default Author

من الأحمر للبنفسجي

|
الانتقال من الأحمر للبنفسجي ليس مجرد تغير لوني في سجادة تعودنا أن يخطف لونها الأحمر الأنظار، إنما رسالة عالمية يحكي طيفها قصة بلد يعمل قادته بصمت ويردون بالأفعال، حتى قطعة السجاد جعلوها تنطق وتتحدث عن طبيعة وتاريخ ومستقبل وطننا الذي لا يشبه أي وطن.
تبهرنا تلك السجادة الحمراء ولا نعرف متى بدأ استخدامها، وما سر لونها الأحمر؟ ولماذا أخذت كل هذا الصيت؟ يقال، إن أول من استخدمها واختار لها اللون الأحمر هم البابليون لما عرف عن اللون الأحمر من تكلفة باهظة في تصنيعه وتثبيت لونه، إذ يحتاج إلى أعداد مهولة من أصداف الموركس لصناعته فضلا عن ثمن المواد التي تستخدم لتثبيته. أما المصريون القدماء فقد استخرجوه من حشرة القرميس، حيث يقومون بتجفيفها وسحقها للحصول على اللون الأحمر، وأدى شح هذا اللون وغلاء سعره إلى اقتصاره على أصحاب النفوذ والسلطة في العصور القديمة، وكان على العالم الانتظار إلى القرن الـ19 حتى يتمكن علماء الكيمياء من ابتكار صباغ أحمر اصطناعي أقل تكلفة وأكثر ثباتا.
هذه العلاقة إضافة إلى فخامة اللون وجاذبيته منحت للون الأحمر ميزته وأهمية من يستخدمه ما دعا الأثرياء إلى استخدامه في قصورهم واحتفالاتهم بعد تجميله باللون الذهبي ليزيده فخامة وتألقا.
ورد أول ذكر للسجادة الحمراء في القرن الرابع في مسرحية أجاممنون التي كتبها أسخيلوس في عام 458 قبل الميلاد فرشتها له زوجته من القصر إلى المرفأ بعد عودته منتصرا من معركة طروادة ترحيبا به وهي السجادة نفسها التي قتلته عليها غدرا. في عام 1821 مدت السجادة الحمراء إلى النهر تكريما للرئيس الأمريكي جيمس مونرو. وفي عام 1902 استخدمت سكة حديد نيويورك السجاد الأحمر للترحيب بالمسافرين عبر قطاراتها كأسلوب تسويقي يمنح المسافر شعورا بالراحة والتكريم وأول استخدام للسجادة الحمراء في هوليوود كان عام 1922 في العرض الأول لمسرحية روبن هود على المسرح المصري، وفي مطلع الستينيات استخدمت في الحفل الـ33 لتوزيع جوائز الأوسكار، لتصبح تقليدا متبعا في جميع الدول في المراسم والاحتفالات وتوزيع الجوائز حتى حفلات الخريجين ما عدا تركيا التي منعت استخدامها عام 2013.
لتأتي السعودية وتكسر كل الحواجز وتغير المفاهيم القديمة وتمنح تلك السجادة معاني أخرى مرتبطة بتراب الوطن ونباتاته وصناعاته وثقافته المستمدة من الأجداد بلونها البنفسجي، الذي يحاكي لون الأرض بعد نزول المطر وخطوطها الجانبية التي تتحدث عن حضارتنا وترسم مستقبلنا.
إنشرها