيل السريع تسدد فاتورة مشترياتك

مرحى .. شركات التوصيل السريع تسدد فاتورة مشترياتك

عامل من شركة جو بف للتوصيل السريع يحمل طلبية إلى أحد المنازل.

أحد العناصر القليلة المطمئنة خلال فترة الإغلاق - في بعض الأماكن على الأقل - هو الذهاب إلى السوبر ماركت للحصول على نصف لتر من الحليب ورغيف طازج وبعض الأفوكادو الناضج. لكن في اللحظة التي يعود فيها بسرعة ملايين المستهلكين الذين تلقوا اللقاح إلى المتاجر في أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، سيفضل مستثمرو التكنولوجيا أن تبقى في المنزل.
أصحاب رؤوس الأموال المغامرة حريصون جدا على استخدامك لتطبيقات توصيل أغراض البقالة الجديدة التي يدعمونها، لدرجة أنهم سيدفعون لك مقابل عدم ذهابك إلى السوبر ماركت. بعد تعطيل سيارات الأجرة، والذهاب إلى السينما، وتناول الطعام في الخارج، تأتي تكنولوجيا البقاء في المنزل الآن إلى متاجر البقالة، مع وعد بتقديم خدمات لوجستية فائقة وإرضاء فوري و- في الوقت الحالي - خصومات سخية. مطورو التطبيقات أعلنوا الحرب على دكاكين الحي.
منذ بداية الجائحة ضخ المستثمرون مليارات الدولارات في خدمات توصيل أغراض البقالة عند الطلب مثل "إنستاكارت" و"جلوفو" و"جيتير" و"جوبف". يتمثل الأسلوب الجديد الأكثر رواجا في استخدام "المتاجر المظلمة" - مستودعات محلية صغيرة مصممة لخدمة من هم ضمن دائرة نصف قطرها بضعة أميال - لتخزين بضعة آلاف من العناصر الشائعة التي يمكن توصيلها بعد ذلك بواسطة الدراجة الكهربائية في أقل من عشر دقائق.
في هذه الفئة من تطبيقات التوصيل السريع، يقول المستثمرون إن جنون التمويل لأحدث مجموعة من وحيدات القرن - الشركات الناشئة التي تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار – قد بدأ للتو. هذا المفهوم ابتكرته "جو بف" GoPuff في فيلادلفيا (قيمتها تسعة مليارات دولار) و"جيتير" Getir في إسطنبول (بلغت قيمتها الأخيرة 2.6 مليار دولار) لكن المقلدين ينتشرون بسرعة في برلين ولندن ونيويورك.
من المغري أن نطلق عليها اسم "جو بف" والأقزام السبعة - "ويزي" Weezy و"فانسي" Fancy و"جيفي" Jiffy و"فلينك" Flink و"ديجا" Dija و"قوريلاز" Gorillas و"زاب" Zapp (جميعها أسماء حقيقية لخدمات التوصيل السريع) - لكن يوجد منها بالفعل أكثر مما يمكنني تتبعه.
التميز، والموقع، والسرعة من المكونات الأساسية لشركة التوصيل السريع الناشئة. لكن مع تضاعف أعدادها، تكتسب المعركة من أجل العملاء شيئا من "نكهة أوبر". تمتلئ الشاشة الرئيسية لجهازي الآيفون بالهدايا المجانية: أولا، عشرة جنيهات استرلينية من شركة "قوريلاز"، بعد ذلك قسيمة بقيمة 15 جنيها من "جيتير"، ثم عرض من "ويزي" 40 جنيها إذا قدمت طلبين في غضون أسبوع. مع وصول تطبيقات جديدة إلى الحي الذي أسكن فيه في لندن أسبوعيا، يمكنني على الأرجح الحصول على مشتريات بقالة تكفي لمدة شهر تصل إلى عتبة بابي مجانا.
لكن حتى المخضرمين المتمرسين في هذا الأسلوب، ممن ينتمون إلى الجيل السابق من تطبيقات توصيل الطعام، يشعرون بالقلق. مع وجود الكثير من رأس المال المتاح لشركات التكنولوجيا الناشئة في الوقت الحالي "لا يهتم الناس بخسارة 20 مليون دولار أو 30 مليون دولار أو 40 مليون دولار في شكل قسائم أو (أن هناك) خدمات تخسر (المال) على كل طلب"، حسبما يقول نيكلاس أوستبيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ديليفري هيرو Delivery Hero، إحدى أكبر مجموعات توصيل طلبات المطاعم في العالم، التي فتحت أكثر من 600 "متجر مظلم" في جميع أنحاء الشرق الأوسط وآسيا.
يتساءل أوستبيرج: "هل إغراق السوق بالقسائم مستدام؟ لا. هل هي طريقة جيدة لجذب بعض الاهتمام؟ ربما (...) بمجرد الانتهاء من قسيمتك، سيخرج (منافس) آخر ويقدم قسائم مرة أخرى".
بعد إنفاق مليارات الدولارات خلال معارك مماثلة لاكتساب العملاء والاحتفاظ بهم - أولا في خدمة توصيل الركاب، ثم في توصيل طلبات المطاعم، وأخيرا في مشاركة الدراجات - قد يعتقد المرء أن المستثمرين سيكونون متحفظين في البدء في صب الزيت على نار أخرى تلتهم النقود. هذا الاعتقاد يكون صحيحا تماما عندما تكون معظم تطبيقات التوصيل السريع أصغر من أن تعرف كيف كانت تبدو الحياة قبل كوفيد - 19.
لكن عندما أسأل أصحاب رؤوس الأموال المغامرة لماذا لم يتعلموا الدرس، فإنهم يميلون إلى تجنب ظهور شركة ديليفرو الضعيف في سوق الأسهم ويشيرون بدلا من ذلك إلى "أوبر". بعد الأعوام القليلة الأولى الصعبة شركة عامة، تبلغ قيمتها الآن نحو 100 مليار دولار. على الرغم من أنها لا تزال تتكبد خسائر، وكثير من منافسيها أفلسوا خلال ذلك، إلا أن بقاء "أوبر" - المدعوم في جزء كبير منه بنجاح وحدة توصيل الطعام خلال العام الماضي - يثبت فقط لوادي السيليكون أنه يمكن أن تكون هناك مكافآت ضخمة للناجين.
يراهن مستثمرو تطبيقات البقالة على مليارات بأن العادات التي نشأت أثناء الجائحة ستستمر، خاصة بين الشباب والأثرياء الذين أصبحوا عملاء منتظمين لـ"جو بف" أو"جيتير" أو"قوريلاز".
لكن بعد خوض اللعبة مرات عديدة من قبل، كل دورة من الاستثمار المفرط تتوقف أسرع من سابقتها. ستولد شركات توصيل وحيدة قرن كثيرة ثم تداس من القطيع في لمح البصر.
لذا استمتع بأحدث حزمة تحفيز من وادي السيليكون بينما تستمر. اسمح لصاحب رأسمال مغامر بسداد ثمن ما تحتاج إليه من البقالة لبضعة أسابيع - وأنفق الفائض في أخذ سيارة أجرة إلى مطعم أو سينما بدلا من ذلك.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES